لم نُخلق لنعيش من غير حبٍّ للأرض التي أنجبتنا ومنها جبلنا، وكذلك من غير حبٍ للجار الذي نحيا معه وبجانبه ونشكِّلَ معهُ أسرةً واحدة في بقعة جغرافية واحدة تتطلب منا أن نحبَّ أرضنا ونحبَّ سماءها ونعشقُ هواها وهواءها وننتمي لها بكل ما أوتينا من قوةٍ لأنها عنوان كرامتنا وعزتنا وأمّ وجودنا، فحبها يسرى في عروقنا كما يسري الدم في جسم الإنسان، وهذا ما يجعل دمُنا رخيصاً وفداء في سبيل الدفاع عن الأرض وعن الوطن لأنه يشكل العنوان الهم في حياتنا ويشكل أحد الثوابت التي لا يمكن الإستغاء أو التنازل عنها، فمن يتخلى عن أرضه وعن وطنه تلفظه حتى بقاع الأرض كلِّها، فللأرض عنوان تزرعُه في قلوبنا وتنشأ بينا وبينها عشق لا يضاهييه عشق، فمن باع وطنه باع كرامته وباع شرفه.
فالوطن هو الحاضنة لنا جميعاً مسلمين ومسيحيين، ويشكل القاسم المشترك في شراكتنا الحقيقية في حبنا له والإنتماء له وصونه من العبث والضياع والدفاع عنه دفاع الأبطال بالمال والسلاح والأرواح لأنَّهُ العنوان وتحته تخطُّ كلُّ الحروف والجمل الأخرى. ووطننا الأردن وطنٌ يحتضن جميع ِأبنائه منذ نشأته قبل مائة عام ويصهرهم في حبٍّ واحدٍ وعشقٍ واحدٍ وولاءٍ واحد وانتماءٍ واحدٍ لقيادة رسخت عمق الدولة ومفهوم المواطنة المعزَّزَة بسيادة القانون الذي يساوي بين جميع المواطنين في القانون وأمام القانون. ودورنا على الدوام أن نستمر في عملية الإصلاح المستمر الهادف البنّاء لما يعزز مكتسباتنا الوطنية والمشاركة السياسية والحياة الديموقراطية في إطار سيادة القانون والدستور.
أما عن حب الجار، فما يعكسه المجتمع الأردني من حبٍّ صادق نقي فهو مضرب المثل بين الشعوب والأمم، فهذا الحب هو حبٌّ متوارث أباً عن جد نعيشه كما عاشه أباؤنا وأجدادنا في القرى والبوادي والريف والحضر ويعكس أصالة تراثنا الأردني ونقاوة قيمنا الدينية السمحة في الحب الذي يتجاوز الإختلاف الديني أو المذهبي أو حتى الطائفي أو العرقي أو المنب والأًصل. وفي هذه الأيام من أجواء عيد الأضحى المبارك نرى الكم الهائل من بطاقات المعايدة الفيسبوكية وغيرها من أبناء الأردن المسيحيين تجاه جيرانهم وأخوتهم وشركائهم في حب الوطن وفي اكمال مسيرة بنائه وتحديثه وتطويره في مئوية جديدة ستشهد بإذن الله بظل قيادتنا الهاشمية المباركة المزيد من التحديث والتطوير والإخاء والمحبة المتبادلة التي تجمعنا كأبناء أرضٍ قَسَمَ لنا الله أن نشترك بها ونصونها كبؤبؤ العين. ولن نسمح للأصوات النشاز أن تنعق في وسطنا لأنها مستوردة أو خارجة على الصف الديني والوطني القويم الذي نعرفه جيداً ونعرف يقيناً أننا أخوة الدم والمصير، فلا شيء يباعدنا .. ولا دين يفرقنا .. فحب الأردن يجمعنا .. في حاضرنا ومستقبلنا.