عمان- أكد خبيران اقتصاديان أن "أزمة فيروس كورونا المستجد تتطلب مشاركة وتكاتف كافة الأطراف لإنقاذ الاقتصاد الوطني، ووضع خطة طوارئ ومبادرات حقيقة لمرحلة ما بعد انتهاء الأزمة.
وشددا على أهمية فتح باب الحوار بين القطاعات التجارية والصناعية والغذائية وبين الحكومة؛ لمناقشة تداعيات جائحة "كورونا" على العاملين في تلك القطاعات.
جاء ذلك، في حوارية "الأوضاع الاقتصادية في ظل جائحة كورونا"، نظمها منتدى عبد الحميد شومان الثقافي، ذراع البنك العربي للمسؤولية الثقافية والاجتماعية، عبر تقنية (ZOOM)، أمس الإثنين، وأدارها المهندس رامي العدوان.
واعتبر وزير التخطيط الأسبق، د.إبراهيم سيف، أن جائحة "كورونا" فرضت على العالم الوقوع تحت "صدمة مزدوجة" من ناحية العرض والطلب، وأن هنالك حالة من الشكوى الضبابية لمبدأ إدارة الأزمة.
وبين سيف أن معالم الأزمة الحالية تتمثل في ثلاثة محاور؛ عمق الأزمة، وضبابية الصورة التي تدار فيها الأزمة، وعدم وضوح الإطار الزمني لعودة الحياة الطبيعية في المملكة.
وبشأن القطاع الخاص في ظل الجائحة، أشار سيف إلى أن الدولة الأردنية لم تتبن حزمة حقيقة لإنقاذه وتحفيزه، ما شأنه تعطيل مصالحه ومهامه، مؤكدا أهمية "إعادة النظر لهذا القطاع وإنقاذه من الأخطار المحدقة به من كل صوب".
وشدد سيف على حماية الفئات المستضعفة من عمالة المياومة وكبار السن والأطفال والنساء والمتضررين من الأزمة، وأن نتقاسم هذا العبء سويا، معتبرا أن "إنقاذ الجميع غير ممكنا".
ورداً على سؤال، قال سيف "دول عديدة وضعت إجراءات تحفيزية وإطار زمني لإعادة الحياة إلى طبيعتها، وعلينا بتسريع وتنظيم عملية إعادة الأنشطة إلى طبيعتها".
ولفت إلى أن منهج "الدخول في التفاصيل"، الذي تتعامل معه الحكومة في إدارتها لأزمة كورونا، أفرز مشاكل اقتصادية عديدة، خصوصاً بعد أن أصبح هناك درجة كبيرة من الوعي لدى المواطنين في التعايش مع هذه الأزمة.
وأكد سيف أن منهج الاستمرار بالسياسة الحالية، القاضية بالإغلاق شبه التام؛ يعني تراكم العبء على مختلف القطاعات الخاصة والمجتمع؛ ما ينعكس سلبا على إيرادات الخزينة.
في السياق، خلص سيف إلى أن العقلية التي تدير الأزمة، يجب عليها التفكير ببدائل معقولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، في ظل عدم قدرة تحمل الفئات المستضعفة التي توقفت مداخيلها بشكل مفاجئ على الاستمرار بالحظر المفروض.
وبحسبه، الضرورة تقتضي إيجاد آلية دائمة للحوار مع القطاع الخاص وكبار المشغلين والعمال في هذه المرحلة؛ لضمان منع تطور الأزمة وإدامة عجلة الإنتاج.
من جهته، أكد رئيس غرفة تجارة عمان، خليل الحاج توفيق، أن من أهم التحديات التي يواجهها القطاع التجاري اليوم، بعده عن مطبخ القرار وغرف العمليات، وغياب التشاركية بينهم وبين الحكومة.
وأوضح الحاج توفق أن القطاع الخاص "يعاني نقصا في السيولة، ولديه إشكالية تتمثل بعدم معرفته بانتهاء هذه الجائحة، مؤكدا أهمية التخفيف على هذه القطاعات، والتسريع بطرح حلول منطقية لإنقاذها.
وحمل الحاج توفيق، الحكومة والجهات المعنية، مهمة إنقاذ القطاع السياحي، الذي بات يعيش اليوم وضعا كارثيا جراء تبعات جائحة كورونا، مطالبا بإجراءات عاجلة لمنع توسع دائرة الضرر الذي طال القطاع للحفاظ على العاملين فيه.
ورداً على سؤال، أكد الحاج توفيق أن "الناس بحاجة لوقفة البنوك والضمان الاجتماعي في ظل هذه الجائحة"، محملا في السياق، الحكومة، مسؤولية مساعدة القطاعات الصغيرة، وإعطاء كل قطاع علاجه ليتعافى ويصمد.
مع تواصل تفشي فيروس كورونا وامتداد آثاره على الاقتصاد، توقع الحاج توفيق تراجع حجم عجز الميزان التجاري للمملكة في ظل التوقعات بتراجع المستوردات.
وطالب الحاج توفيق بتحفيز الاستثمارات المحلية واستقطاب الاستثمار الخارجي من أجل زيادة الإنتاج والصناعات المحلية وإحلالها بدل المستوردات، معتبرا أن الإجراءات الاقتصادية للحكومة للتعامل مع "كورونا" غير واضحة.
أما العدوان، فقال في معرض تقديمه للحوارية "مع نهاية الشهر الأول من حظر التجول والنجاح الكبير للحكومة في احتواء العدوى وبقاء عدد المصابين بالفيروس والوفيات منخفض نسبيا، يصبح السؤال الأهم إلى متى يستمر هذا الإغلاق، وماذا بعد كورونا؟".
وتابع "يبرز الهم الاقتصادي كمصدر للقلق، وربما أكثر من الفيروس نفسه، حيث تعطلت قطاعات واسعة وفقد مصدر رزقها.. وفي الوقت الذي تشعر فيه قطاعات كبرى والحكومة بنوع من الاطمئنان بأنهم قادرون على امتصاص الصدمة، ينتشر الخوف والهلع عند الشركات الصغرى والمتوسطة والمؤسسات الفردية وعمال المياومة والقطاعات غير الرسمية".
و"شومان"، ذراع البنك العربي للمسؤولية الثقافية والاجتماعية، هي مؤسسة لا تهدف لتحقيق الربح، تعنى بالاستثمار في الإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي للمساهمة في نهوض المجتمعات في الوطن العربي من خلال الفكر القيادي والأدب والفنون والابتكار.