لا أعتقد أن أحداً لا يتابع مقالات معالي الأستاذ محمد داودية التي تتناول كافة القضايا وخصوصاً ما يتعلق بالوطن والهوية والمواطن الأردني واللحمة الوطنية. هذه المقالات التي تُزين صحفنا الأردنية يومياً ولا سيما وسائل التواصل الإجتماعي مع تطور الإعلام الرقمي. ولمعاليه اطلاع واسع وتراكم خبرات تُعتبر بمثابة خُبْزِ الحياة المشتركة التي تَعمدت في الدم والعرق معاً في وطن كلِّ الشرفاء والأحرار الذي لا يُميّز بين أبنائه، بل يتغنى بتعدديته وغناه الفكري والثقافي والتراثي وموسيقاه وفنونه التي رسخ قواعدها آل هاشم الأطهار بتعزيز مبدأ المواطنة الحاضنة للتنوع الإجتماعي والثقافي.
وهذا الفكر النهضوي ليس غريباً على وطنٍ قام على مبادئ الثورة العربية الكبرى من الحرية والوحدة والعدالة الإجتماعية، حيث انصهرت العشائر الأردنية من شمالها إلى جنوبها وكل مكونات الشعب الأردني من شركس وشيشان وأكراد وتركمان وأرمن غيرهم في بوتقة الهوية الأردنية الوطنية الجامعة التي تعلو على كل الهويات الفرعية وتسمو عليها من غير الغاء الخصوصيات التي هي مصدر غنى وإثراء للوطن ولتقدمه وازدهاره.
لذلك فنحن في الأردن لا نميّز بين الناس على أسس دينية أو إثنية أو عرقية أو جندرية بل نميّز بل نميز الناس على أُسس إخلاصهم وصدقهم وأمانتهم وعطائهم، فلا أقلية ولا أغلبية، بل كما ذكر معاليه في مقالته اليوم في جريدة الدستور الأردنية 11/11/2021 بأن الأقلية هم الأغنياء والأكثرية هم الفقراء. وهذا ما يحذو بالدولة الأردنية إلى تعزيز الطبقة الوسطى وخلق حالة التوازن المجتمعي ليحيا الجميع وقد توفّرت لهم سبل العيش الكريم ومتطلبات الحياة الأسياسية والضرورية للإبداع والإنجاز والتقدم وفتح آفاق المنافسة على مستوى الوطن والإقليم والعالم.
وفي الوطن يتقاسم الجميع لقمة العيش معاً لا مجرد تبادل التهاني وبروتوكولات في المناسبات الإجتماعية والدينية بل يتم التبادل أيضاً بالتبرع بالدم وبالأكثر الإستشهاد معاً في المواجهة مع الإرهاب وفي مواجهة كافة الأخطار خارجية كانت أم داخلية. وهذا ما أكدت عليه الذكرى السادسة عشرة بتاريخ ٢٠٢١/١١/٩ لإستشهاد الكركية المسيحية لانا فهد الصياغ في حفل زفاف زميلتها المسلمة ناديا العلمي في فندق راديسون ساس سابقاً في الأربعاء الأسود الذي حصد 56 شهيدا.
نتباهى ونعتز بكم معالي الأستاذ محمد داودية في كل المواقع والمسؤوليات لأنكم حقاً تجسدون أخلاق الكبار، حتى عندما يسهو الإنسان عن معلومة شاردة عن الذهن، فالتواضع هو سيد الموقف بتصحيح الخطأ لا الإصرار عليه.