حاضر قشوع اليوم فى جامعه الحسين بن طلال فى معان فى محاضره حول القدس فى الفكر الهاشمي ووحدة الضفتين فى عهد الملك عبدالله المؤسس ، واعتبارات الشرعيه الدينيه والتاريخيه التى تنسجم مع رسالة الثوره العربيه الكبرى حيث جاء ذلك بين محطات تاريخيه مفصليه امدت من الحرب العالميه الاولى الى نهايه الحرب العالميه الثانيه وتضمنت البدء بتاسيس الدوله وترسيم الجغرافيا السياسيه بوحده الضفتين وكما اعلان الاستقلال .
بعد مسيره استمرت مائة عام من العمل والجهد والعطاء والتضحيه والفداء تحولت فيها المسيره الى سيرة نجاح بعد اجتيازها تحديات كثيره كانت قد اعترتها فى فترة التاسيس وصعاب عميقه جاءت مع فترة التشييد واخرى جاءت بمرحلة البناء والتعزيز.، حيث تنوعت فيها التحديات بين قله الموارد وضعف الامكانات اضافه الى تاثير ارهاصات الجغرافيا السياسيه المحيطه والمتغيرات التى طرأت على بيت القرار الاممي وحواضنه الاقليميه .
ومع كل فتره من هذه الفترات ، كانت الدوله الاردنيه تحول كل منعطف عميق كان او سطحي الى منطلق قويم سياسي او تنموي ، مما جعلها تعود بالفائد دائما على المجتمع الأردني وذلك من مغبة ردع مفسده او من واقع جلب منفعة وهو ما جعل من الدوله الاردنيه تزداد مناعتها ويزداد المجتمع الاردني معها منعه ومناعه جراء حركة التحديات التى لازم مسيرتها والتى اعتادت عليها الدوله الاردنية وقيادها وعلى تسكين حتى على طبيعة الاهتزازت التى اسس بنيان الدوله عليها .
وبعد مائه عام من ولادة الدوله وقرن على مسيرة البناء والنهضه ها هى الاردن تشكل نموذج حقيقي للانجاز والمكان الاكثر امن وامان ، وها هو المجتمع الاردني غدا يشكل مجتمع المعرفه بتماسكه المبدئي وثباته القيمي ونموذجه المدني بالطابع والمضمون ومازالت الدوله بكل مكوناتها ومؤسساتها والمجتمع بكل فئاته يعملون لرفعة الاردن ورسالته من اجل صون مقدرات الامه وصيانة رسالتها فى صيانة الاتسان واعمار الارض .
ولان الاردن تم بناء اركانه وتشييد اعمده وارساء بنيانه من على اسس فكريه تنويريه ، وقواعد قوميه عروبيه ، ومبادىء ثقافيه انسانيه ، ومنطلقات قيميه حضاريه ، سبق نظامه السياسي فيها الجغرافيا السياسيه فى التكوين ، فلقد جاء المجتمع الاردني منسجم مع هذه التنشئه بالشكل والمضمون حتى التركيبته الاجتماعيه التى جعلت منه يشكل نموذج للمجتمع العربي والإسلامي من خلال تمثيل الجميع فى محتواه ،وهذا ما اعتبر احد الركائز الاساسيه التى يتكأ المجتمع الاردنى فى بناء تشكيلات المجتمعيه تمثيل ضمن هويات فرعيه فى اطار المجتمع الاردنى الواحد وهذا ما اخذ يكون الدور وترسم المكانه وهذا ايضا ما يبرز بوضوح من خلال التشكيلة البرلمانه ونمطيه تشكيل حكوماته المتعاقبه فى عهد التاسيس والاستقلال وحتى اطوار البناء والتعزيز ، فالاردن مثل (وطن الامه ) والامه تمثلت فيه .
ولان لكل مرحله من هذه المراحل عنوان عريض يحمل مضامين متنوعه ومتشعبه فان العمل على تسليط الضوء على كل مرحله من هذه المراحل لا يكون بمنىء عن البيئه المحيطه وظروف تكوينها ، فان الظروف الموضوعيه دائما ما كانت تشكل بيئة القرار وظروف اسقاطاته على حساب العوامل الموضوعيه التى غالبا ما تكون بالمجتمعات الناميه مستجيبه للفعل وليس صانعه لمقرارته لا سيما وان تاثير الظروف الموضوعيه غالبا ما كانت تاثر على بيت القرار وتقوم بتحويل مسارات اتجاهاته التنمويه او السياسيه .
فلقد حرصت الدوله الاردنيه للعمل فى ثلاث اتجاهات يقوم اولها على بناء المؤسسات فيما تعمل الثانيه على إنشاء البنيه التحيه وتنميتها كما قامت فى الاتجاه الثالث للعمل على بناء قدرات الموارد البشريه ونماء البنيه الفوقيه ، وهى الثلاثة اسس الرئيسيه التى جعلت من الاردن يكون على ما هو عليه الان من مكانه ورياده ، حيث غدى المجتمع الاردني بفضل استراتيجيه المسارات المتبعه التى استندت لسياسيه تراكم الانجاز من الانتقال من طوره البدائي الى منزلة المجتمعات القادره على المنافسه للوصول لفحوى ومضمون المجتمعات المتقدمه على الرغم من قله الامكانات وضعف الموارد وهذا ما يمكن تبيانه عبر تسليط على محتواه فى الاتجاهات الثلاث ففى ،.
الاتجاه الاول مرحلة بناء المؤسسات ؛ فلقد سعت الدوله الاردنيه فى مراحلها الثلاث عند التكوين وعند التاسيس وعند الاستقلال ، على الانتقال بين هذه المنازل الثلاثه حامله بكل واحده من هذه المنازل اضافه تضيفها لمسيره البناء ، وهى ثلاث مراحل انطلقت فى الاولى من اجل التحرر وعوده الامه لمكانتها وحملت منطلقات ثوريه ونهضويه حيث ارتكزت على وحده الصف وبناء نواة الجيش العربي ومركزيه قياده استندت لفكر سياسي حداثي الطابع ثابت المضمون ،
حيث جعل من المشرق العربى دائره اهتمامه ووطنه فعمد على بناء صوره مرتكزه بين ملتقى البحرين الى ملتقى النهرين وحرص خلالها على بناء القدرات العربيه والاشتباك الايجابي الممنهج مع الانفتاح على المستجدات وعلى القوى العالميه المؤثره من اجل التحرر والاستقلال ، ولقد عمل فى حينها وفق منظومة عمل ذاتيه قامت بتكوين المؤسسات الامنيه والعسكريه وبناء قدرات المؤسسات المدنيه من خلال البلديات وفيما قامت بالاخرى بالعمل ضمن سياسيه موضوعيه منفتحه على المستجدات المحيطه وظروفها
والتى كانت قد تغيرت نتيجه تغيير بيت القرار الدولي ما
بعد الحرب العالميه الاولى .
فكانت مرحلة التكوين مرحلة بناء النظام السياسى لقوامه واطاره وتجذير رؤيته ورسالته وتمكين محتواها الفكرى ونهجها السياسي فاختلف معها من اختلف وتقاطع معها من تباين مع سياساتها ، فاختلفت بعض القوى معها لكن لم تختلف على اهمية وجودها ، حيت تشكلت قيادتها فى حينها مع من ناصرها من القوميين العرب على اختلاف اديانهم او مذاهبهم فحمل فكر الدوله كل نماذج اليسار واليمن بالمفهوم والوسط المعتدل والمحافظ فكانت ان حملت مرحلة التكوين ماسسة الفكر السياسي وتاطيره وبناء الجيش ومؤسساته .
اما مرحلة التاسيس فلقد بدات مع تحديد الدوله للجغرافيا السياسيه الاردنيه واستمرت خمسه وعشرين عاما عملت من
خلالها الدوله على وضع دستور التاسيس ، وبناء المؤسسات فى
كل المجالات والنواحي الحياتيه كما عملت من خلالها على توحيد المرجعيات السياسيه و الاجتماعيه فى اطار بناء الدوله حتى غدت الدوله فى حينها تعمل بكامل قنواتها السياسيه والدبلوماسيه من اجل بناء دولة المؤسسات وتحقيق السياده والاستقلال حتى تم تحقيقه بعد الحرب العالميه الثانيه عندما نال الاردن استقلاله وتم قبول عضويته فى الامم المتحده وعمل على تاسيس جامعه الدول العربيه وعاد الاردن ليسعى من جديد من اجل وحدة الامه ووحدة صفها وفى الذود عنها وعن قضاياها فكان احد مؤسسي جامعه الدول العربيه والمشارك الاول فى كل حروبها التى خاضتها الامه دفاعها عن رسالتها وقضاياها فكان ان شكل الاردن حاله وما زال باسم العروبه والعرب .
وفى الاتجاه المتمم رساله الاردن العروبيه فلقد عمل الاردن من رسالته على الحفاظ على الاراضى العربيه فى الضفه الغربيه بعد حرب الاسرائيليه العربيه فى 48 فقام الاردن فى عهد الملك المؤسس بجتهاد سياسي عميق عندما عمد الملك المؤسس على توحيد الضفتين وحماية القدس الشرقيه والمقدسات الاسلاميه والمسيحيه فقام الملك المؤسس فى حينها على تعزيز قيام الدوله ووحده مجتمعها وتثبيت اركان الجغرافيا السياسيه لها عبر الضفتين كما قام الملك المؤسس بترجمة ذلك سياسيا عبر اعاده تشكيل البرلمان ليكون موحد واعاده تشكيل الحكومه لتكون فى اطارها العام منسجم من نتائج وحده الضفتين ولتعمل على تجذير الركائز الاساسيه فى بناء مرتكر واعد للامه وتشكل الدوله الاردنيه منطلقه ورسالته .
وهذا ما جعل من عصر الملك المؤسس يوصف بعصر بناء الدوله العربيه الاردنيه المستقله لتكون القادره على حمل رساله الامه وعامله على تثبيت اركان رسالتها لما امتازت به هذه حقبه الملك المؤسس بانها حقبه بناء اول دوله عربيه مستقله وهى بذات السياق قادره للدفاع عن مكانة العرب الجيوسياسيه والاستراتيجيه ليكون للعرب المكانه والدور ضمن فهم سياسي عميق للمتغيرات التى كانت تشهدها المنطقه فى حينها حيث بقى الملك المؤسس يعمل لانتزاع الدور والمكانه للعرب فى زمن كانت الاحداث فيه متسارعه بعد ما خاضت البشريه خلال ثلاثين سنه حروب عالميه وعلى جملتين حملت الحرب العالميه الاولى منها تبدل فى بيت القرار الاممى وكما حملت الحرب العالميه الثانيه تثبيت شرعيه الشمال العالمى فى حكم العالمى وفى صناعه مقراراته .
وفى وسط هذه المناخات وحركه تبدل مركز بيت القرار وفى
ظل غياب الصوت العربى عن مسرح الاحداث العالميه كان الملك المؤسس يمثل صوت العرب اليقظ القارىء للمشهد السياسى بعميق عباره وهذا ما جعل من الملك المؤسس يتوج باعتباره ملك العرب ويعمل على بناء دوله اعتباره المنطلق لتوحيد جهود الامه فى صياغه مكانتها وتعظيم شانها لاسيما بعد الوثبه الواعده التى جسدها فكر الملك المؤسس فى توحيد الضفتين وتجسيد معانى الشرعيه الدينيه عبر حمايه بيت المقدس ولعل هذا الفهم العميق وهذه القراءه السياسيه المميزه جعلت من الملك المؤسس يكون نقطه استهداف مع دخول المنطقه فى رحى تبدل بيت القرار العالمى واعاده تعميد المراكز الجيوسياسيه الاقليميه فيها.
لذا اعتبرت محطه وحده الضفتين وحماة عروبة القدس من العلامات الفارقه التى كان يعول عليها فى اعاده ترسيم جغرافي وسياسى جديده فى خارطه المنطقه وكما دور النظام الملكى الهاشمى فيها الذى أمتلك مشروعيه قبول فى امتداد الجغرافيا السياسيه العربيه فى المشرق العربى لذا لم تكن وحده الضفتين مساله وطنيه فحسب او حتى شعبيه محليه بل كانت تحوى ابعاد سياسيه عميقه لذا تم مجابهة هذه الخطوه بتيار معارضه عريض الذى كان مؤيد فى حينها من حركه التبدل العميق للانظمه التى كانت تغلب عليها سمة الجمهويات والمشاريع الفكريه اليساريه على حساب المستقرات الملكيه، وهذا ما جعل الملكيه الهاشميه وامتداد رسالتها تواجه تيارات سياسيه عميقه مع مرحله تبدل بيت القرار العالمى .
وفى المحصله نستطيع القول ان حقبه الملك المؤسس وما رفقتها من حروب عالميه واحداث جسام وتبدل فى بيت القرار واستهداف ضد الملكيه وانظمتها كانت محطه مفصليه الا ان مشروع التمدد العربى بوحده الضفتين كان يشكل قرار سياسي اراد فرض الوجود العربى على مسرح الاحداث بما يحفظ للمنطقه نظام الضوابط الموازين الا ان حركه التبدل فى بيت القرار العالمى جعل من تجسيد ذلك يكون تحدي عميق امام الرساله ذات مضمون والمغزى التى حملتها رساله الثوره العربيه بقياده الملك المؤسس بهدف فرض ايقاع سياسي جديد على مسرح الاحداث وهذا ما جعل هذه الرساله الفكريه والسياسيه تجابهه بعواصف محيطه اثرت على قوتها فى بناء مراكز مركزيه فى المشهد العام حتى انتهت حقبه الملك المؤسس فى مواجهه هذا التيار الذى ناوىء فكره وجابهه رسالته .
من هنا تاتى اهميه القدس فى العقيده الهاشميه لاهميتها فى مركز الشرعيه التاريخيه والدينيه ومكانتها السياسيه والاستراتيجيه فى تعظيم دور الاردن باعتباره يشكل ذلك المنطلق لرسالة الامه والقبس المنير الذى يضيىء مسار الوحده للامه وفى الحفاظ على دورها ورسالتها ، فالقدس جزء من عقيده كانت وستبقى على الدوام بوصلة الوحده وعنوانها .