كتبت في المقال السابق عن النساء المضطهدات واللواتي يشكلن واقع في مجتمعنا الأردني بل العربي، ويُعزى ذلك إلى البيئة والثقافة التي نشأن فيها، بل إلى مجتمع يتصف بالذكورية في أغلب الأحيان، إلآ أن الكثير من المشاهد يعكس جانب مضيء لنساء أخريات، ورجال كانوا لهن السند والحماية والدعم في رفعة شأنهن ودعمهن للوصول إلى مناصب قيادية ووظيفية وحتى أُسرية ضمن عائلات تُقّدر المرأة ودورها في بناء ورفعة الأمه، ومقولة أن وراء كل رجل عظيم إمرأه أعظم، أيضا وراء كل إمرأة سعيدة ومتميزة رجل مثقف وراقي يُقدّرها.
عِشنا ولا زلنا في مجتمع يَكثُر الحديث فيه عن حقوق المرأة والإتفاقيات الدولية التي تخصها والمتنازع عليها، متجاهلين حقيقة أن المرأة مكرّمة ومُصانه منذ القِدم وفي كل الديانات، وأوصوا بالنساء خيرا، وما أكرمهن إلآ كريم وما أهانهن إلآ لئيم، ومجتمعنا مليء بكل أشكال العنف الذي يمارس ضدها كما ذكرت سابقاً، بالإضافة إلى وجود الكثير من الرجال الذين يساندونها ويقفون بجانبها بكل المواقف والظروف القاسية التي تتعرض لها، نماذج من واقع حياتنا لرجال أوفياء وسند حقيقي أولهم والدي أمّدَّ الله في عمره وحفظه ذخراً وجميع الآباء، فكان لي السند الحقيقي والأمان في تحقيق طموحاتي وإتمام دراساتي العليا والنجاح بعملي، وكان عوناً لي في تربية أبنائي وإحتضانهم، وإخواني عضدي الذين ساندوني في أصعب الظروف، فوجودهم يريح القلب ويقي من عثرات الزمن، وجود الأهل الصادقين في الحياة وخاصة الأبوين نعمه تتوجب الشكر، ونبدأ ندرك خوفهم علينا عندما نصبح بمكانهم، بوقت كنا نستغرب كثرة أسئلتهم وخوفهم الزائد علينا.
كما ذكرت في المقال السابق أمثلة عن بعض الطالبات العاملات والأمهات اللواتي عانين من إضطهاد، هناك أمثلة أيضاً لطالبات تم دعمهن من أهاليهن وأزواجهن.
زارتني طالبه مجتهدة وزوجها بمكتبي فرحين بتخرجها، يحمل زوجها حلوى لإنهاء متطلبات الدراسة في البكالوريوس في زمن قياسي، فقالت لي هذا النجاح أهديه لزوجي الذي لم يتوانى يوماً عن توفير البيئة المناسبة للدراسة في جو كله محبة وبدعم وصبر كبير وتوفير الرعاية لأبنائي في وقت دراستي.
طالبة متميزة أخرى كنت قد أشرفت على رسالتها في الماجستير، تلقت دعم كبير من أهلها الذين لم تسعهم الفرحة عندما أَعلّنّا نتيجتها ناجحه بإمتياز مع تعديلات طفيفة، قاعه مليئة بالورود وروائح عطره وصوت الزغاريت بفرحة النجاح لا تضاهيها فرحة.
خلال إنهائي محاضرة وقفت مع مجموعة من الطلاب والطالبات وصار نقاش بيننا عن نظرة الرجل للمرأة وهل المرأة مظلومة في مجتمعنا وفرصتها أقل من الرجل وخاصة في تسلم المناصب القيادية والعليا في القطاع العام والخاص؟ أُعجبت بتفكير بعض الطلاب الذين تكلموا عن المرأة أنها حققت أشياء كثيرة بفضل دعم الرجل لها إبتداءً من الأب إلى الأبناء والأهل والأصدقاء وزملاء العمل، حيث أن الكثير من النساء المؤهلات والرجال يمكنهم أن يلعبوا دور كبير في دعم النساء للوصول الى المناصب القيادية وتمكينهم، ويجب على القادة الرجال تعزيز مبدأ تكافؤ الفرص وأن يؤمنوا بقدرات المرأة على إحداث التغيير في المجتمع وتحقيق أهدافهن.
وأيضا طالبوا برفع نسبة تمثيل المرأة في المجالس النيابية وتطرقوا الى مفهوم الكوتة النسائية وبأنها يجب أن تأخذ نسبة أكبر وتنافس، وأنه يجب أن تتغير فكرة المجتمع لدور المرأة فيه فدورها أعمق، والكثير منهن إكتسبن حقوق سياسية وزادت نسبة مشاركتهن في سوق العمل وصنع القرار في القطاعين العام والخاص والحكومة، وهذا تغيير يحتاج الى مزيد من الوقت والوعي، والبناء يجب أن يكون على أساس الكفاءة وليس على أساس الجنس أو المحسوبية، هنا تيقنت أن التغيير الإيجابي قادم لا محالة.
سمعنا عن نساء تقلدن مناصب عليا، نائبة مديرة قاضية مديرة بنك وزيرة وغيرهن الكثير، أبدعن بعملهن وأَثبتن موجودية وقيمة مُضافة، وترقين في مناصبهن، الأمر الذي أغضب أزواجهن وإنفصلن عنهم، بالمقابل غيرهم من الأزواج كانوا سبب رئيسي لما وصلن إليه من رفعه وتقدم، فليس كل إمرأة منفصلة إذا نجحت بحياتها نقول بسبب إنفصالها، فالكثير من المتزوجات حققن التوازن المطلوب في بيوتهن، لأن الرجل الناجح يهمه وجود إمرأه قوية ناجحه تضيف قيمه على حياته ليشعر بالأمان على أبنائه، ويصل معها إلى الأمان الفكري والعاطفي، فالنساء لديهن من الذكاء العاطفي والإجتماعي والعقلانية ما يزيل أي مشكلة، فهي الداعمه له مثله تماما.
ما أود طرحه بإختصار أن المرأة والرجل نصفان يُكّمل بعضهما الآخر، فالرجل هو والدي إبني أخي عمي خالي صديقي مديري زميلي وغيرهم، وكلهم يتمنون للمرأة المتميزة النجاح ويقدمون لها الدعم اللامتناهي بشرط أن نكون في بيئة سليمة فيها ثقافة حضارية تَحترم الإنسان وتُقدّر الإنسانية، وليس في عالم إفتراضي هدفه تكسير الجنحان والقيل والقال.