الدكتور مهدي فكري العلمي قامة فكرية وثقافية وعلمية وسياسية لا يدخر وقتأ إلا ويكَّرسه في سبيل المعرفة والمتابعة الحثيثة والمتواصلة وآخَرِ ما توصَّلَت إليه الدراسات والأبحاث والإحصائيات، حتى تراه قادراً على تطبيق معرفته وإبداء الرؤى المستقبلية التي يتشوق إليها المستمع.
د. مهدي العلمي تألَّقَ في الأسبوع الماضي مرتين. مرة عندما قدَّمَ وأدارَ وحاور د. مهند المبيضين حول كتاب دولة الدكتور عبد الرؤوف الروابدة في المركز الثقافي الملكي بعنوان " هكذا أفكّر"، فتطرق إلى جوانب دولته القيادية كونه الملّم بفن الإدارة وتدريب الكوادر البشرية، وقدرته على قراءة الشخصية القيادية القادرة على الإنجاز واحداث التغيير. فجال في جوانب شخصية دولته العصامية واسمه "أبو عصام" وقدرته على القيادة والحوار، فالكارزما تولد مع الإنسان إبنُ مدينةٍ كانَ أم ابنُ ريفٍ وبادية، ولكّن المطلوب هو تنمية تلك الكاريزما لأنها بالمحصلة تصّب بالصالح العام وفي خدمة الوطن والمجتمع. فكم من فتى نشأ في بيئة بسيطة مهمّشة لكنّ بمثابرته وعزيمته واصراره على النجاح حقق أعلى المراكز والمناصب وترك بصمات واضحة لا تنسى. ونذكر في هذا المقام معالي السيد محمد داودية وكذلك عطوفة الدكتور ذوقان عبيدات وغيرهم الكثير في هذا الوطن الأغّر.
وفي مناسبة أخرى تألق بها د. مهدي العلمي كانت يوم أمس الأربعاء بمحاضرته التي قدمها لأعضاء صالون الأربعاء الثقافي (صالون الفكر والثقافة) والذي انعقد في مقر صالون د. مهدي العلمي وكان بعنوانِ "خمسين سؤالا حول الإصلاح"، وهو عبارة عن مسودة كتاب سوف يُنشر قريباً عن الإصلاح بمعناه الشامل وتعريفه وضرورته لإحداث التنمية الشاملة المستدامة وتحقيق التحديث والعصرنة والنمو الإقتصادي والإداري والسياسي.
وأهم ما ركز عليه د. العلمي هو أهمية الإصلاح الثقافي والفكري، لأننا بدون أن ننضج فكرياً وثقافيا سبنقى بعيدين في فكرة الإصلاح الذي يُعنى باجتثاث الفساد وإعادة بناء منظمة جديدة تنتجها مجموعات عمل لا تعرف إلا الإنكباب على العمل الدؤوب المشترك بغية الخروج بأهداف سامية تهم الصالح العام، ويقرّها الشعب من خلال مجلس تمثيلي كمجلس النواب المنتخب بإرادة الشعب ليُترجم ذلك إلى قوانين وأنظمة وتشريعات تنظم حياة الناس وتعالج مشاكل المجتمع وترسي قواعد المساواة والعدل في إطار المواطنة التي تُذيب كل الإختلافات والتنوعات والتشعبات تحت مفهوم الحقوق والواجبات وسيادة القانون على الجميع.
وما أشار إليه د. العلمي وأكد عليه ضرورة تأسيس بنك للسير الذاتية لأبناء الوطن تحمل توصيفاً دقيقاً للقدرات والإمكانيات التي يحتاجها الوطن لإختيار الإنسان المناسب رجلاً كان أم إمراة في المكان المناسب في كافة مجالات الإدارة والمناصب القيادية سياسية كانت أم اقتصادية أم ثقافية أم اجتماعية.