شيع الأردنيون قبل البارحه السبت ٢٠ تشرين الثاني من عام ٢٠٢١م، في جنازة عسكرية مهيبة بين اهله وقبيلته بني صخر، البطل بادي عواد الرديني الخضير بني صخر ، احد ابطال معارك الجيش العربي الأردني في الدفاع عن القدس عام ٦٧م..ولعل الحقيقة الدامغة في هذا الباب أنه لا يكاد يخلو بيت اردني ذات خلفية عسكرية من قصة تضحية ونضال من اجل القدس. فقد كان الأردن في فترة الخمسينيات والستينيات على اكبر خط مواجهة مع دولة الاحتلال الصهيوني، ويواجه بين الحين والاخر اعتداءات اسرائيلية بالداخل الفلسطيني او على الحدود وحتى في الداخل الاردني . ولهذا كان الجيش الاردني صاحب عقيدة قتالية ورسالة عرببة واسلامية دينية وعروبية تتمثل بالدفاع عن القدس وبذل الغالي والنفيس من اجلها.. وهذا ما كان عليه جميع ضباط وضباط صف الجيش الاردني، وكان المرحوم الضابط بادي عواد (اثناء حرب ١٩٦٧) واحد من ابرزهم .. وكان احد الذين تصدوا للجيش الاسرائيلي بكتيبته في منطقة القدس رغم اختلاف كل موازين القوى البشرية والقتالية.
ان ارتباط القدس الشريف بعمان وبكل محافظة وريف وبادية أردنية، وبكل عشائر الأردن، امر مفروغ منه ولاجدال فيه بل يكاد يكون مسالة ارتباط روحي وقومي وديني . اذ في كل موقع وجبل وحي في القدس هناك حكاية أردنية للجيش الأردني عنوانها التضحية والفخار ، تراوحت بين نصر مؤزر وشهادة وتضحية حتى الرمق الاخير ، ودحر للعدو الإسرائيلي. بل هذه الحكايات جميعها تعد عنوانا وهوية للجيش العربي الأردني الذي دافع عن القدس. ففي جبل المكبر بالقدس الشريف الذي سمي بهذا الاسم لأن عمر بن الخطاب كبر عليه شكرا لله له عند دخوله القدس، فعرف بهذا الاسم. فقد كان هذا الجبل موقعا استراتيجيا وهدفا اردنيا، فقد كان على بعد ٥كيلو مترات الى الجنوب الشرقي لمدينة القدس، ويشرف على المسجد الاقصى لانه يحتل موقعا مرتفعا. وفي هذا الجبل، جبر المكبر، وعليه ارتبط اسم الجيش الأردني بالضابط الاردني بادي عواد الصخري (احدى القبائل الأردنية العريقة ) وبكتيبته، كتيبة المشاة الأردنية، كتيبة اسامة بن زيد، وجنود الكتيبة الشجعان.
على الرغم من احتلال العدو الإسرائيلي للقدس الشرقية عام ١٩٦٧م، إلا أن كتيبة المشاة التي كان يقودها بادي عواد الرديني الصخري، روت وجسدت قصة بطولة على هذا الجبل في القدس، فقد روت دماء الشهداء الاردنيين ذلك الجبل، ومثل الجندي الأردني بثباته وتحديه للدبابة المعتدية الاسرائيلية قصة بطولة وتضحية. فقد دحرت كتيبة اسامة بن زيد بقيادة بادي عواد(كما جاء في برنامج الوثائقي ابطال من بلدي ) العدو الاسرائيلي في جبل المكبر في تمام الساعة التاسعة صباح يوم الحرب عندما جاء الأمر العسكري من قائد الجبهة الاردنية الفريق عبد المنعم رياض وعاطف المجالي بتحديد هدف الكتيبة وهو احتلال جبل المكبر، فنفذ بادي الأمر وتوجه بجنوده ال ٩٠٠ للجبل باسلحته المتواضعة ولكن بجنوده الشجعان اصحاب الارادات والهمم العالية تمكن من الجبل واحتله بجنوده ال ٩٠٠ اسود الحسين اهل البوادي والارياف والنخوة الاردنية.. وبعد احتلاله للجبل قام الجيش الاسرائيلي بهجوم مضاد في الساعة الواحدة والنصف بمختلف صنوف اسلحته من مشاة ودروع ودبابات، فقام باربعة هجمات مضادة ضد الجيش الأردني لدحره عن الجبل، وفشل في محاولاته الثلاث امام الجنود الأردنيين رغم كثافة غاراته وحرثه الجبل حرثا بالطيران وقنابل النابالم ، ولكن الجيش لم يتزحزح عن مواقعه وصمد صمود الابطال، وفشل الجيش الإسرائيلي باسترداد الجبل. ولم ينجحوا باسترداده الا بعد الهجوم الرابع الذي نفذوه من كل الجهات وبمختلف صنوف الاسلحة مشاة ودروع ومدفعية وباعداد فاقت قوات الكتيبة الاردنية بعشرة اضعاف . الا ان كثافة النيران وكثافة الدبابات ادت بالجيش الاسرائيلي لاحتلال الجبل التي اجبرت الجنود على الانسحاب بعد معركة ضارية واستماتة في الصمود والدفاع، كما اشار احد جنود الكتيبة(سليمان السلايطة ) الذي أشار ان العدو جاء من جميع الجهات وحاط الكتيبة الاردنية برتلين من الدبابات، ورتل من جهة الغرب من جبل المكبر، ورتل عن طريق الخليل وبيت لحم.واشتبك الجنود الأردنيين مع اليهود، ولكنه مع كثرة الدبابات وكثافة نيران العدو انجبرت الكتيبة على الانسحاب.. مما حدا ببادي عواد لطلب هدف تخليص ارواح عليه وعليهم. ومع ذاك بلغ عدد شهداء الكتيبة ٤٠ شهيدا. فكان نصرا مؤزرا رغم كل التحديات...
صحيح اننا بلد صغير بامكانياته الإقتصادية اذ لا نملك طائرات كثيرة كتلك الدول العظمى ، ولا اموال طائلة ، ولكننا بكل فخر نملك كتيرا من الدم الاردني الزكي الذي اريق على ثرى القدس ونملك كثير من الرموز الذين ضحوا من أجل القدس، امثال: عبدالله التل، ونواف جبر الحمود وبادي عواد الصخري واخرين كثر من ابطال الجيش الأردني....