للوطنِ الأردنِ قيمةٌ حقيقيةٌ جمّة في نفوسنا جميعاً، فلا ضيرَ أن نموتَ ويحيا الوطن، لا ضيرَ أن نفتقر ويغنَى الوطن، لا ضير أن نتألم ويسْلَم الوطن، لأنَّ الوطنَ هو الحضنُ الدافئُ الذي يَحضُننا جميعاً، ويحضنُ أولادنا وأهلنا وأحباءنا وأصدقاءنا، ويقينا من التشرِّد والضياع وفقدان الهُوية. ويبقى الوطن جزءٌ من تاريخنا المجيد ومن تاريخ أجدادنا الأفذاذ، وجزءٌ لا يتجزأ من حاضرنا الذي نعيشُهُ بفخرٍ واعتزاز، وجزء من مستقبلنا ومستقبلَ أولادنا وأحفادنا.
ولكن هذا لا يعني أنّنا نعيش اليوم في المدينة الفاضلة، وخصوصاً أنَّهُ مرّت على بلادنا ظروفاً تاريخية صعبة وأوقاتاً عصيبة. واليوم إذ تُحيط بنا أقوى التحديات السياسية والإقتصادية والإجتماعية، ولربما نحتاج ردحاً من الزمن لننهض بمجتمعاتنا المشرقية لنننافس الدول المتقدمة علمياً وتكنلوجياً واقتصادياً وديموقراطياً، ولكن هذا لا يعني بتاتاً الإنتقاص من إنجازاتنا التي تحقَّقَتْ بفعل تضحيات أبطالٍ يخلّدُ التاريخ ذكرهم، أو التقليل مما حققناه على مدار المائة عام في بناء دولتنا الأردنية الهاشمية التي يشهد لها القاصي والداني، والتي لها من المكانة والإعتبار الدوليين، ولها من الأدوار الكبيرة والفعالة محلياً وإقليمياً ودوليا، وتحمل رسالة عمان السمحة وكلمة سواء والوئام الديني.
وهذا لا يعني أيضاً التطاول على سيادة الدولة ورجال الأمن بكافة مرتباته، أومحاولة التقليل من هيبة الدولة وزعزعة ثقة أبنائها بها وبقيادتهم وبمؤسساتها وبثباتها وبمنعتها وبمقدرتها على تجاوز آثار جائحة كورونا التي خلخلت دولاً متقدمة بعينها وكشفت عيوبها. كذلك لا يعني بتاتاً استغلال فاجعة السلط لتجييش النفوس وتثويرهم لأهداف مبيَّتَة تستهدِفُ الدولةَ ونظامَها وأمنها واستقرارها.
نعم! إنَّ غضب جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه على حادثة مستشفى السلط يوم السبت الماضي 13 آذار 2021 هو غضب كلِّ الأردنيين الشرفاء، ودمعتُه الغالية قد سَالت أيضاً من عيوننا كلِّ الإردنيين، ولكنّ هذه الفاجعة لا تعني السماح لمن تسوّل له نفسه التطاولَ على الوطن ونظامه وأمنه واستقراره، وكسر أوامر الدفاع وتحدي هيبة الدولة، بل الإلتفاف حول قيادتنا الهاشمية المباركة وحول قواتنا المسلحة والأجهزة الأمنية لتفويت الفرصة على المتربصين بالوطن والذي يحاولون النيل منه، والسعي بروح المسؤولية والتشاركية لإحداث التنمية السياسية والإقتصادية والإجتماعية واحداث الإصلاح الإداري المنشود لينعم الوطن بما يستحق من مكانةٍ، وينالَ المواطنُ حقّه في الخدمات كافة التي جزءٌ من حقوقه المواطنية الإصيلة بكل كفاءة واقتدار.
عاش الوطن عزيزاً شامخاً .. وعاش جلالة ملكينا المفدى ودام عرشه