مطالبات متكررة من قبل المساهمين في البنوك بإعادة أرباح الأسهم المعلقة أو المؤجلة، أو الموقوفة لعام ٢٠١٩، وهي تعلم أي البنوك، والحكومة أيضا أن هذه حقوق وأموال لمساهمين معظمهم من المواطنين المعوزين، ولا تمتلك أية جهة حجزها، أو وقفها، أو وضع اليد عليها تحت أي ذريعة، ولا يجوز تدعيم المراكز المالية للبنوك وتدعيم قاعدتها الرأسمالية على حساب صغار المساهمين من المواطنين.
البنك المركزي كان قد اتخذ عددا من الاجراءات أسهمت في تنشيط الاقتصاد، إلا أن قراره هذا بحق المساهمين يذهب بعيدا حد المبالغة في استغلال قانون الدفاع، والتعسف في استخدام الصلاحيات، ولا يمكن تجاوز تداعيات أزمة كورونا على حساب فئة أو شريحة من المواطنين، ولا يمكن للضرورة أن ينتج عنها ضررا أو ضرارا بحق الغير.
الدولة تعلم أن أموال المساهمين وأموالهم الخاصة واستثماراتهم في البنوك ليست علاوات ولا امتيازات وليست حوافز أو هبات، وهي نتيجة تعبهم وجهدهم وحصاد السنين، والبنك المركزي من واجبه حمايتها والمحافظة عليها، وهو الضامن لإعادة الحقوق لأصحابها، وهي أموال خاصة اؤتمنت البنوك عليها، ولا تختلف عن الودائع والرواتب والأمانات، ولا يقبل أن تكون البنوك شريكة مع الحكومة إلا في صون الأمانة، وعدم الاعتداء على أموال المواطنين، وبما يتوافق مع القانون، وبما لا يتعارض مع أبسط حقوق الانسان وحقه في التملك والتصرف بأمواله الخاصة.
البنوك مطالبة بإعادة أرباح ٢٠١٩ للمساهمين وفقا للنسب التي أقرتها البنوك في اجتماعاتها السنوية، أو توزيع أسهم مجانية على المساهمين بقيمة هذه الأرباح، وإلا فالمطلوب من المساهمين التحرك وفق القوانين، لاسترجاع ما تم وقفه وما تم التحفظ عليه من أموال قبل أن تذهب إلى المجهول، خاصة وأن محافظ البنك المركزي كان قد صرّح في حينه بأن حقوق المساهمين بأرباح البنوك محفوظة.
كان محافظ البنك المركزي أعلن العام الماضي عن تأجيل قيام البنوك الأردنية المرخصة بتوزيع أرباح على المساهمين لعام 2019، ليتم التوزيع مع البيانات الختامية لعام 2020، وهذا القرار أثار جدلا واسعا بين مؤيد ومعارض، لكن المؤيدين لم ينظروا للقرار في اطار الضرر الكبير الذي لحق بأصحاب الحقوق، وهم أي المؤيدين معظمهم من غير المتضررين.
كيف للمستثمر بعد إجراء من هذا النوع أن يثق بنظام مالي ومصرفي ليس بوسعه حماية الأموال الخاصة من جور القرارات، وكيف لحكومات تمتد أياديها لأموال المواطنين خلافا لأحكام قانون الشركات، وبدلا من أن تكون عونا لهم في مثل هذه الظروف، تصبح هي من يصادر حقوقهم.
البنوك نفسها تقر بأن الأرباح للسنة المذكورة موجودة ومحجوزة وبانتظار تعليمات بتوزيعها واعادتها لأصحابها، وهنا تبدو الأمور أكثر ضبابية، فلمصلحة من وقف التوزيع والتأخير والتأجيل، ومن المستفيد، وأين ستذهب هذه الأموال في حال قررت الدولة بغير حق الاستيلاء عليها، ولماذا لم تتخذ الحكومة اجراء مماثل بحق أرباح المساهمين في الشركات الأخرى والتي تعلم أن معظمها متعثرة وخاسرة وينخر بعضها الفساد، ولماذا لم يتم وقف توزيع ارباح الودائع، وما ذنب المواطن الذي قرر الاستثمار بالأسهم بدلا من وضع أمواله وديعة لأجل، فأموال المساهمين لا تختلف عن الودائع والرواتب فكلها أموال خاصة والاعتداء عليها بمثابة قطع للأرزاق، ولا يمكن للحكومة أن تمارس هذا الاجراء بحق المساهمين وجلهم من المواطنين.
الخبراء الاقتصاديون الذين اشبعونا قرقعة من غير طحن، وادارة جمعية البنوك وبعض رؤساء مجالس ادارة البنوك، يدافعون عن قرار البنك المركزي، ويسوّغونه، في حين لا يجد المساهمون من يدافع عن حقوقهم في وجه قرارات من هذا النوع غير المسبوقة، والوحيدة عربيا.