ناقشت أستاذة الفلسفة السياسية المعاصرة الدكتورة دعاء نصار في محاضرة "السياسات الحيوية ونزعة ما بعد الانسانية، المفهوم والعلاقة" التي نظمتها الجمعية الفلسفية الأردنية، مساء أمس الثلاثاء، تدخل السياسة بحياة البشر كجسد اجتماعي وتعزيز البشر بالتكنولوجيا.
وأوضحت في المحاضرة التي أدارتها الدكتورة لينا الجزراوي، أن مفهوم السياسات الحيوية بوصفه سلطة تهدف إلى الحفاظ على الحياة في حالة صحية مثالية، وإنشاء عادات تضمن استقرار نظام الإنتاج أو الهرمية الاجتماعية القائمة وتفكيره وتنظيم الجسد من خلال التحكم في الولادة والوفيات والصحة والجنس.
كما أشارت إلى أن الفيسلوف الفرنسي ميشيل فوكو كان من أوائل المنظرين للمفهوم في إطار نقده للدولة الحديثة التي برزت في القرن الثامن عشر، حيث وظفت نوعا جديدا من السلطة ألا وهو السلطة الحيوية، من أجل ضبط الأفراد والتحكم في أجسادهم وحياتهم وإخضاع المجتمع، مستخدمة تقنيات واستراتيجيات جديدة لتحقيق ذلك بدلا من الأساليب القديمة القمعية، كي تحقق الضبط الكلي.
فيما ظهر مفهوم ما بعد الإنسانية ، بحسب نصار، مع صدور كتاب عصر الآلات الروحية، لراي كيرزويل نهاية التسعينيات، والذي وضع تصورا جديدا لمستقبل الذكاء الاصطناعي في لحظة تصل فيها الآلة إلى مرحلة التفرد، موضحة أن الآلة في هذه المرحلة تتفوق فيها على البشر، ما مهد إلى بروز نزعة فكرية تبنت مفهوما جديدا عن الإنسان الذي كان ينظر إليه سابقا كجسد وعقل يتوحدان لتأسيس الوعي، نحو صيغة جديدة تتجاوز الإنسان بصورته الجسدية والخطابية التي رسمته ضمن إطار معين، وانتجت تيارين هما: ما بعد الإنسانية والإنسانية الانتقالية أو المتجاوزة .
ولفتت نصار إلى أن الإنسانية الانتقالية أو المتجاوزة تعترف بوجود إنسان معزز بالتكنولوجيا، من خلال الانتقال من إنسان يمرض ويموت وتضعف ذاكرته، إلى إنسان هجين من البيولوجيا والتكنولوجيا، ومدعم بالشرائح الرقمية والسيلكون، بحيث انتهت صيغة الجسد والعقل ولم تعد هويتها موجودة، ليحضر التساؤل حول معنى الحياة لإنسان يعيش تحت المراقبة والضغط والاستهلاك والإخضاع الدائم.