لأسباب عديدة يبدأ الشباب العربى حياته متأخرا، ربما على المستوى الخاص والسياسى أيضا، ويؤدى الفقر والبطالة وعدم تكافؤ الفرص الى الإنكفاء على الخلاص الفردى فيستغرق الشاب زمنا طويلا حتى يصل الى نقطة إشباع معقولة له، ثم ينتبه الى تعرضه للشيخوخة المبكرة بعد فتور حماسه وجرأته، ثم تأتى عوامل خارجية تتفاعل مع درجات اليأس والإحباط فتُولّد وهجا من نوع آخر، ولكنه يأتى متأخرا.
هنا، يحدث الإلتباس بين الجيل بالمعنى الفكرى والفكر داخل الجيل، وتظهر ثقافة الأزمة، وما تحمله من استقطاب وسيولة فى الحراك الاجتماعى بين الأجيال. وكذلك الأنساق الفكرية الطبيعية لكل جيل، فيشعر الكبار ممن فاتهم القطار بخيبة الأمل، ويتشكك الشباب الجدد فى قدرتهم على الإنفكاك من هذا المصير (جيل منتصف العمر)، وتتمثل الحيرة فى طرح متأخر لسؤال ملح: من المسئول عن هذا؟، وهل لا تزال هناك فرصة؟، وهل المشكلة فى القدرات الذاتية أم فى السياسات المتبعة؟
لما تقدم ولاعداد جيل مدرب متمكن يكون أهلا لمواصلة المسيرة جيل بعد جيل وجب الحديث الى الشباب وفحص تطلعاتهم وتعزيز دورهم في التنمية والديمقراطية وتمكينهم من ممارسة العمل السياسي والاجتماعي واعدادهم وتدريبهم لتحمل المسئولية، وإلا ظل القول بأن "الشباب هو محور التنمية وأداتها" مجرد شعار.