"أنا كركي"، هذا ما أفادنا به مضيفنا ومعزِّبْنَا سعادة الدكتور بكر خازر المجالي في رحلتنا الثفافية والإجتماعية والمعرفية والأخوية ضمن نشاطات صالون د. سهام الخفش الثقافي إلى ربوع الكرك، وأن الكلَّ في الكرك هم أبناء عمومة وأخوَّة لا يفرق بينهم دين ولا أصل ولا فصل، بل إنَّ إرتباطهم بالكرك يعطيهم أجمل هوية في وحدة القلوب والتآلف والأخوة التي تتجاوز كل حدود التمييز والتفرقة.
"أنا كركي" تنفي أي نزعة نحو التعصب أو الانغلاق أو الطائفية بل الشعور بوحدة المكان والزمان والشراكة الحقيقية بين الجميع حتى أن قصة "الخوري من المعايطة" قصة تجاوزت حدود المكان، فأصبحت تروى في ربوع الأردن وما بعده.
والرابطة القوية التي تربط الكرك بالخليل كبيرة وعظيمة عبر التاريخ حيث أن الجغرافية كانت عَرضيَّة فروابط وصلات القرابة والنسب والتعاون والأخوة فاقت حدود الوصف حتى أنه لما لجئ الأهل من فلسطين إلى الكرك أبى أهلها الكركيون إلا أن يخصصوا لهم أراضٍ ليسكنوا بها وليس أن يكون مصيرهم المكوث في المخيمات، فخصصوا لهم من أجمل وأروع أمكنة السكن والبناء والاستقرار، وأصحبوا اليوم جزءً من نسيج الكركِ الشامخة شموخ قلعتها التي تطل بطلتها البهية من أعلى الجبال وكاشفة كلَّ البقاع من حولها، ومعطيةً الكرك عزَّتَها وشموخَها وإباءها، وقد شكلت عبر التاريخ قلعةً تاريخيةً حيث مرت عليها عدة حضارات ابتداءً من حضارة الأنباط العرب حتى استقرت اليوم في كنف ورعاية الهاشميين الأماجد، ومنها مرتين تم تحرير القدس، وتستحق هذه القلعة الشامخة شموخ الأردن أن تأخذ حقها ومجدها خصوصاً لما انتصر أبناؤها على قوى الشر والظلام في العام 2006 وقدموا شهداء الواجب في سبيل أن تبقى قلعة الصمود والعز والفخار..
"أنا كركي" نطقٌ فاحت منه عطر كلمات د. المجالي عند مرورنا عبر سهول معركة مؤتة الشهيرة التي اشترك فيها العرب المسيحيون الغسانيون مع جيش الرسول العربي الكريم في التصدي لجيوش الروم والإنتصار عليهم، فلتعزيزهم هذا أَطْلَقَ عليهم لقب العزيزات، حيث يبقى هذا الأسم شاهداً مدى التاريخ على هوية المكان الذي يجمع أهله بروح المحبة والأخوة والعروبة التي لا تفرق بين مسيحي ومسلم، بل يشترك الجميع في روح المكان الذي يجمع أهل الكرم على العز والتلاحم والتعاون على البر والتقوى. وكما روى لنا المهندس ضيغم القسوس بأن كنيسة الخضر في الكرك مُقامة على أرض تابعة للأوقاف الإسلامية مما يدلل على حالة الوئام الديني والأخوة التي تجمع بين أبناء العمومة الواحدة.
وقصة فريدة حدثت في الكرك وتعكس روح الوحدة والأخوة أنَّ أستاذاً مدرسياً ولغايات معرفة ديانة طلاب ابناء الصف سأل الطلاب عن ديانتهم أكانت مسيحية أم مسلمة، فالجميع رفعوا أيديهم إلا طالباً واحدا. فساله المعلم، ما ديانتك؟ فأجابه بثقة ابن المدينة العريقة والأصيلة "أنا كركي".
فيكفي أن تكون كركياً لتعكس من تكون، وهذه الروح هي روح أردنية بامتياز تعلمنا اليوم أن نقول فقط "أنا أردني".