الباشا الرقاد يكتب : القوات المسلحة الأردنية /الجيش العربي الأسرع التقاطاً والأعمق تفهماً لتوجيهات ورسائل جلالة القائد الأعلى ، ونقلها من دائرة القول إلى دائرة الفعل
قراءة (غير متأنية) في زيارة رئيس أركان الجيش لمديرية التوجيه المعنوي
اللواء الركن (م)
د. محمد خلف الرقاد
مدير التوجيه المعنوي الأسبق
بالأمس زار رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء الركن الطيار يوسف الحنيطي مديرية التوجيه المعنوي في القوات المسلحة الأردنية / الجيش العربي ، وركز على أهمية ودور الإعلام العسكري في تزويد الجمهور بالمعلومات ، مما يسهم في تشكيل الرأي العام بكل شفافية ونزاهة وحيادية بالتشارك والتعاون مع كافة وسائل الإعلام .
كنت قد أشرت في مقالة سابقة نشرت على بعض المواقع الإلكترونية إلى عمق الأبعاد الإعلامية والنفسية التي التفت إليها جلالة القائد الأعلى الملك عبدالله الثاني ابن الحسين خلال زيارة قبل عدة أشهر رافقه فيها سمو الأمير حسين بن عبدالله الثاني ولي العهد إلى مديريتي الإفتاء والتوجيه المعنوي في القوات المسلحة الأردنية / الجيش العربي .
ولعل التقاط رئيس هيئة الأركان المشتركة للتوجيهات والرسائل المضمنة في هذه الزيارة ، وانتقاله المستمر بل شبه اليومي إلى الميدان ، ومن ضمنه زيارة الأمس إلى مديرية التوجيه المعنوي يعني الإدراك لمدى اهتمام جلالة الملك بالإعلام بعامة وبالإعلام العسكري بخاصة ، وذلك لسبب بسيط هو أن الإعلام العسكري في أي دولة في العالم هو جزء من عمليات الاتصال الجماهيري (الإعلام) التي تنهض به الدولة لتحقيق أهداف كثيرة ومن أهمها تكوين الرأي العام ، والتوجيه الوطني ، والحفاظ على الأمن الوطني ...وغير ذلك الكثير ، لكن تركيز رئيس الأركان على إيصال المعلومة إلى الجمهور المستهدف وبخاصة المواطن الأردني بكل شفافية ووضوح ومصداقية كان ملفتاً للانتباه ، وهذا يعني بالنسبة لنا أن الشفافية والوضوح في إيصال المعلومة يعني مصداقية وموثوقية ، واقتران القول بالفعل ، مثلما يعني إسهاماً في الحفاظ على الأمن الوطني ، وفي تعزيز وسلامة الجبهة الداخلية ، وحماية الوحدة الوطنية والثقافة الوطنية من أي استهداف أو تأثيرات داخلية كانت أم خارجية .
الجدير بالإشارة هنا إلى أن القوات المسلحة / الجيش العربي دائماً سبّاقة وجريئة في الطرح وفي الأسلوب وواثقة من تمام المعالجة لأي موضوع ، فبالإضافة إلى واجبها المنصوص عليه في الدستور في حماية حدود الوطن وصون منجزاته ، فإن لها أذرعاً إعلامية عسكرية ودينية وتعليمية وصحية وغيرها ، تنهض بمسؤولياتها بتخطيط استراتيجي وتكتيكي داخل المؤسسة العسكرية لأن جمهورها المستهدف هم منسوبو القوات المسلحة، وتتعاون مع مؤسسات الدولة من خلال استراتيجياتها على الصعد الأمنية إذا اقتضى الأمر والإعلامية والتعليمية والصحية والتنموية وغيرها ، وأخص هنا في مجال الإعلام ، ذلك لأن للقوات المسلحة استراتيجية إعلامية عسكرية تستند إليها وفقاً لاستراتيجية الدولة الإعلامية ، ولا تتقاطع معها إطلاقاً ، ولها سياسات إعلامية واضحة المعالم ، محددة الأهداف ، جلية الرسالة ، وهي أبداً في إطار الاستراتيجية الإعلامية الوطنية للدولة ، ولا تحيد عن ذلك – كما هي خبرتنا - ، وذلك إيماناً من القوات المسلحة بأن العملية الاتصالية (الإعلامية ) العسكرية جزء مهم من العملية الاتصالية في الدولة وفي المنظومة الإعلامية الوطنية الرسمية وغير الرسمية في الأردن ، ولطالما ذكَّرْنا في عديد من المؤلفات ، وفي كثير من المقالات ، والمتعدد من الطروحات في الحوارات الرسمية والأكاديمية على أن الاستراتيجية الإعلامية العسكرية جزء مهم من الاستراتيجية الإعلامية للدولة ، ومع كل الاحترام – إذا كان هناك استراتيجية إعلامية وطنية قابلة للتطبيق - .
ومما يلفت الانتباه حقاً وبشكل أكثر أن الاهتمام بالإعلام بل أطلق عليه - مع سبق الإصرار - ( الإصلاح الإعلامي والثقافي) حيث أنه من المفروض أن يبدأ من إعلام الدولة وينتهي في إعلام الجيش ، لكن زيارة جلالة القائد الأعلى وزيارة رئيس الأركان لمنظومة إعلام الجيش ومنظومة التوجيه الديني في الجيش تشير إلى أنه إذا لم يكن هناك مبادرات لإصلاح إعلامي في الدولة ، فلتكن الاستراتيجيات والسياسات الإعلامية العسكرية مؤشراً على التأكيد على أهمية الإعلام لتنطلق هذه الأهمية من الجيش وتنتهي في إعلام الدولة ، وهذه ليست دعوة لعسكرة الإعلام ، إنما الأمر ليس بمستغرب، فهناك جيوش من جيوش العالم المتقدم وقفت خلف إجراء دراسات لتطوير منظومات دولها الإعلامية ، ومعرفة مدى تأثير وسائل الإعلام العام في الجمهور المستهدف ، لتنطلق منها إلى تطوير وتعزيز التركيبة النفسية والمعنوية للمواطن وللجندي ، وتعزيز إيمان المواطن والجندي في عدالة قضيته التي يؤمن بها في حماية وطنه والذود عنه ، بل أن هذه الدراسات التي وقفت خلفها جيوش ، حفّزت الدراسات الإعلامية الأكاديمية والعلمية إلى إيجاد نظريات إعلامية تخدم الأهداف والمصالح الوطنية العليا للدولة المعنية، ومن هذه النظريات : نظرية ( الرصاصة الإعلامية ) .
لقد ترجمت القيادة العامة للقوات المسلحة توجيهات جلالة القائد الأعلى إلى واقع ، فنزلت إلى الميدان بشكل أكثر كثافة على شتى الصعد ، وانتهاء بالوصول إلى الجندي في ميدان تدريبه وعلى صهوة دبابته ، وفي خندقة ، وعلى تخوم الوطن، لتعزز في نفسه إيمانه بالهدف الذي وُجِد من أجله، وهو حماية الوطن وصون منجزاته....
كم هو رائع أن نرى الفكر العسكري الأردني المتنور والمتوهج ينطلق في كل الاتجاهات العسكرية ، بدءاً من تنفيذ السياسات العسكرية للقيادة الهاشمية مروراً بكل مراحل البناء النفسي والمعنوي والمادي للجندية الأردنية ، التي كانت وستبقى مضرب المثل في الرجولة والبطولة والشجاعة ، والتضحية والانضباط والطاعة ، والثبات على المبدأ ، ليبقى الأردن بقيادته الهاشمية مرفوع الرأس عالي الهامة، لا يَفُتُ في عضده إخفاق إعلامي هنا ، وقصور سياسات إعلامية لم تتمكن من بلوغ الهدف هناك ، أو تصريح إعلامي غير مدروس في الفضاء الإعلامي المترامي الأطراف ، والأجمل من كل ذلك الرد المضمن من جلالة القائد الأعلى من على صهوة دبابة الجيش الجديدة على الناعقين الذين يشككون بقدرات الأردن ، والسؤال الذي يطرح نفسه : هل عرفتم حقاً من هم الأردنيون ؟ ، ومن هم أبطال الجيش العربي ؟ . تحية لكل رجال الجيش العربي ، والرحمة لشهدائه الأبرار.