تشغل القضايا الاقتصادية والاجتماعية مركزاً متقدماً في سلم أولويات جدول الاعمال العالمي، سيَما بعد مرور خمسة أعوام بعد اعتماد خطة التنمية المستدامة 2030 والتي تعتبر نقطة مرجعية تدعو البلدان كافة الى الارتقاء برفاه مواطنيها واستدامة ما يضمن قابلية استمرار التطور والنمو على المدى البعيد، إذ تلعب عناصر العلوم والتكنولوجيا في مجالاتها المختلفة دوراً مهماً في تنفيذ أهداف هذه الخطة ضمن سياق التعاون الدولي ، فقد شهدت بدايات القرن الحادي والعشرين تقدم لمجالات العولمة الاقتصادية وما رافقها من ظهور سياسات وبرامج ابتكارية لتطبيق وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي تيسر تبادل المعلومات والمعارف والتجارب ، ما اتاح اعتماد طرق جديدة للابتكار والابحاث لمعالجة قضايا دولية معقدة مثل تغير المناخ وشح الموارد والمسائل البيئية والاجتماعية عن طريق سياسات ابتكار جديدة. تركز تلك الطرق على الرؤى الرفيعة المستوى المستندة الى أهداف وغايات ومن خلال استراتيجيات تطبيق الوسائل والتدابير التشغيلية التي تمكن من تحقيق تلك الرؤى.
وبصرف النظر عن المسميات؛ فمفهوم الابتكار الذي نشأ إثناء الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر والمتمحور حول المجالات الاقتصادية والاجتماعية هو مفهوم قديم قدم البشرية نفسها ويسبق حتى نشأة أقدم الحضارات الانسانية ، فلطالما سعى الانسان الى التغلب على تحدياته المادية و ومحاولة التكييف مع بيئته والتحكم بها.
المجتمع الدولي لحقوق الانسان سعى الى محاولة ايجاد علاقة ترابطية بين وسائل الابتكار وحقوق الانسان والتنمية المستدامة من خلال أدراج الابتكار ضمن الغايات المنشودة من أهداف التنمية المستدامة التي بُنيت وفق نهج حقوقي والتي التي تسعى بدورها إلى معالجة المسائل الاقتصادية والبيئية والاجتماعية فقد تم ادراج تشجيع الابتكار في الهدف التاسع « إقامة بنى تحتية قادرة على الصمود ، وتحفيز التصنيع المستدام للجميع، وتشجيع الابتكار»، كما وقد أدرجت التكنولوجيا في الهدف السابع عشر ضمن أنشطة وأهداف قابلة للتحقيق على المدى البعيد.
أضافة الى أنَ العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وهو أحد الاتفاقات الدولية التي تم الاعتراف بها عام 1966 سعى الى احترام وحماية الحقوق الموضوعية التي يحميها العهد والتي أنطوت على أبعاد متعددة لمكافحة الفقر والجوع والبطالة وتعزيز الحقوق المتعلقة في العمل والصحة والبيئة السليمة ومستوى معيشي كريم وتجسير الفجوة بين المدن والريف وهي حقوق تتقاطع بنسبة 90 % مع أهداف التنمية المستدامة من خلال ثلاث مجموعات الاولى متعلقة بالقوانين والتشريعات تليها مجموعة الاليات التي لتحقيق اقصى مدى لكفالة الحقوق الواردة في العهد واخيراً السعي الى اتباع التدابير الاقتصادية والاجتماعية لتعزيز وحماية حقوق الفئات الاكثر حاجة.
أنَ اتاحة مفهوم الابتكار ضمن أهداف التنمية المستدامة والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية فرصة لتطور الابتكار القائم على احتياجات الانسان ونهج مهم لتحقيق اهداف التنمية المستدامة لأنه يتيح المجال أمام تحسين الرفاه الاقتصادي وستجيب لقضايا الاستدامة بابتكارات لا تستهلك الكثير من الموارد الطبيعية.