كلما توغلت في قراءة قصائده , كان يُخيل لي أني استحضر مشهد بعل الكنعاني يقاتل لوياثان الشريرة, فكلما قطع للحزن رأسا نبت رأس آخر , فأمه لم تمت بعد, أسيرة في كهف الوحش, يحاول في كل قصيدة أو نص إطلاق سراحها كي تعود, لينظر معها صوت آذان الفجر الرخيم , السحور, السُبحة, جزء عم, مستهل الآيات , وحشة فقد الأحبة في رمضان, دفتر الرسم , كتيب الألغاز , اليوم الأول في الصف الأول, كرة القدم , شجيرة الميرمية, رحلة الليمونة من عين جنة إلى عبين, الاحتيال على الشمس ,طعم الزاد ولون الحياة.. كلها مفردات وغيرها أكثر شكلت قاموس الشاعر سمير القضاة في ديوانه "هذا صباح آخر من دونها”
كربلائية سمير على والدته مرت بصنوف شتى للشعر, تحاور فيها مع أمه ونفسه وموتها و أطلالها , حتى يبدو وكأنه وثق سيرته الذاتية معها في مختلف مراحل عمره.
في الربع الأخير من القصائد يبدأ بتحدي وجعه وإعلان مقاومة الموت بوسائط الحب والأمل , وذلك ما يظهر بإعادة تورد الزهور التي زرعتها أمه وعاد للعناية بها…
حمل الديوان اللاحق لسمير القضاة أسم عُري ,فيه تنوعت المواضيع الشعرية , الحب على طريقة الشعراء , وجع العروبة الأزلي, العراق , القاهرة ,سوريا بدمشقها الجريحة,الوطن الأم ومعاناته, وعدم القدرة على الهروب بعيدا عن مسرح الأحداث السياسية”يا لهفي يا هذا الأردن” .
في "عُري ” خرج الشاعر من معاناته الأولى ,عبر باقات شعرية, تطل من خلفها روح جبل عجلون الوثابة ,مابين قصيدة وأخرى , فمرة أول خُطى الرحلة العربية "قصيدة رمل” ومرة للحظة آخر الفوانيس المضاءة في عمان … ولأن الأثنى تحس بقصيدة لأنثى فقد كانت "لا تعشقين الطحين” أنثوية قوية بامتياز… قفلة قصائد سمير القضاة أقرب تشبه طعم السكر الفضي ..”.سلامٌ على الراحة الدائمة…سلامٌ على المقلة النائمة”
شكرا سمير ليومين قضيتهما في ربوع حزنك وفرحك وأملك …
ترى كيف ستبكي رحيل والدك لاحقا أيها الذئب الجريح ؟!!!