المزار الشمالي في العهد العثماني كانت تتأرجح ما بين بني الاعسر تارة وبين بني عطية تارة اخرى وفي مطلع القرن التاسع عشر كانت تدعى ناحية بني عبيد .
المزار مدينة لكنها لا تزال تتدثر في جلباب القرى ، طيبة في النفوس ومحبة على اتساعها في القلوب ، في المزار العيون مغاريف القلوب بها يعرف ما في القلوب وان لم يتكلم اصحابها ، ما ان تحط رحالك في باحاتها تشيع في نفسك اسارير الاطمئنان ؛ " العز يبقى والرحابة توافيق يا حظ من خاوى النفوس الكريمة " .
للمزاريين طلة القمر ونكهة الدماثة وتضوع العطور ، مجلسهم لا يزوره التجهم ولايخالطه العبوس ، فطرة جبلت عليها القلوب ؛ " من جمال جمع الله به روعة السحر وطيب الانفس " .
المزار اخذت اسمها من مقام نبي الله داوود ، حيث كان مزار للناس للتبرّك والاستشفاء .
والمزار في اللغة الارامية تعني المكان العالي والمرتفع .
كانت قبل داوود تعطى الحكمة لشخص ويعطى الملك لشخص آخر ، لكن داوود عليه السلام أُعطي الملك والنبوة فكان النبي الملك الذي سبّحت بمعيته الطير والجبال ، وعكفت لسماع صوته الانس والجان والحيوانات والطبيعة ، ولان الحديد بين يديه ، وكان يأكل من كسب يديه ، وكان يقوم ثلث الليل ويصوم نصف الدهر ، هي بركات صالحات اضفت على المكان والانسان السحر والدماثة ؛ فولدت المزار تحمل مزمار الجمال والطمأنينة والسكينة .
المزار وحواضرها هي أُس الطبيعة الساحرة ، تأخذ التضاريس الآسرة احداثيات الجمال من جغرافيتها الفاتنة ؛ " فعلى شرفاتها يمتلئ ضوء القمر المكتمل " ، فكأنها وجواهرها حدائق بابل المعلقة على اكتاف الجبال ، فصمد كأيقونة صامدة على التل لا تهزها الرياح ، وعنبة " ولّادة القرى " تبدو كشلال من الحرير يتمدد على خمسة جبال ، وحوفا المزار تعانق السفح باطمئنان ، وحبكا ذراع عل السهل وذراع على كاهل التل ، والجحفية منازل كقناديل علقت على سنام الارض كمراقبات استطلاع على طريق الحمام الزاجل ، ودير يوسف اول دار لحكومة الشمال ، وارحابا حواكير الخير التي لا تظمأ سلالها ، وزوبيا المحمية التي تحضن المكان بالظل والندى .
في المزار الشمالي رحم الطبيعة عنقود من الاسرار ؛ عراق الطبل حاضر بهالته ووادي الرقبة لا ينضب بهاءه ، ومحمية زوبيا لا ينحسر ظلالها ، وعديس لا يكف اريجه ، والموّاح لا ينام بريقه .
المزار : " الى مُحيّاكِ ضوء البدر يعتذر وفي محبتك العشاق قد عُذِروا " .