العميد المرحوم العيط مطر العنزي الرجل الذي أتعب اليهود وهو يقاتلهم في حرب ١٩٤٨ وحرب ١٩٦٧ وفي الكرامة وفي حوادث الأمن الداخلي ١٩٧٠ ، يرحل إبن قبيلة " عنزة" بصمت مثل كل القادة العسكريين ، ما زال الرصاص في كتفه ورقبته، يغادر فارسا حتى لو كان على فراشه ، فمثله تاريخ من دم وعبق وبارود ، يرحل بعدما قدّم وأوفى العهد والنذور للوطن ، مخلصا للبلاد وللعرش .
يقول العيط مطر في مذكراته عن معارك الجيش العربي في القدس 1948:
"كانت الكتيبة الثانية مرابطة في الشيخ جراح إلى أن تسلمتها الكتيبة الثالثة لتندلع معارك شرسة ،أصيب فيها الكثيرون من الجنود وكنت من بينهم لتستقر رصاصة في رقبتي وأخرى في كتفي ، أسعفت الى المستشفى وبعد أيام خرجت منها على مسؤوليتي وعدت إلى كتيبتي التي صمدت في مناطق بقيت عربية حتى حرب حزيران عام 1967 .
كانت معارك الشيخ جراح طاحنة وكنا ننظر بإستهجان للضباط حين كانوا يطلبون منا أن نأخذ الأرض ، كنا نرد عليهم لم نأت لنختبىء من اليهود جئنا لنحاربهم ، وفي ضمير كل واحد منا أن سقوط القدس يعني نهاية الحرب ، كان الهدف أن نطهر المدينة من اليهود وكانت سيطرة الجيش العربي على منطقة الشيخ جراح فرصة للاتصال بأهالي المدينة القديمة وقطع الإمداد اليهودي وتدمير الروح المعنوية لليهود.
قصفت المدفعية الأردنية مناطق القدس الغربية بوابل من القذائف وبقيت طلقات الرشاشات متواصلة ليل نهار وكانت المدافع متمركزة على المرتفعات الواقعة الى الشمال من القدس بما فيها التلة الفرنسية حتى تمكنت القوات الأردنية من طرد قوات (ارغون) اليهودية منها وعزل الحي اليهودي في القدس القديمة.
نحو ألف شهيد وجريح من الجيش العربي رووا بدمائهم الزكية أرض القدس وبقيت الكتيبة الثالثة تحارب بتصميم وإندفاع طوال ثلاثة أيام وفي المقابل فقد كانت خسائر العدو من الجنود أيضا كبيرة إضافة الى أسرى نقلوا الى معتقل أم الجمال في المفرق".
رحم الله البطل المرحوم العميد المتقاعد العيط مطر وأسكنه عليين مع الشهداء والنبيين والصديقين وحسن أولئك رفيقا.