كانت زيارتي للجناح الأردني في معرض إكسبو ٢٠٢٠ في دبي على هامش الزيارة التسويقية لحاكمية جامعة جدارا للجامعة في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة؛ وللأمانة في إطار الجزء المليء من الكأس كانت هنالك جهود كبيرة بُذلت على سبيل إنجاز العمل من كل الجهات وهنالك سعي لبلورة أفكار جيدة؛ بالرغم من وجود جزء فارغ من الكأس؛ وأعلم أن كثيراً كتبوا وشوّهوا صورة الجناح والجهود المبذولة على الأرض ظناً منهم ومني أيضاً بأن الأردن يستحق الأفضل وواقعنا أفضل وهنالك إمكانية لعرض صورة عن الأردن تعكس الإنجازات والإستثمار بالإنسان والتكنولوجيا ورؤية جلالة الملك لأردن عصري منافس وقوي؛ ومع ذلك فجلد الذات ثقافة غير مقبولة ولنا أن نُظهر الجانبين المضيء والقاتم وإعطاء الفرصة لقادم الأيام لإنجاز الأفضل؛ لتكون ثقافتنا الأردنية تعظّم الإنجاز وتظهره وتبرزه ولا تقزّمه أو تشوّهه؛ فالأردن قيادة ووطناً وشعباً ومؤسسات مدنية وعسكرية وأمنية يستحق الأفضل دوماً:
١. الجناح الأردني جاء كنتيجة لعمل تكاملي وتراكمي بين الجهات ذات العلاقة في وزارة الإستثمار ووزارة السياحة ووزارة الخارجية وشؤون المغتربين وبعض الأردنيين المغتربين المستثمرين في الإمارات العربية المتحدة وجهات أخرى داعمه ذات صلة؛ ولم يكن قرار فردي أو إنفراد بالرأي لجهة بعينها بل لجان عمل دؤوبة لبلورة هذا على أرض الواقع.
٢. الجناح الأردني في معرض إكسبو دبي ٢٠٢٠ يحوي إيجابيات كثيرة لا يمكن إنكارها ومنها البعد السياحي والجيوسياسي للأردن ودور القيادة الهاشمية وملوك الهاشميين في رفعة وبناء الأردن والإقليم؛ وبعض التكنولوجيات المتطورة كالقمر الصناعي الفضائي لمؤسسة ولي العهد وبعض الإستثمارات النوعية والشركات الريادية وحتى أمور فنية ومنتجات أردنية وردهات إستقبال المستثمرين؛ وللأمانة هنالك فريق أردني في الجناح يستقبل الضيوف بحرارة ويقدّم الأردن بطريقة رائعة ويحترم كل الحضور دون كلل أو ملل؛ وبوركت جهود الجميع.
٣. ربما سوء الطالع في الموضوع هو خيارنا بوجود مبنى جاهز لإستخدامات الجناح بعيد عن الشوارع الرئيسة للإكسبو؛ ما يعني قلّة الروّاد نسبياً بمقارنة مع بقية الأجنحة الرئيسة كجناح دولة الإمارات والسعودية وروسيا وألمانيا وغيرها؛ فقد ورد هذه الأجنحة ما يربو عن عشرة ملايين زائر بيد أن زوار جناحنا الأردني حوالي خمسين ألفاً فقط؛ فهذا الطلب من قبل الجمهور مردّه للعرض والمكان والبناء وغير ذلك؛ وخصوصاً أن بعض الأجنحة بنيتها التحتية تجاوزت المائة مليون دولار ولم تتجاوز تكاليف جناحنا المليوني دولاراً!
٤. ربما كانت جُلّ الإنتقاد على الجناح الأردني بالمعرض مردّها وجود معرض خدمات جانبي لبيع المنتوجات الأردنية والتي حوت منتجات البحر الميت وبعض المطرزات والسفونير والهدايا وغيرها؛ بالرغم من أن معظم الأجنحة الأخرى تحوي هذا الجانب الترويجي والإستثماري؛ وبالرغم من أن أطر الإكسبو العامة تسمح بخُمس المكان لكل جناح لهذه الغاية؛ لكن هواية جلد الذات لدى البعض طغت لتُظهر السلبيات قبل الإيجابيات؛ وتبرز النقاط القاتمة قبل المضيئة!
٥. ربما أشاطر الرأي معظم الزائرين للجناح الأردني بأن الجناح ليس بمستوى طموح وإنجازات ومكانة الأردن وقيادته؛ فالأردن يستحق أفضل ومكانته أجل وأرفع مما تم عرضه! ولدى الأردن قصص نجاح وإبداعات وتكنولوجيا وغيرها يشار لها بالبنان؛ لكننا نعاود القول بأن التجربة فيها دروس مستفادة وخبرات تراكمية سيتم البناء عليها في إكسبو القادم لتقديم شيء نافع ومفيد ويظهر عظمة الأردن وإنجازاته ومئويته الأولى وتطلعاته لمئويته الثانية.
٦. كنت شخصياً أتمنى أن يشتمل الجناح الأردني في معرض إكسبو دبي على حقيقة إستثمارنا وقيادتنا الهاشمية بالإنسان العارف والمتميز والمبدع من خلال التعليم العام والعالي ورفاهه من خلال الصحة ومؤسساتها وأنظمتها؛ والريادة ومشاريعها والتشغيل والتكنولوجيا العصرية وإبداعات الشباب كطاقات فوق الأرض وليس تحتها؛ والسياحة التعليمية والطبية والمواقع السياحية ومواقع الديكابوليس كبنوراما إستعراضية لرواد المعرض؛ وحتى أكلاتنا الشعبية كالمنسف والمكمورة والمردّد والمجدّرة وغيرها؛ والعديد من الأفكار التكنولوجية والإنجازات ومحطات التقدم لتعطي صورة مشرفة عن الوطن لأن الأردن وقيادته وشعبه يستحقون الأفضل.
٧. أعجبني وأحزنني في ذات الوقت دفاع القائمين على رعاية الجناح الأردني ميدانياً عن الجناح وأفكاره وصناعته؛ ما يعني من جهة أن العمل تشاركي ووطني بإمتياز وأنهم مقتنعين بالمنجز ويحاوروا الناس بنجاحه على هذا الأساس؛ بالمقابل شعرت منهم أنهم في قفص الإتهام من قبل البعض بالتقصير كنتيجة لمخرجات الجناح فكان دفاعهم دوماً بقوة لأن الأردن يستحق الأفضل!
٨. تعزيز الجناح بالرغم من قرب نهاية زمن المعرض يعزز الإيجابيات وتعوّض جانباً من النقص الحاصل؛ وعلمت أن هنالك أسبوعاً نهاية الشهر الحالي لريادة الأعمال والشركات المستحدثة والإستثمارات النوعية وبعض الفعاليات الأخرى؛ فهذه ربما تعوّض ما فات وتعطي ثقة بالمستقبل.
٩. مطلوب من الحكومة وكل الجهات ذات العلاقة وخصوصاً وزارة الإستثمار ووزارة السياحة البدء اليوم قبل الغد بالإعداد لإستقطاب أفكار عصرية للإكسبو القادم في اليابان؛ وذلك من خلال تشكيل لجان فاعلة ومتخصصة والسماع من الجمهور وطرح مسابقات لأفكار عصرية وإعطاء فرصة لمشاركة القطاع الخاص وإبداعاته لتطوير منتجنا الأردني الذي سنتقدم به للإكسبو القادم؛ وبمأسسة متكاملة دونما فزعويات؛وأجزم بأن القادم أفضل وأننا سنستفيد من تجربتنا هذه صوب الأميز والأكثر فعالية لنرفع رؤوسنا كأردنيين بالقادم.
بصراحة: الجناح الأردني في إكسبو دبي ٢٠٢٠ فيه المضيء والمعتم؛ وعلينا تعظيم الجزء المليء من الكأس والبناء مؤسسياً في الإكسبو القادم لتجاوز الجزء الفارغ من الكأس صوب جناح أردني يظهر المكانه الحقيقية للأردن وإستثمار قيادتنا الهاشمية بالإنسان والشباب وتعليمهم ورفاههم وحياتهم الكريمة والعصرية المواكبة للغة العلم والتكنولوجيا والمستندة لرؤية جلالة الملك المعزز ليكون الأردن مركزاً دولياً لتوطين ونقل التكنولوجيا والإستثمار بالإنسان.