هي بنت الارض الواسعة ، وخاتمة مزيونات بني صخر باتجاه الجنوب ، ومنتهى الشفا ، واول استهلال خيوط البادية ، واول تباشير الفجر ، انها الجارة العزيزة " ام الرصاص " ، وجه ضحوك رغم قسوة الظروف .
لها ثلاثة ابواب ، باب من مطلع الشمس من الطريق الصحراوي ، وباب من مغرب الشمس من ذيبان ميشع ، وباب من الشمال من مطلع سهيل من مأدبا .
ميفعة حصن منيع تحيط به اسوار عالية ، تبلغ مساحتها القديمة 2كم2 ، كانت في البدء مركزا لوحدة من الجيش الروماني على تخوم الصحراء .
اليفع في تاج العروس : التل المشرف ، قال النابغة :
" وحلّت بيوتي في يفاعٌ ممنع تخالُ به راعي الحمولة طائرا " .
واليفاع في لسان العرب : المشرف من الارض والجبل ، قال القطامي :
" واصبح سيل ذلك قد ترقّى الى من كان منزله يفاعا " .
والميفع المكان المشرف ، قال حميد بن نور يصف ظبية :
" وفي كل نشزٍ لها ميفع وفي كل وجه لها مرتعى " .
ورد في مختصر تاريخ دمشق لابن منظور" وقيل ان الراهب بحيرى كان يسكن البلقاء بقرية يقال لها ميفعة وراء زيزياء " .
ميفعة كانت على طريق قوافل رحلة الصيف ، ومن ميفعة جاءت بشارتان عن رسولنا الكريم :
البشارة الاولى : كانت للرجل الباحث عن الحقيقة الحنفي زيد بن عمر بن نفيل احد اشهر الموحدين في الجاهلية والذي يبعث يوم القيامة امة لوحده ، وهو القائل :
" اربا واحدا ام الف رب ادينُ اذا تقسمت الامور
عزلت اللات والعزى جميعا كذلك يفعل الجلد الصبور " .
حيث التقى زيد في رحلة بحثه عن الحقيقة راهب من ميفعة فقال له ارجع فأن النبي الذي تنتظره يظهر بارضك ، فرجع الى مكة " .
البشارة الثانية : وردت في كتاب ابن منظور السالف الذكر " حدّث ابو داوود سليمان بن موسى : ان ابا طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج الى الشام فلما مروا بقرية يقال لها ميفعة من ارض البلقاء وفيهم راهب يقال له بحيرى ، فخرج اليهم بحيرى وكانوا قبل ذلك يقدمون ولا يخرج اليهم ولا يلتفت ، فجعل يتخللهم حتى انتهى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذا سيد العالمين ، هذا رسول رب العالمين ، هذا الذي بعثه الله رحمة للعالمين " .
وميفعة مخزون تاريخي وتراثي وانساني تنصهر فيه الحضارات بابهى صورها ، فداخل اسوار الحصن اقيمت العديد من الكنائس تزخر بارضيات موشاة بالفسيسفساء الجملية ورسومات تظهر فيها 27 مدينة من المدن البارزة التابعة للارض المقدسة ، 8 في فلسطين ، 9 في الاردن ، 10 في دلتا النيل ، وعلى بعد 1.5 كم شمال غرب الحصن يقع برج الناسك سمعان العمودي ، الذي يبلغ ارتفاعه 15 م ، بقاعدة 2.5 *2.5 .
الملفت للانتباه في ام الرصاص ان اكبر كنائسها بنيت في العصر الاموي والعباسي فكنيسة القديس اسطفيان شيدت عام 718 م ، وهذا يدل على سماحة الاسلام وروعته .
وتبقى ميفعة نبع التاريخ الذي لا ينضب ، وقلب الانسانية الذي لايجف ، وروح المحبة التي لا تذبل .