سفير جمهورية أذربيجان لدى المملكة الاردنية الهاشمية
الذكرى الثامنة والعشرين لمذبحة خوجالي ( إبادة جماعية)
أذربيجـان واحـدة مـن الدول المساهمين النـشطاء في مجـال مكافحـة الإرهـاب . فهي تسهم ً إسـهاماً كـبيراً في منــع الإرهــاب علــى نطــاق عــالمي لا سيما وانها قد عانت من الإرهاب الدولي في الماضي، وينبغي على المجتمع الـدولي قبـل كـل شـيء أن يـضع ً تعريفـاً ً واضـحاً للإرهـاب الدولي .. الذي يشكل اكبر تهديـد للأمـن والاسـتقرار الإقليمـيين والـدوليين . ويجب أن تُحَل هذه المسألة على أساس القانون الدولي وسوف يتحقق النجـاح بفضل تضافر الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي ككل .
كما تعلمون أن جمهورية أذربيجان هي أحدى الجمهوريات الإسلامية ، وواحدة من الدول الخمس المطلة على بحر قزوين وما أن تحررت من قبضة النظام الشيوعي في الإتحاد السوفيتي السابق عام 1991 ، الإ وتعرضت لعدوان غاشم من قبل أرمينيا المجاورة لتحتل أقليم ( ناغورني كاراباخ) والمناطق المجاورة له والذي يمثل نحو خمس مساحة البلاد ، حيث أرتكبت أبشع الجرائم في حق السكان العزل أصحاب الأرض بإستعمال أسلوب القتل والترويع وسياسة الأرض المحروقة بهدف تغيير الخريطة الديموغرافية لإقليم قرة باغ الجبلية وذلك بتهجير السكان الأصلين وإحلاال سكان جدد من أصول أرمنية بدلا عنهم .
لقد بدأ الأرمن، إبان تفكك الاتحاد السوفيتي بمحاصرة مدينة خوجالي التي تقع وسط منطقة قارباغ الجبلية ، ولها موقع استراتيجي مهم ، وتبعد 10 كيلومترات من مدينة خانكندي في الجنوب الشرقي من أذربيجان عند سلسلة جبال قرباغ ، ويوجد فيها المطار الوحيد في المنطقة والآثار التاريخية القديمة وآثار حضارة خوجالي – جداباي الأذربيجانية التي تعود الى القرنين الرابع عشر والثاني عشر قبل الميلاد ، كما عثر فيها على آثار مدفونة تعود الى العصر البرونزي مثل الصناديق الحجرية ، والسراديب والمقابر الضخمة ، وغير ذلك مناالآثار التي تعود لحضارة الأذربيجانيين القدامى.
ومن الجدير بالذكر بأن الأرمن قد اعترف بعذ ذلك أن الهدف الاساسي من هجومه على مدينة خوجالي هو تدميرها واخلاء عسكران- خانكندي المار بها والاستيلاء على المطار الموجود في حوزة الاذربيجانيين .
واعتبارا من 25 فبراير / شباط 1992 ، فقد كثف الأرمن هجماتهم على المنطقة بالتعاون مع الفوج 366 السوفيتي قرب مدينة خانكندي الأذربيجانية ، وفي ليلة السادس والعشرين من شهر فبراير من عام 1992 ، تلك الليلة المشؤومة أقدمت القوات الأرمنية وبمساندة الفوج السوفيتي رقم 366 وبدم بارد على قتل المئات المدنيين الأذربيجانيين وإرتكاب المجزرة في حق الشعب الأذربيجاني في خوجالي بمنطقة كارباخ الجبلية في الجزء الشمالي من أذربيجان . ونفذت مذبحة تعتبر واحدة من أفظع الجرائم التي أرتكبت ضد البشرية ، كما أقدموا على تعذيب الأسرى بكل وحشية ، ومن خلال هذا العدوان الفاشي السافر أثبت الأرمن حينها أنهم جاهزون لإرتكاب كل أنواع العمل الوحشي لتكريس إحتلال أقليم كارباخ الذي هو جزء لا يتجزأ من التراب الأذربيجاني ، و قد استشهد ليلتها 613 مواطنًا أذربيجانيًا بينهم 106 امرأة ، و70 من كبار السن، و63 طفلا، فيما 1275 و 150 منهم في عداد المفقودين حتى اليوم.
إن الإبادة الجماعية التي أرتكبت في مدينة خوجالي هي من أكبر المآسي البشرية في القرن العشرين، حصلت في سبيل تحقيق التهجير القسري لأصحاب الأرض وفي أكبر حدث مأساوي في المنطقة ، وهي صفحة سوداء في تاريخ البشرية التي التزمت الصمت تجاه تلك المذبحة بحق المدنيين والتي أكتفت بعبارات الشجب والإستنكار ولم يتحرك المجتمع الدولي والقوى الكبرى لإزالة آثار العدوان وردع المعتدي والذي أدى إلى إستمرار إحتــــلال أقليم قرة باغ الجبيلية حتى يومنا هذا وأدى الى نزوح اكثر من مليون لاجيء داخل بلادهم.
لقد نجا من هذه المجزرة 487 شخصاً أصيبوا بجروح بالغة، بينهم 76 طفلاً، فيما اختفت 8 عائلات بالكامل خلال المذبحة، وفقد 25 طفلاً كلا والديهما، فيما فقد 130 طفلاً أحد والديهما. بالإضافة إلى ذلك، بلغت قيمة الأضرار التي لحقت بالدولة الأذربيجانية بسبب الاحتلال 170 مليون دولار.
إن فحوصات الطب الشرعي وشهادات الشهود على المذبحة، تثبت بوضوح تعرض سكان خوجالي لتعذيب وحشي على يد الأرمن، مثل سلخ جلد الرؤوس وقطع الأنف والآذان والأعضاء التناسلية وفقء العيون، دون تمييز بين النساء وكبار السن والاطفال.
كما وقد أظهرت الصور والتسجيلات المصوَّرة التي التقطت في ذلك الوقت، تعرض الضحايا لقطع رؤوس وحرق وبقر بطون النساء الحوامل، ما كشف هول المذبحة ووحشية المجرمين.
ما حدث في خوجالي يعد انتهاكًا خطيرًا لعدد كبير من الاتفاقيات الدولية وأبرزها، اتفاقية جنيف لعام 1949، واتفاقية الأمم المتحدة لمنع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية، واتفاقية الحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب والعقوبات اللانسانية والمهينة واتفاقية حقوق الطفل، وغيرها من الاتفاقيات وقد أوضحت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في قرارها الصادر 22 أبريل / نيسان 2010، أن الأحداث التي شهدتها خوجالي، تعادل جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية. ويعتبر كل من شارك أو ساعد الأرمن في تنفيذ هذه المذبحة ضد سكان خوجالي من الاذربيجانيين ، شريكا كاملا في هذه الجريمة.
سعت أرمينيا جاهدة إلى تضليل الشعب الارمني والمجتمع الدولي ككل عن المسؤول الرئيسي خلف هذا الصراع ، وقد استرعت أذربيجان مرارا وتكرارا انتباه المجتمع الدولي بأن الوجود غير الشرعي للقوات المسلحة الأرمنية في الأراضي الأذربيجانية المحتلة يعد سببا رئيسيا لتصعيد الوضع ولايزال يشكل تهديد السلام والاستقرار الإقليمي ، من خلال الاستفزازات المستمرة من قبل وتعزيز قواتها العسكرية في الأراضي الاذربيجانية المحتلة وتغييرها الغير قانوني للطابع الديموغرافي والثقافي والبشري للأراضي المصادرة المحتلة والانخراط في الأنشطة الاقتصادية الغير مشروعة و غيرها من الانشطة ، بمافي ذلك نقل وترحيل للسكان الأرمن الى هذه الأراضي والتي تتبعه دفاعا واضحا يتمثل في ضم الأراضي الأذربيجانية الى أرمينيا وترسيخ الوضع الحالي، والذي يعد أمر غير مقبول وغير قابل للاستمرار.
تعتبر مأساة خوجالي ليس فقط إعتداءأ صريحا وحقد وكراهية تجاه المسلمين ، وإنما تثمل نهج للتطهير العرقي وجزء من مخطط كبير للدولة الأرمنية ضد السكان الأذربيجانيين والتي تهدف الى التأسيس العرقي لدولة الأرمن على الأراضي التاريخية الأذربيجانية. فقد تم قتل عددا كبيرا من الشيوخ والنساء والأطفال لإنهم مسلمين أذربيجانيين فقط..
وفي الحقيقة إننا في أذربيجان لم نستطع لغاية الآن الحصول على مجمل إعتراف المجتمع الدولي بحدوث تلك المذبحة رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها أذربيجان بهذا الصدد ، ونتيجة الجهود المبذولة من الجانب الأذربيجاني فقد إستطعنا الحصول على بعض المكاسب السياسية ومنها القرارات الصادرة عن مجلس الأمن ( 822، 853، 874،و 884 ) والتي تطالب بأنسحاب فوري للقوات الأرمنية من الأراضي الأذربيجانية ، وانه بالرغم من أن القادة الأرمن الذين نفذوا المذبحة مع شديد الأسف ما زالوا على رأس عملهم ويمارسون حياتهم الطبيعية ويفلتون من العقاب لغاية الآن .
لكن من جهة أخرى نستطيع القول بأنه قد تم الاعتراف رسميا بمذبحة خوجالي وتصنيفها كإبادة جماعية من قبل ما يقارب 16 دولة من دول اتحاد مجالس البرلمانات ، كذلك من قبل الهيئات التنفيذية والتشريعية في 24 ولاية من الولايات الأمريكية المتحدة ، كما اعترفت منظمة التعاون الإسلامي بأن أرمينيا دولة معتدية وبأن مأساة خوجالي إبادة جماعية ، كما أن الحملة َالدولية "العدلُ نحوَ خوجالي" التي أطلقتها عام 2008م السيدة ليلى علييفا المنسقة ُالعامة للحوار ِبينَ الثقافات بمنتدى شباب منظمة التعاون الإسلامي ونائبة ُرئيسةِ مؤسسة ِحيدر علييف الخيرية قد كان لها دورًا مهمًّا في الاعتراف ِبمأساة ِخوجالي الدولية على إنها إبادةٌ جماعية وجريمة ٌضدَ البشرية ِبجميع ِالمستويات.
أن الشعب الأذربيجاني شعب مسالم ومحب للسلام وليس لديه أية مطامع أو تطلعات للإعتداء على أراضي الغير ، فنحن أمة نفخر بتاريخنا العريق وديننا الحنيف ولدينا كم هائل من الأرث الثفافي والإجتماعي ، وبلدنا وطن لجميع الأشخاص الذين يعيشون فيه ، وبلــد يعــيش فيــه ممثلــون لمختلــف الأعــراق والأديــان في جــو مــن الــسلام والصداقة ، وهنا لا بد من الذكر بأن الصراع الأرمني الأذربيجاني قد نشأ بالتحديد في نهاية الثمانينات من القرن الماضي ونشب نتيجة الأطماع الأرمنية بالأراضي الأقليمية الأذربيجانية ونتيجة لهذه السياسة الغادرة إحتلت القوات الأرمنية ما مساحته 20% من الأراضي الأذربيجانية ، ونتج عن ذلك مصرع ما يزيد عن عشرة آلاف نسمة وجرح وتهجير مئات آلف الأشخاص من مواطنينا الذين أصبحوا لاجئين في بلدهم .
تتجه سياسة أذربيجان لحل النزاع بالطرق السلمية ووفقا لقواعد القانون الدولي ، ومستقبل جمهورية أذربيجان يقوم على الديمقراطية وبناء المجتمع المدني القائم على احترام حقوق الانسان ،ونحن ندعو دوما لإيجاد حل عادل لقضية منطقة ناغورني قراباغ ، ووضع حد لعدوان أرمينيا والمحافظة على وحدة أراضينا لا سيما وإن سكان خوجالي الأن موزعين حاليا في ما يقارب 48 منطقة بصورة مؤقتة ، وفي نفس الوقت فإننا على يقين بأننا سنسترد كل شبر من أرضينا المحتلة ، و ها نحن نسعى لنقل حقائق إبادة خوجالي وتقديمها للرآي العام العالمي بالشكل الكامل من أجل الإنصاف وتحقيق العدالة بإعادة الحق الى أصحابه ومعاقبة المجرمين الذين تأمروا في تنفيذ الجريمة ، والحصول على كافة حقوقنا المشروعة والحيلولة دون أن تكرار مثل هذه الجرائم في المستقبل .
إنني من موقعي هنا كسفير لجمهورية أذربيجان لدى المملكة الاردنية الهاشمية لا بد لي أن أشير إلى أنني وجميع أفراد الشعب الاذربيجاني ننظر بعين الاعتزاز والفخر لموقف المملكة الاردنية الهاشمية الشقيقة في دعمها لاذربيجان إتجاه قضية ناغورنو كارباغ بالامم المتحدة وكافة المنظمات الدولية ، وإصدار بيان من مجلس الاعيان الاردني الموقر أدان فيه وشجب هذه الإبادة الجماعية التي وقعت في مدينة خوجالي .
كما ويسرني أن أتوجه بالشكر والتقدير لجميع وسائل الاعلام الأردني وأخص وكالة الانباء الاردنية وجريدة الدستور وجريدة الرآي وغيرها ،وروؤساء التحرير ومندوبيها الصحفيين لجميع جهودهم المعتبرة وإهتمامهم بنشاطات سفارتنا في عمان وشؤون وقضايا جمهورية أذربيجان ودورهم البارز وحرصهم على تعريف واطلاع الرأي العام والشعب الأردني الشقيق بشؤون جمهوريتنا وقضاياها ونشاطات سفارتنا على أرض المملكة الشقيقة.