بالخمسينات رجل من رجالات بني حسن يدعى سلمان الحمد الخلايله وهو ابن لأحد شيوخ بني حسن المعروفين والمعدودين طلب النسب الطيب فحج إلى بلاد الله الواسعة بحثا عن زوجة يجد بها الأصالة والعراقة والشيم الطيبة وأخذ معه رفيق طريق وصديق لصيق فلم يبتعدا كثيرا حتى وصلا إلى مشارف عمان في موقع المدينة الرياضية اليوم وهي مرابع بيوت عشائر العبداللات في المدينة الرياضية فعند وصوله سأل عن شيخ العرب فقيل له انه الشيخ شفيق الحاج مهاوش العبداللات من شيوخ السلطية المعدودين فنشد بيته يسأل عنه فخرجت له صبية ترتدي المدرقة السلطية مرحبة بالضيوف مهلله بقدوم ضيوف الرحمن وقالت لهم تفضلوا تراكم وصلتم فقال لها على استحياء الشباب أريد الشيخ لي بيه غرض فقالت له ابشر باللي جيت بيه ولأجله تراك وصلت وأنا بنته تواصيف والشيخ قريب والساعة يصل وإن شاء الله طلبك يحضر وهي لا تعلم طلبه وأرسلت احد الفتية الصغار يبحث عن الشيخ ويعلمه بوصول الضيوف وانثنت على شاب آخر وقالت له أسرع واطلب الراعي خله يجيب جدي مليح للضيوف، وصل الشيخ على عجل واستقبل الضيوف وهلل ورحب بهم وسامرهم وجاملهم وأكرم وفادتهم وتبسط معهم ودعاهم للمبيت فكانت نتيجة طيب اللقاء أن الضيف تبسط وخرج من غربته بشعور الدفء الذي غمره فتبادل الحديث مع المعازيب ، خرج الشيخ لابنته وأثنى على فعلها الذي اعتاده منها ، فقالت له أن الضيف عند وصوله ينشدك بالاسم وقال بان له حاجة بك وله عندك طلب فارتد الشيخ للضيف الجالس وسط المعازيب مرحبا مهللا وقال له ترى المعزبه علمتني أن لك بنا حاجة فابسط حاجتك تراك وصلت أن الله قدَّرنا عليها فعرف بنفسه وبسط أمره وسبب خروجه بحثا عن حليله من دياره وقال له تراني يا شيخ أشوف أن طلبي بإذن الله هو عندك وان وافقت تراني أسير لك جاهه أولها عندك وأخرها بالزرقاء ومالي علوم بالبنت إلا الطيب اللي شفته اليوم ، استمهل الشيخ الضيف وخرج للبنات وعرض طلب الضيف وقال من اللي خرجت له (صمتن) ترى الضيف طالبها فردت الحجة حنا باللي توافق عليه حنا نسير ومالنا بعد رأيك رأي جال نظره بين البنات فما وجد مخالفة وعاد للضيف وبشره بالإجابة وطلب منه التيسير على العباد وتحديد ألجاهه بالدنوة من أبناء العشيرة .
فرح الشاب وجرت جميع المراسيم وتزوج وسكن بالمدينة الرياضية (بالقرب من انسباه ولغاية الآن يقيم هو وأبناؤه هناك)، في توالي الستينات كان له غرض من زيارة الأهل والعشيرة في الزرقاء فذهب لزيارتهم وتصادف أن وصل إلى بيته لفيف من عشيرة الخلايله على غير موعد فهو ابن عم وهم في عمان يراجعون بالعبدلي عندما كانت معسكرات الجيش هناك والقيادة هناك، وكان ملتقى أبناء الأردن في رحاب قيادة الجيش فوصلوا مع صلاة الظهر وجميع الشباب بالدوام وليس بالحي إلا النساء والأطفال حتى اللحام كان قد أغلق ملحمته وغادر ، فما كان منها إلا أن استمهلت الضيوف قائله (ان أبو محمد بالطريق وهو سيعود وانتم أصحاب دار) وقامت بفرش الفراش بحوش الدار وصبت القهوة لهم ورحبت بهم ثم انثنت على بيت جار لهم لديه صيره غنم فلم تجد احد بالمنزل فأخذت أفضلها ووضعت سلم خشبي على جنب البيت وقامت بذبح وسلخ الثني ووضعت الجلد على جدار المنزل مواجه لمنزل صاحب الصيره ليعرف أين هي حاجته وطبخت الزاد فما كان آذان العصر إلا والزاد قد جهز وما هي إلا لحظات وإذ بسيارة قادمة تطوي الأرض وينزل منها أبو محمد السلمان فيرى الضيوف وقد تحلقوا حول المناسف فدخل مرحبا بهم ودفع بأبنائه إلى المحلات المجاورة وان كانت بعيده قليلا ليحضروا خضار وفواكه للضيوف ودخل عل ثنيته يواكلهم ويسامرهم ويرحب بهم وقامت أم محمد بتركيب الشاي على البابور نمرة ثلاثة لكي لا يتأخر عن الضيوف وتم تقديم الفواكه والشاي والحلو وشرب القهوة السادة وعند التسامر قال احد أبناء العم والله يا أبو محمد كل مانريد نقوم أم محمد تقول انك على وصول والحين تزعل إذا قمنا وما شفناك فقال أبو محمد يا إخواني ويا أبناء عمي والله إني ذخرت عمري من عشرين سنه لهذا اليوم اللي بيضت فيه الأصيلة أم محمد وجهي هاذي الأصيلة تواصيف بنت الشيوخ بارك الله بها ، خرج لأم محمد وشكرها واثنى على فعلها وقال لها الذبيحة من وين فقالت له قبلك على جارنا الشيخ سند فقد أخذت الثني ولم يكن احد بالمنزل فذهب إليه وطلب منه أن يحدد قيمة الثني فقد تم أخذه ولم يكن احد بالمنزل فلك ثمنه مربع فقال الشيخ سند الجدي للضيف والضيف ضيف الرحمن وهو لك ولنا وما نوخذ عنه بديل وعوض وأنت مسامح دنيا وآخره وتواصيف بنتنا وهي ماينه على المال كله.
بقي أن أقول أن الشيخ سلمان الحمد الخلايله أبو محمد لم ينس جاره الذي أكرمه وبقي الود قائم والنسب موصول ومتواصل وانتهز الفرص لرد الجميل فالجميل قائم بين الناس.
آه ما أجمل الكرامات بين الناس وما أجمل أن تبحث عن أبناء الأصول وما أجمل أن نربي أبناءنا على الأعراف والتقاليد والعادات الأصيلة وليس الباهتة واستغلال غيرنا من الناس..