2025-12-20 - السبت
سوريا على مفترق الطرق: إلغاء "قيصر" يفتح الأمل وسط بنية تحتية متهالكة nayrouz "ظلم تاريخي".. رؤوف خليف يكشف كواليس هدف أبو طه "الملغى" في نهائي كأس العرب nayrouz ليبيا تستيقظ على جريمة صادمة: أب يحبس ابنه 10 أعوام nayrouz تعاون تدريبي قانوني بين «مارفن سكيلز» و«ألفا ليجال بارتنرز» لدعم وتأهيل الكوادر القانونية في السعودية nayrouz الحكومة: العام المقبل سيكون نقطة تحول بعلاقات المملكة التجارية مع أميركا nayrouz "جزاء عمان": سنة سجن لأب وابنه سرقا "منهلا" وباعاه بـ 75 دينارا nayrouz إنجي كيوان تفوز بجائزة أفضل ممثلة شابة في مهرجان "الأفضل 2025" nayrouz تفاصيل جريمة مروعة تودي بحياة شقيقين في حلب nayrouz كنيسة الرسل شاهد على غنى مادبا الديني والفني nayrouz مركز "الفينيق" يحذر من اختلالات في الضمان الاجتماعي ويدعو لإصلاح اقتصادي شامل ومستدام nayrouz جرش: مشتل عين جملا إرث زراعي وبيئي يستأنف دوره في دعم التحريج nayrouz النشامى في كأس العالم .... محرك حقيقي لمراكمة النمو الاقتصادي nayrouz الحجايا يكتب قراءة هادئة في احالة عبير الجبور على التقاعد nayrouz جامعة الزرقاء تستقبل وفدًا طلابيًا من مدرسة عائشة أم المؤمنين الثانوية الشاملة المختلطة nayrouz تونس تدشن أول محطة طاقة شمسية كهروضوئية بنظام الامتياز بقدرة 100 ميغاواط nayrouz الفاهوم يكتب حين تُنقذ المعرفة الذاكرة: موسوعة البالستينيكا nayrouz بلدية إربد تودع مفوضية الأمم المتحدة بعد إغلاق مكتبها في المدينة nayrouz شكر وتقدير لإدارة مستشفى الاستقلال والكادر الطبي والتمريضي nayrouz حادثة مأساوية : عامل دليفري ينهى حياته بسبب خلافات أسرية حول الزواج nayrouz محكمة العدل الدولية تبدأ النظر في الاتهامات الموجهة لميانمار بحق الروهينغا nayrouz
وفيات الأردن اليوم السبت 20-12-2025 nayrouz وداع يليق بمكانته… العبيدات يشيّعون أحد أعمدتهم الاجتماعية " الشيخ سيف الدين عبيدات nayrouz الخريشا تعزي الزميل كميت الجعبري بوفاة والده nayrouz وفاة المرحومة ليلى خالد العشي، زوجة الدكتور حسن صرصور nayrouz وفيات الأردن اليوم الجمعة 19-12-2025 nayrouz وفاة الأستاذ الدكتور خالد يوسف الزعبي عضو هيئة التدريس في جامعة مؤتة nayrouz وفاة لواء مخابرات متقاعد محمد خير العضايلة "ابو الخير" nayrouz وفاة محمد عبدالرحيم "بني مصطفى" والدفن في سوف nayrouz وفاة الحاجه تراكي سليمان "ابو شاكر ام عصام nayrouz ذكرى رحيل المخرج محمد ضاري الخريشا… مسيرة إعلامية حاضرة في الذاكرة nayrouz حزن عميق على وفاة الشاب راكان غازي الحويطات nayrouz وفيات الأردن اليوم الخميس 18-12-2025 nayrouz وفاة الشاب محمد علي عويد أبو زيد nayrouz الرمثا تنعى شيخ عشيرة الشبول الحاج محمد عبدالرحمن عوض الشبول nayrouz الحاج صالح اسمير البدر الخريشه في ذمة الله nayrouz وفيات الأردن اليوم الأربعاء 17-12-2025 nayrouz وفاة الأردني الطلافحة صاحب مبادرة كاسة زيت من كل بيت nayrouz وفاة سفير الأغنية السودانية الدكتور عبدالقادر سالم nayrouz ذكرى وفاة الحاجة مريم عشبان المعاويد الحنيطي (أم محمد) nayrouz وفيات الأردن اليوم الثلاثاء 16-12-2025 nayrouz

تباين الرؤي وتعدد التأويلات في قصص "حسن علي البطران" القصيرة جداً

{clean_title}
نيروز الإخبارية :
د. محمود كحيلة ـ مصر*

 "حسن على البطران" أحد رواد القصة القصيرة جداً أو التغريدة السردية جداً بالسعودية وهذه السرديات المكثفة عبارة عن قصص قصيرة جدا متناهية القصر ؛ التلميح فيها أكثر من التصريح هي نوع سردي حديث من منتجات عصرنا الأدبية سريعة الإيقاع ، متعددة المعاني والتأويلات ، بحيث يمكنك أن تقرأها اليوم وتراها بمنظور معين ، ثم تقرأها بعد حين من منظور مختلف ورؤية أخرى ، ولا واحدة من هذه الرؤى يتكرر تأويلها ، وربما لا واحدة منها يقصده "البطران" ، الذي حقق نجاحاً كبيراً ومستمراً في تعاطيه مع هذا النوع الأدبي الحديث والذي يصنف من رواده مع مجموعة من الأدباء العرب الذين جنحوا بمواهبهم في هذا السرد ، وحلقوا في هذه التلغرافات الأدبية حتي صنعوا لها ولهم موقعا علي صفحة الإنتاج الأدبي العربي ، وقد حقق منتج القاص البطران نجاحا ملموسا وإقبالا كبيرا جعله ضيفا دائما على كثير من منتديات السرد العربي الحديث ، التي رسخت بدورها للومضة القصصية ووضعت لها نظم وطرق تداول ومعايير تقاس بها ، وغير ذلك من القواعد التي تتعلق بطريقة نشر هذه القصص شديدة القصر ، التي انتشرت بشدة في الأونة الآخيرة من مختلف دور النشر العربية الرسمية الحكومية ، وكذلك دور النشر الخاصة ، وحسن علي البطران صدرت له حتي الآن أكثر من عشرة مجموعات في مجال القصص القصيرة جدا التي تخصص فيها ولم نرصد له حتي الآن محاولات إبداعية في مجال آخر منشور من مجالات الكتابة الإبداعية رغم أنه يكتب في مجالات إبداعية عديدة أخرى.
ما يتميز به الإنتاج القصصي لحسن البطران المرونة ، والخيال الذي يغازل ذوق المتلقي المعاصر، ويلبي احتياج القارئ العائش في العقد الثالث من الألفية الميلادية الثالثة بما شهدت من تطورات في التقنية والإيقاع وكوارث ربما لم يشهدها إنسان العصر الحديث عربيا تحديدًا من قبل ، وأعني هنا فيروس الكورونا الذي سبب لنا كل هذا التوتر والقلق رغم أنه أصغر مخلوق علي وجه الأرض، ولأن قصص البطران القصيرة جدا بكافة معايير التذوق والجمال الأدبي جيدة جدا لما تحتمله من رؤي وما تشمله من تأويلات ؛ ولأنها تناسب متلقي هذا الزمان تسابقت دور النشر العربية في نشر قصيرات البطران  فصدر له عن الهيئة المصرية العامة للكتاب وضمن سلسلة ( إبداع عربي ) مجموعة قصصية بعنوان " دانة " ، أذكر أثناء تحريراه كيف كانت الإدارة تبحث كيف تصدره للقارئ العربي في كتاب ، وقبلها كانت هذه الومضات إما أن تصدر في دوريات أدبية في صفحة واحدة تنشر عدة ومضات أو نراها كتيب صغير يتناسب مع طبيعة المنتج ، أما هذا الكتاب فقد كان عامرا بالسرديات القصيرة جداً الجيدة والبارعة التكنيك ، وكان محور النقاش هل تنشر كل ومضة في صفحة مستقلة أم تختلط الومضات ، وأصرت هيئة التحرير أن تكون كل ومضة لها صفحتها المستقلة ، وكان ذلك جيدا ، حيث تفسح المجال لخيال القارئ والمتلقي الذي يجد نفسه متورطا في المشاركة بخياله في ملء ثقوب النص التي يتعمد كتاب القصة القصيرة جداً تركها لتفسخ مجال الرؤي والتأويل.
ففي مجموعته ( دانة ) نقرأ علي سبيل المثال قصة من وقصص البطران القصيرة جداً ربما لأن هذه القصة هي نفسها ما عنونت بها المجموعة ، يقول فيها :
 ( قبل
 أن يأسر قلبها .. وصفها بالدانة . 
أهدته كل شيء، إلا شيئاً واحدًا .. قالت: هو ليس لك.. )
هكذا من غير أن تشعر يذهب خيالك إلى حيث تسمح له بالذهاب ، وكل قارئ وتأويله بالقراءة، وهكذا تكون القصص ، التي يعمل الخيال فيها لا يزيد عن خمسة عشر كلمة ؛ قال البطران ما أراد أن يقول في هذا الشكل الجديد من أشكال السرد القصصي فهذه طبيعة القصص القصيرة في ثوبها الجديد القصير جدا التي يكتبها "البطران" وفي هذا الجنس الأدبي الحديث والذي سنتعرف علي كثير من معالمه في هذا المقال مع إلقاء الضوء علي الكاتب "حسن البطران" الذي في كتيب آخر صدر له عن نادي الطائف الأدبي بالسعودية تحت عنوان " ماء البحر لا يخلو من ملح " ، قدم للقارئ فيه باقة من النصوص القصصية المنوعة مع تغريدات قصصية نقدية يسردها كما شهدنا بكلمات بسيطة مختصرة ، يمكن أن يكتفي القارئ في تعاطيه معها بالعناوين الرئيسية أو الفرعية التي تستدرجه إلي تعبيرات جاذبة، وثقوب وثغرات تجلب كثير من الرؤي وتعمل الخيال وتحرض علي المشاركة في الإبداع حتي يجد القارئ نفسه مشاركا رغما عنه في كتابة ما هو محذوف من النص حيث يقوم بوضعها مكان نقاط النص وفراغاته كأنه يدعو القارئ إلي أن يكمل المحذوف من النص، وهذا إضافة إلي جماليات السرد المختصر الذي يمارسه البطران فيحقق متعة للمتلقي الذي يجد نفسه متورطا بالسرد فيصير شريكا للمبدع يستشعر متعة الإبداع.
القصة الومضة أو التغريدة القصصية أو الشعرية أو المسرحية أو القصة القصيرة جداً ، وغيرها من نواتج تفاعل الأجناس الأدبية مع إيقاع الواقع هي إبداعات شديدة الشبه بكائنات حية دقيقة ليست فطريات أو غيرها من وحيدات الخلايا وإنما هي فيروسات قوية الأثر عظيمة القيمة مجرد أن تجد الكائن الحي الذي لا حياة لها إلا بداخله فالومضة لن تكون ما لم يقرأها القارئ بما أوتي من فكر وثقافة، وهي رغم بساطتها تعتبر من أخطر المخلوقات ، حيث تحتاج كما تحتاج الومضات إلي طرف أخر هو الإنسان كعائل يستقبل خلايا هذه الكائنات الصغيرة جدا لتعيش وتتكاثر وتنمو وتترعرع في وجوده، وكمتلقى للقصة القصيرة جدا أو الومضة التي لا تكتمل هي أيضا إلا بإعمال خيال القارئ الذى يساهم ويشارك بنفسه فى الإبداع وإكمال ما بين السطور وملئ الثغور وسد الثقوب والفجوات التي يقرأها بأسلوبه وبثقافته وبقناعته كيفما يشاء والنص الومضة هو أيضا كذلك.
 أغلب نصوص مجموعة البطران القصصية ( ماء البحر لا يخلو من ملح ) تعتمد على موضوعات جسدية لا يتردد في عرض أفكاره التي تعبر عن أثر الجنس على مجريات أمور العالم، ولذلك نجد كتاباته غنية بالعواطف الجسدية والجنسية التي تجذب قارئ العصر وتعكس أفكاره ليرى كل قارئ المشهد من واقع تجربته هو ، لا كما يعرضها المبدع .
 البطران يكتب ما لا يستطع غيره من المبدعين كتابته ؛ متجولا بالعديد من مشاهد الحياة الإنسانية بقصد أو من دون قصد باحثا لنصوصه القصصية عن سبل التحدي والبقاء والقبول مستخدما لأجل ذلك أسلوب أقرب ما يكون إلي أشعار " نزار قبانى" عندما كان يكتب فى النقد الإجتماعى بنفس العمق والتهكم الذى يكتب به قصائده العاطفية مع إحتفاظه بنكهة خاصة وخصوصية ، فيسخر من موقف الدوريات التى تصدر فى بلاده والتى ترفع شعار الإهتمام بالأدب المحلى ولكنه عندما يتصفحها لا يجد بها ولا منتج محلى ، ولذلك كتب البطران [ صـ  29] في (ماء البحر لا يخلو من ملح ) قصة قصيرة جداً طريفة بعنوان (صفحات هلجم..) التى يقول فيها أنه طالعها و(... لم يجد اسماً من داخل دولتها..) ثم وفى نهاية الأمر إختتم ومضتة القصصية بعبارة تقول: (مجلة دورية أدبية ــ تعنى بالإبداع المحلى) وهذه القصة من دون المجموعة تتجه إلى نقد الدوريات الأدبية.
 وفي قصة أخرى من مجموعته ( ماء البحر..) يكتب في [ ص 12] : المعتلي صهوة جوادها ) والسؤال هنا أين يذهب خيالك عندما تقرأ مثل هذا العنوان، وكيف قرأ ؟ وعلى أى محمل تحملها؟
حيث كاتبنا "حسن علي البطران" بريء من استخدام التورية أو توظيف الرموز أو الإسراف في الخيالات والتلميحات هو لا يقصد التلميح أبدا لأنه كاتب صريح يعبر عن أى مواقف أو إيحاءات يقصدها بطريقة مباشرة لأن النص القصير الذي يكتبه ليعبر به عن الواقع بكل شجاعة ووضوح لا يحتمل أي دوران أو إلتفاف، وإن كنت أنت أيها القارئ إعتقدت غير ذلك فأنت حر لأن (حسن على البطران) يقصد تماما ما يقول والإعتلاء الذي يكتب عنه لا يقتصر علي جواده فقط ، إنما يسقط بكل شجاعة على العلاقة بين الرجال والنساء، ولتأكيد نيته إقرأ عبارة تالية بومضته السردية يقول فيها (سابق الهواء بها) يعنى الموضوع رحلة ممتعة فوق فرس جميلة في هواء لطيف مضي فيه كاتبنا بأقصى سرعة، وقد تكسر الزجاج من أثر ذلك، والزجاج إن كسر لا يمكن إصلاحَه لكي تتأكد من وضوح نواياه.
إنتشرت القصص القصيرة جداً واستمر القاص "حسن علي البطران" في كتابة هذا النوع السردي لما وجد من تفاعل إذ يعبر بها عما يريد ويوفر للقارئ كتاب يستطيع بكل بساطة أن يقرأه بالكامل في جلسة قراءة واحدة بتركيز غير كامل كما يمكن تكرار قراءته مرة أخري أو أكثر من دون ملل لأن الأمر يتعلق بفن سردي حديث، ولا تخلو نصوص البطران جميعها من جماليات لغوية وأدبية تحرض على التفاعل، وهذا التفاعل من طرف جمهور القصص هو ما أطلق عليه (جيرار جينيت) فى كتابه (دراسات فى النص والتناصية) "كل ما يضع النص فى علاقة ظاهرة أو خفيه مع نصوص آخرى" ونلمح ذلك بوضوح أكثر في ومضة للبطران بعنوان (نهاية نبض) يقول فيها ( كشف عن نيته .. إزداد معدل نبض قلبها .. أراد أن يطمئنها.. فشل في خطته .. تدثر تحت نية جديدة ) .
يتمتع "البطران" في كتابته القصصية بقدرة على نحت جمل ذات عبارات قصيرة شيقة ومعبره ، يمثل بها قطاعا عريضا من الناس لذلك يستطيع التواصل مع متلقى هذا العصر الذى ما عاد يحتمل وسط كل هذا الركام والضجيج والصخب عبارات الأمس القريب الكبيرة والمركبة التى كانت يوما ما من أهم لوازم كتابات العقود السالفة حيث كان يحتفي بجماليات لغوية ومحسنات بديعية لن يحتفي بها عصر مكبل بهذه الفوضي وهذا الصخب.

                *ناقد مصري وكاتب مسرحي
.