وضاء وجهك يا بلدي… بابتسامة أم وبركتها… ونصر عزّ وكرامة إنتظرناه…وتوج بالكرامة ودم الشهداء… ومن حسن الطالع تزامن الكرامة المعركة وعيد الأم… ولا نعرف ايهما يذكرنا بالآخر… .
الأم والكرامة وطن وشجون وفرح وكبرياء وعزة وشموخ… الأم وطن المحبين… والكرامة عنوان النصر… وانعتاق الوطن وزهوه وفرحه.
رغم قساوة الأيام والحياة والجائحة التي داهمتنا منذ عامين وقلة الحيله وذات اليد… تشرق شمس صباح الحادي والعشرين من آذار لترسم بسمة على محياك يا وطني… بسمة تحمل عبق الكرامة المعركة… وعيد الأم… ذات عشق..و حب اجتمعتا… .الأم والكرامة، قدر لهما ان تتزامنا لدى الأردنيين، الكرامة المعركة وعيد الأم عنوان الحب والوفاء وفرح الوطن وسجية المخلصين المحبين الطيبين… الأم والكرامة إشراقة ووسام فخر تزينان حياتنا وإطلالة وجه الوطن الأجمل، فلا كرامة بدون وطن ولا وطن بدون كرامة… اما الأم فهي الأصل وروح الوطن النابض فينا….فالأردن؛ بلد القابضين على الجمر من اجل عيونه وكل حبة تراب من أرضه.
حين اكتب عن الكرامة في زمن الردة والخيبات والعطش لشذرة نصر… ، يصبح للكلام شجون… فنحن امة تحتفل بالكرامة لانها عنوان عزة… ذات يوم قبل اربعة وخمسين عاماً… فجر يوم 21/آذار/1968…قرر العدو الصهيوني بعنجهيته وغطرسته، ان يغزو ارضنا…واختار جسر الكرامة في بلدة الكرامة أمام إطلالة جبال البلقاء، ليحتل ما استطاع منها، دارت المعركة… واستبسل جنودنا الأبطال رغم محدودية السلاح، وسجلوا نصرا تاريخيا، دَوّن سفراً في صحائف المجد و الفخار، بدم الشهداء وشجاعة الجنود ودعوات الأمهات… وزغاريد النشميات… متوجة بالغار ومجبولة بالتضحية وطلب الشهادة ليعلو الوطن… نستذكر معركة الكرامة ونَشّوَة النصر، لنشحذ الهمم ونعيد الحياة لأمتنا، باننا قادرون على الفعل عند نداء الوطن وعلو الهمم.
أما الأم فهي الوطن الأرحب وهي الكرامة وهي الرضى… هي ايقونة الحياة، الحضن الدافئ عندما تداهمنا الخطوب، هي الصدر الحاني عندما نفقد كل العابرين أو يداهمنا الغابرين…! هي أمي صديقة محمد عبدالله المومني الثمانينية وامهاتكم… يقفن بشموخ يقارعن الدهر والسنين والحياة وقسوتها، سيدات الماضي والحاضر بحلوه ومره، كانت الحياة صعبة بدائية ليس فيها إلا تكنولوجيا أمهاتنا التي سبقت تكنولوجيا التقدم… !، كانت الأم كل شيء، مديرة، أم، مربية، عاملة، ملهمة محفزة صانعة أجيال، كانت تصحو صباحا مع اذان الفجر، تصلي وتدعو الله ليوفق الجميع، توقظ ابنائها، وتجهز للجميع الإفطار أو الزواده لمن يذهب للأرض او يرعى الماشية او من يذهب إلى المدرسة، كانت تعجن العجين من طحين القمح البلدي وتخبزه في فرن الطابون او على الصاج، كانت تنظف البيت بكل ما فيه وصولاً للحاره نيابة عن البلدية..!، كانت تربي اطفالها وترضعهم وتغذيهم وتعتني بهم وتربيهم (كل شبر بنذر)، كانت تطبخ على الحطب أو(بريموس الكاز) وتغسل على يدها، وتخيط الثياب، وتنجد الفرشات والمخدات و اللحف، وتجمع الحطب وورق الشجر للطبخ وفرن الطابون، تعلف حيوانات العمل والدجاج وتجمع البيض البلدي، كانت تشارك الرجل والعائلة كل اعمال الزراعه؛ من حراثة، تعشيب، قنابه، وجني المحصول، الحصيد ،الدراسه، التغمير، الجواله، الرجادة… ورعاية الماشية .. كانت تنحت الصخر من اجل لقمة العيش الشحيحة، كانت تحرم نفسها من كل طيب من اجل ابنائها، كانت تقبل بالقليل، ولا تشكو لاحد،كانت تساعد الآخرين في مواسم ( العونه)… كانت وكانت…وكانت وما زالت تقارع الدنيا دون ملل أو كلل.
نعم أمي وأمك وكل الاردنيات لباسات الشرش والحطه الحمراء والسوداء المقصبة بخيوط الذهب، والشنبر والمدرقة والشماغ والبشكير الألماني، و(العرجه)، يالجمالهن وطلتهن البهيه...فهن الجيل الذي أجيال الوطن، الجيل الذي بنى الأردن، كنَّ أميات لم ينلن نصيبا من العلم، لكن كان تعليم الأبناء اولوية مقدسة لديهن، جيل امهاتنا جيل الطهر، والطيبة والبساطة، والعفوية، والبذل والعطاء ..جيل فعل المستحيل وسطر المعجزات من لا شيء.
في عيد الام اقول لأمي ولكل امهاتنا… .مقصرون مهما فعلنا من اجلكن… الدَين في رقابنا لكُن كبير…!، تأبين أن تشعرننا بذلك… تحملن شموخ وبهاء وأنفة جبال عجلون والبلقاء والكرك…وإربد وعمان وكل بقعة من وطني… تزينكن عزةُ النفس...وهيبة الحضور وجمال الطلعة والطلة… نصغر أمام جلال ومهابة قدركن… واقول لمن فارقن هذه الدنيا من امهاتنا… لارواحكن الرحمة والسلام...وجنات النعيم، وأقول لكل من عق أمه أو قصر بحقها، ولم يبرها… وضعك صعب والله..!، فما زالت الفرصة لديك لتدخلك الجنة، وتسعد ببرها.
الشجون كثيرة في فضاء الأم والكرامة، ولكن ما يخص الحرائر الاردنيات امهاتنا واخواتنا، فالأحوال الاقتصادية والاجتماعية تمسهن منذ سنوات، فهن خط الدفاع الاول في مجتمعنا، قبل الحكومة، وهن أول المعاناة واخرها، ادعو كل مسؤول في وطني، وكل من أفسد عيشنا وضيق علينا، ومد يده لمالنا ورغيغ اطفالنا وساهم في شقاء امهاتنا واجيالنا، استقيموا وأعيدوا ما نهبتم، أو لتقدمهم الولاية العامه للقضاء لينالوا جزائهم، من حق امهاتنا ان يفرحن في حياتهن، وان يعشن لحظة فرح، من حقهن ان يعشن يوما اوساعات دون ان يحملن الم وشقاء وعوز ابنائهن، ووجع الوطن..وضنك العيش… انصفوهن قبل ان يفارقننا… مثلهن من يستحق… ونحن نحن سنبقى نبحث عن لحظة رضا، ودفقة حنان، وومضة صفاء، من بحر عطائهن الذي لا ينضب…لا تجعلوهن يهمسن في نفوسهن وعلى استحياء؛ (مكتوب علينا نشقى..!)، لا تجعلوا عيدهن هدية عابره ويوماً واحداً، لتكن أيامهن أعياد… الله يسعدهن...حمى الله الاردن.