كثيراً ما شغلتني هذه الشخصية وأحاول مرارا الدخول لصفحتها والبحث عن هذه المرأة المختلفة والفريدة وعندما نحاول أن نكتب عن شخص معين لا بد أن ينتابنا خليط ومزيج من مشاعر الخوف والشغف ؛ الخوف من انتقاد الناس والاتهام بالتحيز والمحاباة والشغف لذاك الأثر الرائع الذي تركه هذا الشخص في نفسك وشخصيا أفتخر بتحيزي ومحاباتي لكثير من رجالات وسيدات البادية من الجيل الثابت والعاصفة القوية أمام قسوة رمال البادية وصحرائها .
غزوة متروك العون سيدة أردنية بدوية ضربت جذورها البادية الشمالية لترعى هذه الجذور بغذاء حب الوطن والبادية الأردنية جلّها وحيث أن الانسان وليد البيئة وابنها فقد ساهمت هذه الباحثة بتوثيقٍ وتضمين وتأكيدٍ لحسها وعشقها لهذه الأرض ومن عليها من صخر وطير وزهر ومقتنيات قديمة بصورة جمعت بدل الألف كلمة كل معاني الانتماء والخوف من الاندثار .
وعليه فقد جندت العون بعدسة الكاميرا وجوالها ما عجزت عنه وزارة السياحة من مناظر ومشاهد ولوحات معزوفة تحير الألباب والعقول وتقف أمامها منذهلا صامتا لتقنع نفسك أنك فعلا في الأردن وهل ستصدق حجم تلك الجمالية التي ترتديها حلل البادية ؟ لتؤكد لنفسك وللجميع كمية التهميش والإقصاء والمعاناة التي تعتري بوادينا بحجة الفقر والعوز والأقل حظا لتصل لحقيقة التصادم الفعلي بين انتماء صادق ومطلق وانتقاص الحقوق والتنمية .
ولا تغيب صورة المرأة البدوية بلباسها الذي يجمع ويوفق بين متطلبات الزينة من ملبس وحلي ووشم تعبيري ليعلن المدرقة والعصابة ويتوجها كأعظم لباس تاريخي يجمع بين الشموخ والعزة والجد والحكمة التي ترسمها تجاعيد تلك اليد والخد فتحكي قصة جيل كادح تعب وأفنى وأثمر الزرع والنتاج فنال حسن الذكر والذكرى .
وفي النهاية نحن نحتمي ونلوذ كثيرا خلف شاشات تقدم لنا من القديم العذب الصادق الزلال ما ينسينا ويزيح الكثير عن كواهلنا من عناء حضارة كاذبة وخادعة لم تأخذنا بعجلتها السريعة إلى مصاف الدول المتقدمة ولا تركتنا نتعب وتتعثر وننهض ونقاوم كصخرة سوداء باقية ولم تصنع منا يا غزوة جيلا متمردا متحديا كشقائق الورد بين ثنايا الجبال أو حرا مريدا كصف الطيور ذاك ولا متفائلا كابتسامات الجدات وصور الأطفال .