في الحقيقة انني اعزي نفسي قبل ان أعزيكم ، حيث كنت اعتبر المرحومة اختا لي وأتقبل العزاء بفقدها معكم
وإنني أدعو لها من اعماق قلبي وبكل جوارحي بالرحمة والقبول في هذه الأيام الفضيلة والأكثر بركة وكرامة والأقرب الى اجابة رب العالمين للدعاء .
ولدنا العزيز
عادة ما يقال حين يتوفى الله عبدا من عباده انتقل فلان الى جوار ربه
أو انتقل فلان الى رحمة الله تعالى
وبظني انه لا يوجد في الدارين جوارا اكرم ولا رحمة اوسع من رحمته تعالى
فان أمك يا بني تنعم الان بجوار ربها وعسى ان تحظى بقبوله ورحمته
وكل الدلائل تشير الى حسن القبول باذنه ومشيئته تعالى .
ولدنا العزيز
لقد انتابني الحزن لوهلة ونحن نحثو التراب على قبرها لانني افتقدتكم واخوتها ، ومع كل التقدير لقسوة الموقف علينا وعليكم الا انني سرعان ما تفرست بوجوه الواقفين على قبرها فوجدتهم جميعا بمثابة اخوتها أو ابنائها
وكما فزعت فورا الى حديث رسولنا عليه الصلاة والسلام معلم البشرية الخير حيث يقول :
حين يموت المرء ينقطع عمله الا من ثلاث
صدقة جارية
أو علم ينتفع به
أو ولد صالح يدعو له
إذن فقط هي هذه الثلاثة التي تصل .
اذن فقط هي هذه الثلاث التي يصل أجرها وثوابها للمتوفى
وليس بمن حضر من الأهل والأحباب ولا بعدد المشاركين ولا بمن ترددوا على بيوت الأجر والصواوين ولا بغيرها وإنما فقط وفقط بتلك الثلاث يصل الأجر وترتقي منزلة من فقدناهم في جنات النعيم .
وأنتم ما شاء الله عنكم ضربتم اروع الأمثلة في بر الوالدين في حياتهم ويقينا ستكونوا كذلك في مماتهم ولن تبخلوا عليهم لا بالصدقة ولا الدعاء باذنه تعالى .
وأما العلم الذي ينتفع به
فلو أتيح ذات يوم لمراقب محايد ان يطلع على تفاصيل حياة والديكم .
رحمهما الله ويوثق تجربتهم منذ اقترنا ببعض وحتى غيبهما القدر لكتب عنهم الكثير مما يمكن ان ينتفع به الناس من دروس في الكدح والإصرار والصبر على الكثير من الابتلاءات وتقلبات الحياة
وسيكتب انهم كانوا ممن وفقهم اللهم باداء رسالتهم المقدسة نحوكم ونحو دنياهم وآخرتهم