استمعت من عمان عبر البث المباشر على الفيس بوك لكلمة التنصيب التي ألقاها سيادة رئيس الأساقفة الجديد المطران حسام نعّوم من كاتدرائية الكنيسة الإنجيلية الأسقفية العربية في القدس والشرق الأوسط يوم أمس الخميس الموافق 13/5/2021، والتي في العادة تَرسمُ ملامح الخدمة الموضوعة أمام خدمة المطران الجديد، مشكلةً بذلك خطة عمل للسنوات الموضوعة أمامه استكمالاً للبناء الذي قامت عليه المطرانية الأسقفية منذ العام 1841 بشراكةٍ تامةٍ مع الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة.
أول ما لفت نظري هو كامل التقدير لسلفة المطران سهيل دواني على مدار خمسةٍ وأربعينَ عاماً في الخدمة المقدسة، ومنها أربعةَ عشرَ عاماً كمطران للأبرشية على إعتبار أنَّ العملَ هو استكمال لحلقات ممتدة وليس إعادة انتاج العجلة من جديد، مما يعني تراكماً من الخبرات والتراث الروحي والإجتماعي والثقافي والتربوي والوطني الذي له الشأن الكبير في خدمة بلادنا المقدسة في الشرق الأوسط ككنيسة المسيح الممتدة جذورها إلى كنيسة العنصرة حيث وُلدت الكنيسة وانتشرت خدمتها من القدس وإلى العالم أجمع بواسطة التلاميذ والرسل الذين أمنوا برسالة المسيح نحو الحياة الفضلى، والحياة التي تعلِّي دروبَ الحريَّة والعدالة والكرامة والمساواة.
ثانيا، أنَّ الكنيسة هي بتعدد تراثاتها هي وحدة واحدة، ومطلوب منها أن تكون كذلك بحسب صلاة المسيح الشفاعية، لذلك فالعمل المسكوني هو بركةٌ وقوةٌ وشراكةٌ في رسالة القيامة من أرض القيامة والقبر الفارغ، من القدس العاصمة الروحية لإيماننا المسيحي في العالم أجمع، وذلك من أجل نشر فرح القيامة ورجاء القيامة وشمول الجميع في الخدمة دون استثناء.
ثالثا، أن للكنيسة صوت نبوي مقدس عليها أن تحيا به وتشهد به عن الحق الإلهي، وتسعى جاهدة لترسيخ السلام والعدل والعيش المشترك وقبول الأخر والحوار بين الأديان خصوصاً مع أتباع الأديان الإبراهيمية.
رابعاً، العلاقة التي تجمع الكنيسة العربية المشرقية مع الكنائس الشريكة في العالم قائمة على وحدة جسد المسيح وتكامله، فالكنيسة المحلية في وجودها وفي خدمتها ورسالتها تَنوبُ عن الكنيسة جمعاء، وتحتاج هذه الشراكة وهذا التكامل لتحقيق السلام في الشرق الأوسط وللخدمة الفاعلة لمجتمعاتنا العربية وفي كافة المجالات.
خامساً، أنَّ ما يَنبغي أن يزيدَ هو المسيح وليس نحن، أي أنَّ رسالة الكنيسة هي خدمة المسيح بأنْ تتمثلَ بفكر المسيح بأن تتوحد بهدفها ورسالتها وخدمتها، وأنْ تشمل برعايتها جميع الناس دون تمييز في العرق أو الدين أو اللون أو الجنس، وأن تكون بمثابة أياد لله وأرجل لله تعمل وتسعى من أجل أن يَكْبَر ويزدادَ عملُ المسيح لتقديم حياة أفضل للجميع.
سادساً، الإشارة إلى تعدُّد وتنوع المواهب داخل الكنيسة، وضرورة العمل التشاركي داخل الكنيسة الواحدة في الخدمة المقدسة على أساس محبة المسيح، والعمل معاً في كلِّ حقول الخدمة في البلدان التي تتواجد فيها الكنيسة، حيث التحديات السابقة كانت كبيرة كالتحديات السياسية والإجتماعية والإقتصادية وخصوصاً مع جائحة كورونا. والآن ومع ازدياد دائرة العنف فسوف تكون التحديات القادمة أكبر، ولكن ومهما كبرت تلك التحديات، فالكنيسة ستستمر بعملها بعون وإرشاد الروح القدس فيها. ودعوتُنا في عيد الصعود أن نصعدَ إلى العلاء بأفكارنا وقلوبنا، وأن نرى المسيح في قوة عظمته جالساً عن يمين الآب السماوي، وأن يكون لنا في حياتنا فكرُ المسيح. فبهذا الفكر فقط تحيا الكنيسة وتقدر أن تكون خيرَ عونٍ في مجتمعنا الذي نخدم فيه.
نعم! التحدي القادم أكبر، ولكننا بفرح القيامة وبرجاء القيامة سنسير إلى الأمام واثقين أنَّ مَن دحرج الحجر عن القبر سوف يُعيننا في مواجهة أكبر التحديات وأعقدها.
ألف مبروك في خدمتك المجيدة أخي سيادة المطران حسام نعّوم، وندعو أن يأخذ الله بيدكم ويقويكم ويحفظ عائلتكم.