"أنا اعرف الاردنيين واعرف حكمتهم واعتزازهم " ذكريات الثلاثين من كانون الثاني
بكر خازر المجالي
كان يوم الثلاثين من كانون الثاني من عام 1962 فيه ولد جلالة الملك عبدالله الثاني في مستشفى فلسطين الذي شهد احتفالية لعدة أيام وتحلقت الدبكة بمشاركة موسيقات الجيش ،وسط بهجة اردنية رائعة مشاركين الملك الحسين طيب الله ثراه بهجته الذي خاطبهم في الرابع من شباط عام 1962 بعد ايام من الولادة المباركة وصادف أن كان اول ايام رمضان بقوله :
""تحية الشوق والمحبة والوفاء ازجيها الى كل واحد منكم وانا اتأهب معكم للقاء الخير والبركة في رمضان بعد ان اضاء نفوسنا جميعاً مولد ابنكم الحبيب عبدالله ".
وكان خطاب جلالته شاملاً يدعو فيه الى العمل والبناء والاستعداد لمسيرة التقدم والنهضة وقد تحدث جلالته شاكراً فضل الله ومنته معبراً عن سعادته وعن امله الكبير في ولي العهد الآمين فيقول جلالته طيب الله ثراه في خطابه في الرابع من شباط 1962م:-
" لقد كان من الباري جلّ وعلا، ومن فضله وهو الرحمن الرحيم أن وهبني عبدالله قبل بضعة ايام، واذا كانت عيني الوالد في نفسي قد قرَّت بهبة الله واعطية السماء، فان ما استشعره من سعادة وما احس به من هناء، لا يُرَّدَُ الا أن عضواً جديداً قد ولد لاسرتي الاردنية، وابناً جديداً قد جاء لامتي العربية ..."
وفي يوم ميلاد جلالته صدرت الارادة الملكية السامية بتسمية سموه (سمو الامير عبدالله) ولياً للعهد وفقاً للدستور ،وقد جاء نص الارادة الملكية السامية التي اكتسبت الدستورية القانونية بعد توقيع رئيس الوزراء آنذاك وصفي التل ووزير الداخلية كمال الدجاني جاء نص الارادة السامية كالآتي:-
"نحن الحسين الأول ملك المملكة الاردنية الهاشمية، لما كانت الفقرة أ من المادة 28 من الدستور تنص على ان تنتقل ولاية الملك من صاحب العرش الى اكبر ابنائه سناً فقد اصدرنا ارادتنا الملكية هذه بأن يُلقب اكبر ابنائنا صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بلقب ولي العهد، وان يمنح سموه الملكي حق استعمال هذا اللقب السامي وان يتمتع بجميع المزايا المتعلقة به".
نشأ جلالة الملك عبدالله الثاني هاشمياً عربياً وقد اراد الأب جلالة الحسين طيب الله ثراه ان يتدرج عبدالله في التنشئة والتعليم لاعداده للمستقبل ، وقال جلالته طيب الله ثراه بعد ايام من ولادة ولي العهد عبدالله:-
"انه سيتلقى دراسته الابتدائية والثانوية في الكلية العلمية الاسلامية كوالده، واعتقد انه سيتلقى الدراسة العليا في جامعة هارو او اوكسفورد وسيكون له نصيب من التعليم العسكري".
وهنا نعود بالذاكرة الى يوم عيد ميلاد جلالته الأول حين اصطحب جلالة الحسين طيب الله ثراه ابنه ولي العهد في يوم 30/1/1963م، في زيارة الى كتيبة الامير عبدالله الآلية الأولى ويومها تحدث جلالته طيب الله ثراه قائلاً:-
" وانني ادعو الله ان ينمو عبدالله اخوكم الصغير، ويخدم حتى في هذه الوحدة كجندي في خدمة بلده وامته، وسوف نبقى باستمرار اخوة ندافع عن الحق ونسعى للبناء والعمل لكي يعتز كل واحد منا بأنه قام بتأدية واجبه في هذه الحياة والله يبارككم جميعاً ويوفقكم"
وحين تسنم جلالة الملك عبدالله الثاني العرش في السابع من شباط من عام 1999 ، كانت أولى زياراته لكتيبة الحسين الثانية أم الشهداء تقديرا للاسم الغالي " الحسين " وتقديرا لتضحياتها واكبارا لشهدائها الابرار في القدس وكل ميادين المعارك ، وأول خطاب لجلالته في عهده الميمون كان في هذه الكتيبة يوم 9 آذار 1999 حين قال جلالته :
بسم الله الرحمن الرحيم
اخواني النشامى ضباط وضباط صف وأفراد كتيبة الحسين الالية الثانية "ام الشهداء "
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا سعيد بوجودي معكم ، فأنا أرى صورة الحسين في وجه كل واحد منكم وأسمع صوته في أصواتكم تماما مثلما أرى صورته الغالية وأسمع صوته الحبيب في وجه وصورة كل فرد من رجال قواتنا المسلحة وكل مواطن من أبناء شعبنا الأردني العزيز .هذه الكتيبة يا إخوان لها مكانة خاصة عندي وعند كل الأردنيين ، تاريخها معروف وبطولاتها معروفة في الشيخ جراح وباب الواد واللطرون وفي غيرها من معارك الشرف والبطولة ، ولأنها قدمت أكثر من مائة وخمسين شهيدا غير الجرحى فنالت أعظم اسم في الدنيا "أم الشهداء" وهذه الكتيبة هي ثاني أقدم كتيبة في الجيش العربي ، وكان جدي الملك طلال رحمه الله وكان لها شرف تدريب أفواج من المناضلين الفلسطينيين قبل حرب 48 ، وكلكم تعرفون أن لهذه الكتيبة مكانة عظيمة عند جلالة سيدنا ، ولهذا السبب سماها باسمه الغالي كتيبة الحسين ،تتذكرون مع اخوانكم أنه قال " النشامى إما العيشة بشرف أو الموت بشرف " ومن يومها صارت هذه الجملة شعارا للكتيبة وستظل شعارها للابد بعون الله ، لهذه الأسباب كلها انا اليوم موجود معكم في أول زيارة لكتائب ووحدات جيشنا الباسل . أول زيارة أقوم بها بعدما شرفني جلالة سيدنا باستلام المسؤولية الأولى في الأردن الحبيب ،ونحن كلنا في هذا الوطن أيها الاخوة جنود الحسين وكلنا لعيون الشعب الذي احب الحسين وعيون الوطن الذي بناه الحسين ، والشعار الذي يزين كل جبين واحد منا نفتخر به ونحن تعلمنا من سيدنا أن نكون فداء للوطن وفداء للامة العربية التي يقف الأردن في أول صفوفها
وتحية من عبدالله أخوكم لكل النشامى في قواتنا المسلحة ، ومسيرة الحسين التي انتم رجالها مستمرة بعون الله ، وستبقى الراية مرفوعة بهمتكم وتظل الجباه عالية لا تنحني الا لله كما أرادها الحسين دوما ان تكون .
بارك الله فيكم أجمعين ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
9 آذار 1999م
وكانت القوات المسلحة الاردنية على الدوام هي مدار اهتمام جلالته والتي يكون جلالته أكثر سعادة حين يكون بين اخوانه نشامى الجيش ، وفي حديث لجلالته في يوم 20 شباط 2011 قال جلالته " انا اعرف الأردنيين واعرف حكمتهم وانتماءهم وحرصهم على وطنهم ومنجزاته ، وإن شاء الله تظل الرؤوس دائما مرفوعة ويظل الأردن شامخا وعزيزا "
ومن ذكريات الثلاثين من كانون الثاني :
في الثلاثين من كانون الثاني من عام 2001 استقبل جلالة الملك عبدالله الثاني بمناسبة عيد ميلاده في قصر رغدان طلبة الصف السادس الابتدائي "طالب وطالبة من كل مديرية تربية في المملكة " وتحدث اليهم جلالته كأب وهو يقول لهم " بدي اياكم تساعدوني في الحكم " وأمر جلالته من يومها بفتح ابوب قصر رغدان لزيارات الطلبة وحتى لمؤسسات المجتمع المدني " وكان لي الشرف شخصيا بادارة هذا الموضوع كدلالة وشرح والاشراف عليه خلال عملي في الديوان الملكي الهاشمي العامر من عام 2001 وحتى عام 2015 . وكان جلالته وجلالة الملكة رانيا بين الحين والاخر يطلعوا على سجل الزوار ويقرأوا تعليقات وملاحظات الزائرين .
وفي الثلاثين من كانون الثاني من عام 2002 افتتح جلالته صرح شهداء الشمال القائم بالقرب من جامعة العلوم والتكنولوجيا على مثلث الرمثا والذي اقامته القوات المسلحة الاردنية تقديرا لجيشنا العربي في حفظ امن واستقرار الاردن ومشاركته في حرب تشرين عام 1973 والتي قدم فيها جيشنا 23 شهيدا وكانت انطلاقة جيشنا الى الجولان من هذه المنطقة التي يقوم عليها الصرح الان .
وبمناسبة عيد ميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني وبتاريخ 31 كانون الثاني من عام 2013 افتتح جلالته متحف الاردن في منطقة راس العين الذي يقع على ارض بمساحة 10 دونمات ومساحة البناء 5000 متر مربع ويتحدث باجنحته ومحتوياته عن حضارات الاردن العريقة منذ اكثر من عشرة الاف سنة وصولا الى العهد الحديث .
وبمناسبة عيد ميلاد جلالته وبتاريخ 29 كانون الثاني عام 2018 افتتح جلالته متحف الدبابات في حدائق الملك عبدالله الثاني في المقابلين والذي يتحدث عن تاريخ القوات المسلحة ومعاركها وأيضا يضم نماذج من الدبابات في العالم، وهو يقع على ارض مساحتها اكثر من خمسمائة دونم ويأتي التصميم الخارجي على شكل دبابة .
وفي العيد الستين لميلاد جلالته
نقول لسيدنا نحن على العهد الذي يتأكد كل يوم ، ومعك نمضي من اجل الاردن العزيز الكبير بقيادتك الهاشمية والعظيم بعليائك ، وسيبقى جيش السيف القاطع في وجه العدى ، وسيبقى الجيش والشعب هم القوة التي تحرس الوطن .
ونقول لمؤسسة العرش الهاشمي لسيدي صاحب السمو الملكي الامير الحسين بن عبدالله الثاني –ولي العهد ولصاحبة الجلالة الهاشمية الملكة رانيا العبدالله نقول كل عام وانتم بخير في ظل الدوحة الهاشمية..