اصيل الأمس كنت هنا ، كان للمكان نشوة ثلاثية الأبعاد ؛ تأسر العيون والالباب والروح .
لله دركم يا آل ابو قاعود منازلكم تعبق بالطيب والتاريخ والمرتقى الصعب .
" أفرغ شجونك لا يأسا ولا هربا ، واجعل همومك في اطلالنا حصبا
ابراجها ارتفعت كالطود شاهدة ، انظر فقد لامست هاماتها السحبا " .
مكايروس ، ماخيروس ، مغاور ، تعددت رواية الاسماء ، لكنها تطرب لبحة صوتها وحروف اسمها مكاور ، ولدت على يد القائد " الاسكندر جانيوس " ، في القرن الأول قبل الميلاد ، استولى عليها القائد الروماني بومبي عام (٧٥) ق م :
" هي أس الفخار من نال أعلاها تعالى فخامة وتعالى " .
اذا اردت ان تنشد الطبيعة البكر التي لم تلقحها المظاهر الاصطناعية الا على استحياء وحشمة ، واذا اردت ان تغرق في الصمت والصفاء والسكون والجمال ... فعليك بجبل بني حميدة ... عليك بسنامة التلال مكاور :
صوني جمالك وارحمي اسراك ، لله ما صنعت بنا عيناك
لم تدر ما طيب العناق على الهوى حتى ترفق ساعدي فطواك
كم شاقني عذب الغدير وهزني زهر الربيع الى نسيم صباك
وركبت اجنحة الزمان فطفن بي افق الجمال ولجة الافلاك
والطير تهتف والأصيل مصفق والجو ينسج في خيوط سماك ".
مكاور احدى قلاع ثلاث ، احداهما تدعى قلعة " الكسندريوم " على قمة جبل صرطبة جنوب شرق نابلس ، وقلعة " هيدوريوم " على جبل الفريديس جنوب شرق بيت لحم ، ثلاثة من البواسق الحصينة يربط الارض والانسان والمصير ، فأين من القلاع داهمها الخطر ، ما عليها الا سوى اشعال النار في ابراجها ، فيأتيها المدد بلا تردد :
" قلاعك الشم ما ذلت ولا وهنت تطاول الدهر والانواء والسحبا
هنا العراقة والانساب طيبة واليوم تحفر في اعماقنا النسبا " .
مكاور سيدة القلاع الرزينة على مغزلها نسج التاريخ اساطيره ، هنا رسمت اول قطعة فسيفساء ، وهنا كان هيرودس انتيباس ، وهنا كانت هيرودبا ارسطو بولس ، وهنا رقصت سالومي رقصة الاغواء ... وفي كهوفها عاش المعمد الاول يوحنا المعمدان " يحيى " عليه السلام بشارة زكريا واليصابات على كبر .. وهنا امتنع ان يصبح الحرام شريعة وسنة تحت سوط العقوبة وحد السيف :
" وخرقاء قد قامت على من يرومها بمرقبها العالي وجانبها الصعب
فكم من جنود اماتت بغصة وذي سطوات قد ابانت على عقب ".
مكاور متحف الجغرافيا المفتوح على كل التضاريس ، اندغام بين الماء والانسان والأرض بتجلياتها الآسره ، فعلى يمينها الهيدان وذيبان وشيحان " احملها شوقا سلامي اليكم فيعبق منها للجنوب جيوب " ، وعلى ىشمالها الزارة وماعين ونيبو " والعين من شوق الى العين والفيض غدت فائضة تجري " ، والى شرقها فضاء مفتوح نحو اشراقة شمسها مليح ولب سهول تفيض سنابل حب وعطاء ، اما غربها بحر ونهر وقدس وبحر ، ايقونة تغزل طلاسم سحره بنياط القلوب المعتق بالحب والايثار والصبر " يا قدس يقتلني التذكر والتفكر والحنين الى رؤاك ، يا قدس معذور انا ان كنت اسجد رهبة لو صادفتني نفحة من شذاك " .
مكاور أمام ناظريها غلبت الروم في ادنى الارض ... وامام سطوة اهل الحمى حطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر :
" حسبوها نزهة حتى اذا كشف الواقع عن وجه لثامه
رجع العادي ذليلا داميا تاركا في ساحة المجد حطامه ".
مكاور :
" الام على هواك وليس عدلا اذا احببت مثلك أن الاما " .