الوعي هو الادراك الداخلي للنفس وما يحدث حولها في ذات الوقت، يتشكل الوعي من خلال إدراك تفاعلنا مع بيئتنا وما تحتويه هذه البيئة من اشخاص واشياء وافكار واحداث يومية (اما جاذبة او منفرة) تجعلنا في حاجة لان نتأقلم معها وان نتواصل معها ونرتبط بها بحثا عن الاستقرار والأمان والشعور بالسيطرة على بيئتنا لكي نتمكن من ان نعيش لحظات من السعادة والراحة معا
لكن الذي يحدث حقيقة اننا مع مرور الوقت ننمو ونكبر ليتمدد وعينا ويتسع، يتمدد ليصبح بعيدا عن الواقع الحقيقي الذي نعيشه، ان من أسباب تمدد واتساع الوعي هو تراكم الخبرات وتخزينها في ذاكرتنا، ان أدراكنا الجديد يتشكل ضمن الاحداث الجديدة التي نمر بها، كذلك نحن نستقي من تجارب الأشخاص الذين نتفاعل معهم يوميا والذين يمرون في حياتنا او من خلال قراءة الكتب والروايات معان وقيم تثري ادراكنا، عندها ستتغير معايير كثيرة في داخلنا ضمن ما نحب وما نكره وتصبح قرارتنا أكثر تعقيدا مما كانت عليه في الماضي.
ان التواصل الاجتماعي من خلال التكنولوجيا والذي يعرضنا الى خبرات الاخرين على مستوى العالم كله من أفلام ومقالات وكتب وفيديوهات يصب فينا شلالات من المعرفة المتلاحقة ليتسع ادراكنا لما يحدث خارج بيئتنا الصغيرة ومع الأسف يشتت انتباهنا عن واقعنا المعاش ليعيش وعينا في عالم افتراضي بعيدا عن حقيقة الواقع
تتسع تلك الفوهة بين وعينا وواقعنا المعاش فيجعلنا نعيش حالات من الإحباط والتوتر والاكتئاب بسبب انعدام التناغم مع واقعنا ولأننا أصبحنا نراه من وعي اعلى (مكان مرتفع) كمن ينظر من اعلى سطح عمارة شاهقة الى الأسفل فأننا نراه صغيرا فقيرا لا يلبي احتياجاتنا
للخروج من هذه المعضلة الكبيرة ...
يجب علينا ان نعمل على جعل واقعنا أكثر غنى واتساعا كي يواكب ذلك الوعي المتعالي والمتمدد في داخلنا.
هنالك أكثر من جانب يستحق منا الاهتمام به لرفع مستوى الواقع حولنا مثل النشاطات اليومية والدائرة الاجتماعية التي نتفاعل معها، فإدراج الهوايات كالكتابة والموسيقى والرسم والرياضة تعتبر من النشاطات المهمة لاستيعاب تمدد الوعي كونها تحتوي ابداعا في لغة التعبير وخروجا عن نمطية وسجن الواقع الممتلئ بالعادات الثقيلة سواء فكرية او عاطفية او جسمانية
اما اجتماعيا فوجود اشخاص يشاركونك هذا التمدد بالوعي ويشاركونك نوعية الأفكار القيم والأولويات يعد مهما، فوجودهم في واقعك يغني هذا الواقع ويرفع قيمته الى مستوى وعيك، فالمنتديات والتجمعات الاجتماعية تمنح شعور المشاركة وتتضاعف الحرية في داخلك
إذا وجدت ان واقعك فقير فاعلم ان وعيك مشتت ومترامي الأطراف، وان التناغم بين الوعي و الواقع يأتي من خلال كسر العادات و نمطية الحياة التي نعيشها , لا تتأثر ابدا بمتعلقات واقعك و بيئتك بشكل اعمى بل اجعل اليقظة و الانتباه أسلوب حياة لا نحيد عنه
فانت بحاجة الى ان تخرج من رتابة الواقع وضيقه وان تجعله متناغما مع ادراكك الذاتي مستلهما معاني سامية وحياة جديرة بان تعاش