ها نحن ذا ننعي قيس هذا الزمن و أسطورة إيسلي و تيسليت التي كتبها التاريخ و قصة روميو و جولييت الذي نسجها موليير و كبور و الشعيبية التي صنعها الكوميدي حسن الفذ، و لكن هنا الحكاية ليست في الخيال و لا في الأذهان، ليست رواية تروى و لا مسرحية تلعب في الركح و لا خبر ملأ نشرات الأخبار، إنه الوفاء في زمن الخذلان، إنه الاخلاص في زمن اللااخلاص، هذه الحكاية التي بدأت في أواسط ستينات القرن الماضي، سعيدة طفلة في عمر الزهور تنتمي لإحدى الأسر العريقة هنا في المغرب كانت آنذاك لا تتجاوز ربيعها الرابع عشر، لم يكن آنذاك مصطلح تزويج القاصرات حاضرا عكس الآن الذي أصبح الإعلام مطبلا لذلك بغية نشر الفساد و الرذيلة بين بنات المسلمين على أي تزوجا على سنة الله و رسوله، بحب و ود وئام أنجبا ابنهما الأول في صيف سنة 1965 فكان هو ثمرة هذا الحب الكبير كبرت الشجرة فازداد لهم خمس أبناء و بنت، ست ثمرات، التي كانت هي من قامت بجعل البذرة التي زرعها عبد المجيد الأب و الجد و رجل السلطة المغوار و الشجاع الشهم و الذي يحب الدعابة والمرح، أن تتحول إلى شجرة و هي، في مرحلة البداية، بداية هذا الحب المليئ بالإثارة و التشويق لا أقول و كأنك في فيلم تيطانيك أو سلسلة الكوبل أو البرتقالة المرة، إن أردت كتابة سطور أو رواية عن هذه القصة التي كان بطلها شاب كافح و أنجب ولي عهده مولاي مصطفى الخمليشي في أواسط ستينات القرن الماضي ثم تبعهم الأمراء بدءا من صغيرهم الأمير جلال و الأمير محمد و الأمير نبيل و الأمير سعد و الأمير محسن و الأميرة سناء، هؤلاء الصبية آنذاك الذين رباهم بكل ما أتاه الله من قوة و صلابة هم بدورهم لن يخيبوا ظنه فكانوا أكفاء و مرضيين مهديين زعماء من الالف الى الياء، فكان الحفدة عددهم ستة عشر تعددت عقولهم و تنوع تفكيرهم و اختلفت آراؤهم و تحليلاتهم، هذا ليس بفضل الأمراء بل بفضل رئيس المجلس الراحل عبد المجيد العاشق الولهان، كيف لا يكون ولهانا و هو ظل محتفظا بسندريلا قصره التي طلقها من بيت الزوجية لتصير أكثر من زوجة، فهي زوجته و هي أم أولاده و هي جدة أحفاده، نعم، هذه القصة التي وجب على كل دارس للعلوم الإنسانية أن يطلع عليها و عند مدخل كل عدول قصد كتابة العقد أن تعلق صورة هؤلاء الذين ظلوا حوالي ستون عاما، متشبثين بحبهم الأسطوري، لا ننكر أنها كانت عراقيل و ربما كانوا شياطين الحب و محاولة التفرقة إلا أن الأسد هنا هو الذي أتى باللقمة لكي لا تظل لبوؤته مهانة أمام الذئاب دمت جدنا الحي روحا، دمت الغائب الحاضر، و إن شاء الله سنلتقي هناك و نضحك و نلعب و نمرح، فأنتم الشيخ هنا و الشاب هناك في يوم الحساب الذي ستكون أنت صاحب الجنة و مالك القصور، ستكون هناك رجل ثلاثيني و ستكون أكثر نورا، نحبك يا من رحلت، نحن جد سعداء لا لرحيلك لكن ليوم رحيلك كيف و أنت رحلت في ليلة الجمعة و سمعت خطبة و موعظة تذكرنا في موعدنا، نحن نحبك و الله أيضا يحبك لأنك أنت الأسد، اللهم اغفر له و ارحمه و اجعل مثواه الاخير جنة عرضها السموات والأرض، و بارك لنا في عمر من تحلت بمعجزة سيدنا أيوب عليه السلام الصبورة الطيبة لالة سعيدة العلمي، وداعا عبد المجيد وداعا بابي وداعا با سيدي وداعا جدي.