أشعر بالفخر ان تكون حتى اللحظة نسبة النساء اللاتي أعلنّ اعتزامهنّ الترشح لانتخابات مجلس النواب التاسع عشر تفوق أعداد السنوات الماضية، فهذا ما نحتاجه في بلادنا: سيدات واثقات بأنفسهن وقادرات على أن تخضن معترك السياسة والخدمة العامة، وبالتالي قد نصعد درجة على سلّم انخراط المرأة في العمل العام ودرجة في تقبّل واحترام المجتمع لذلك.
لا يزال من المبكر قليلا الحسم إذا كانت النساء اللاتي اعلنّ ترشحهن (وقد بلغ عددهن نحو 450 سيدة) ستترشحن فعلاً، كون الرقم المذكور قد يكون الأعلى في اعداد النساء المترشحات منذ سنوات طويلة، ولكن طبعاً يحقّ لنا جميعاً أن نفخر بالفكرة وبالنيّة، خصوصا وأني كوني إحداهن، أتأمل في أن يخطو المجلس المقبل خطوات نحو التغيير في شكل وهيكلية الحياة العامة ومشاركة المرأة فيها، وأن يختلف لصالح هذه التغييرات عن المجالس السابقة.
لقد عايشنا إشكالات كثيرة تتعلق بطبيعة مشاركة المرأة وعملها لصالح قضاياها في المجالس السابقة، ومع كل الاحترام للنائبات اللاتي شاركن في هذه المجالس ولجهودهنّ الكبيرة، إلا ان تركيبة المجتمع والمجالس لم تسمح لهنّ بخلق ضغطٍ حقيقي وكبير لصالح المرأة ووجودها وقدرتها على التغيير في الأردن، وهو ما لازلنا نحتاجه.
وحين أقول قضايا المرأة، لا اتحدث فقط عن أي قضايا تقليدية قد تخطر بالبال كقضايا الحضانة والأمومة فقط، بل إلى جانب ذلك عن كل ملفات وقضايا المجتمع، فهي جميعاً قضايا النساء اللاتي يقوم الأردن على كواهلهن كما على كواهل اخوتهن الرجال، وبالتالي يقع على الطرفين عبء ترسيخ وجود المرأة في المجالس، وبنسبة تتجاوز بمراحل الكوتا الموجودة حاليا، ويبدأ هذا التغيير من الانتخابات البرلمانية القريبة.
تجارب العالم بمعظمها تثبت أن النساء قادرات- بذات الدرجة التي يستطيعها الرجال- على إدارة المؤسسات والشؤون العامة إن لم يكن بدرجة أكبر وأكثر حكمة، وجميعنا نتابع رئيسات الوزراء ورئيسات البرلمان وغيرهن من السيدات اللاتي تغيّرن وجه المشاهد السياسية والاقتصادية في بلدان كثيرة كالدنمارك ونيوزيلاندا وألمانيا والولايات المتحدة وغيرها، والأردن ليس استثناءً فلديه سيدات تحملن خبرات وتجارب كبيرة وواسعة وقادرة على التغيير، والبرلمان بوابة واسعة للتغيير الجاد والمنظّم.
وصول المرأة للبرلمان ببرامج واعية وقادرة على التغيير التشريعي والهيكلي، لا تحصل بالعادة فجأة وانما تحتاج أيضاً لتغيير في نظرتنا للنساء والثقة بهن وبما يستطعن تقديمه لهذا البلد، ما يجعل المطلوب أن نتذكر جميعاً أن بناتنا وأمهاتنا وأخواتنا المرشحات بحاجة لدعمنا وأنهن لسن حشواتٍ للقوائم ولا يمثلن فقط "ديكوراً" في المشهد الانتخابي، بل على العكس قد تكنّ هنّ التغيير الذي نأمل به ونطمح لتحقيقه.
سيدات الأردن قد تكنّ الأقدر على تحسس هموم الأردنيين ومشاكلهم وإيجاد حلول لها، وهذا لا يمكن التنبؤ به إلا بعد أن تصبح المرأة ممثلة فعلاً في البرلمان والمؤسسات المختلفة بنسب تقترب لوجودها الحقيقي في المجتمع، فهي بالأردن يساوي وجودها النصف.. نصف المجتمع الأجمل والأكفأ والأكثر دعماً للنصف الآخر.. ولذلك فأردننا الحبيب يحتاج في هذه المرحلة أن نمكّن نساءه لتقدن مرحلة التغيير بذكاء ولندخل مئوية البلاد وقد قطعنا شوطاً إضافياً بهذا المجال.