بعيدا عن حدود الجغرافيا التي تجمع هي ايضا ضفتي نهر الاردن وشعبيهما بروح واحدة تتجه بوصلتها الى القدس الارض والسماء والتاريخ والديانات، فان ما يحدث في الاقصى منذ ايام لم يهز فلسطين فقط بل زلزل الضفتين معا، ولم يُعنى به المسلمون، بل آلم ايضا المسيحيين، فما يمس الاقصى المبارك- الحرم القدسي الشريف يمس ايضا كنيسة القيامة التي تعيش اليوم تحت ضغط الجماعات الاستيطانية في محاولة جديدة للي ذراع أبنائها في الاسبوع الاخير من الصوم الاربعيني بحسب التقويم الشرقي.
مسلمون ومسيحيون من الاردن وفلسطين وحدوا الصف خلف الوصي على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس وحاميها جلالة الملك عبد الله الثاني، مؤكدين ان هذه الوصاية التاريخية باتت اليوم سياج الامان الوحيد للقدس بمقدساتها، وغدت الترس الذي تحتمي به المساجد والكنائس في المدينة المقدسة.
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بطريرك المدينة المقدسة وسائر أعمال فلسطين والأردن، قال» منذ سنوات طوال، أصبحت المشاركة بالصلاوات وحتى الوصول الى الكنائس في البلدة القديمة، خاصة في مواسم الاعياد امرا صعبا للغاية على أبناء الكنائس وأهلنا بشكل عام، ورغم محاولاتنا لعدم استمرار هذه الممارسات غير المقبولة بحق مؤمنينا، الا انه للاسف كانت النتيجة وبدلاً من التراجع، فقد فرضت اجراءات احادية الجانب اضافية جديدة تزيد من قيود إحياء سبت النور العظيم، ومفادها ان الشرطة لن تسمح إلا لألف شخص من دخول كنيسة القيامة في ذلك اليوم رغم أنه جرت العادة دخول أضعاف هذا العدد، وكذلك السماح لخمسمائة شخص فقط بدخول البلدة القديمة والوصول الى ساحات البطريركية وأسطح كنيسة القيامة المقدسة». واضاف» ان رفضنا لما يحاك ضد مسيحيينا وكنيسة القيامة هو قوتنا لرفض كل ما يحدث ضد ابناء شعبنا المسلمين في المسجد الاقصى- الحرم القدسي الشريف، وننظر بألم لما يحصل ضد العزل المعتكفين في المسجد الاقصى خلال هذه الايام المباركة، فنحن اليوم نخوض معركة وجودية في هذه الارض، سواء المسلمين في مقدساتهم وارضهم، او المسيحيين وتأمين وجودهم الأصيل في القدس وسائر الأراضي المقدسة وحمايته كعنصر مكوّن أساسي لهوية المدينة المقدسة»، مؤكدا ان «الاعتداء على الأقصى هو اعتداء على كنيسة القيامة».
واستكمل غبطته الحديث قائلا : «ان الاخطار التي نعيشها اليوم في القدس وعموم الاراضي المقدسة متنوعة ومبرمجة ضد اصحاب الارض الحقيقيين وممتلكاتهم ومقدساتهم خاصة الأجندات التوسعية للجمعيات الصهيونية المتطرفة التي تسعى الى فرض واقع جديد في المدينة المقدسة من خلال إلغاء الآخر ومحو فسيفساء المدينة وتنوعها التاريخي والحضاري والثقافي والديني».
مؤكدا الموقف الثابت والراسخ من الوصاية التاريخية لصاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس الذي سيبقى الداعم الاول والاقوى، وعلى اهمية وقف أي إجراءات استفزازية من شأنها تأجيج العنف وتغذية الكراهية الدينية في ارض لم تكن يوما الا ملاذا للسلام ورسالة للقداسة.
الشيخ ناجح بكيرات
الدكتور الشيخ ناجح بكيرات نائب مدير عام أوقاف القدس، ورئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث والذي تم ابعاده في بداية شهر رمضان المبارك عن المسجد الاقصى، قال «ان الإنتهاكات الإسرائليلة نتاج مخطط مدروس لمدينة القدس وتستهدف المكون الاسلامي المسيحي، هذا المكون الذي عاش 1500 عام في تناغم ما بين كنيسة القيامة التي يحج إليها مليارا مسيحي وما بين المسجد الأقصى الذي تعتبره أمة الاسلام هو المكون الاسلامي الثاني، ثاني مسجد وضع على الارض، وهو الذي أسري اليه النبي صلى الله عليه وسلم وعرج منه، فان جماعات متطرفة تقوم بالاعتداء على هذا التناغم من خلال محاولتهم الانفراد في المسجد الاقصى بداية وخلق ما يسمى بالنزاع على قدسية المكان، فبدأوا عملية الهدم في باب المغاربة ثم انتقلوا الى محاولة الاقتحامات التي كانت بداية فردية وبدأت تأخذ الطابع الجماعي الى عام 2000 بإقتحام شارون الذي خلق واقعا جديدا وبدأت هذه الاقتحامات بنوعياتها سواء كانت اقتحامات عسكرية التي كانت ترتكب المجازر وما زالت، ان كل هذه الاقتحامات تهدف الى خلق واقع وحق لليهود في هذا المكان المقدس الاسلامي في نفس الوقت كانت هناك محاولة حثيثة من شرطة الاحتلال لحماية هذا الهدف فبذلت كل ما في وسعها من أجل ابقاء هذه الاقتحامات».
واضاف «ان هناك انتهاكات كثيرة جدا أكثر من 3450 انتهاكا مسجلا رسميا منذ عام 1967 ولغاية اليوم ضد المسجد الاقصى المبارك، استهدفت المسجد الاقصى واستهدفت البشر في المسجد الاقصى، وايضا تستهدف الاوقاف التي تمثل وجود الوصاية الهاشمية، هذه الوصاية التي وجدت منذ عام 1924 لغاية اليوم، هذا الوجود الذي خدم المسجد الاقصى، اقول ان وجود الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية بحق استطاع ان يحميها بشكل كبير جدا، وبالتالي كانت هناك مطالبات من جماعة الهيكل بإلغاء الوصاية وإلغاء دور الاوقاف، فوجود الوصاية مهم جدا وتفعيلها ايضا مهم جدا ودعم هذه الوصاية من الدول العربية والاسلامية مهم جدا في وقت يتعرض فيه المسجد الاقصى وتتعرض فيه ايضا الاماكن المسيحية الى انتهاكات. وبخصوص كنيسة القيامة نحن نعلم بأنه تم الاعتداء في السبعينيات على كنيسة القيامة وأيضا في عام الـ 85 في أكثر من مرة كانت هناك محاولة للاعتداء على كنيسة القيامة، يكفي ان نفهم ان هناك الالاف المؤلفة من الذين يمنعون من الوصول الى كنيسة القيامة، ونحن رأينا ما حصل عند كنيسة القيامة في عام 2018، بل هناك بصراحة بعض الجماعات المتطرفة التي تنادي بإزالة كنيسة القيامة كما تنادي بإزالة المسجد الأقصى، انا اعتقد ان هذا الاحتلال العنصري احتلال خطير وخطير للغاية، هو يريد تغيير هوية المدينة وجذر المدينة ولا يريد ان يرى المدينة عاصمة للشعب الفلسطيني».
العين عودة قواس
العين الدكتور عودة قواس قال «ان التصرفات والسياسات الإسرائيلية بما يخص القيود المفروضة على المصلين من الوصول الى المزارات المقدسة وأماكن العبادة للمسيحيين والمسلمين، ومن وجهة نظري لها عدة أسباب منها السياسي ومنها الديني،.. اما بخصوص الشق السياسي فهناك دائما محاولة اثبات ان القدس موحدة وهي عاصمة الدولة وان السيطرة الأمنية لها وحدها كما الكلمة الأخيرة، وبذلك تحاول دائما التأثير والتشكيك حول الرعاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية والتي جاءت الاتفاقية الأردنية الفلسطينية حول هذا الموضوع لتعزيز ما هو مثبت في اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية والتي حاولت إسرائيل وتحاول دائما التملص من تطبيقها، ولكن الإصرار الأردني ومتابعته الحثيثة من خلال الأوقاف الإسلامية التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية يمنع ذلك».
واضاف «اما السبب الثاني فهو ديني وهي محاولة يائسة لها عدة أسباب منها الإنساني ومنها العقائدي ومنها السياسي الإسرائيلي الداخلي وهناك مجموعات يهودية متطرفة دينيا لها مصلحة باستقطاب التمويل الخارجي وتنفيذ معتقداتهم الكاذبة والتي ليس لها أي توثيق تاريخي».
واستنكر قواس كل التصرفات الترهيبية التي قام بها الاحتلال الجمعة الماضية في المسجد الاقصى المبارك تجاه المعتكفين للصلاة في شهر رمضان الفضيل، والسياسات التي يقوم بها في كنيسة القيامة واصفا اياها بـ « التصرفات غير المقبولة» يحاول من خلالها الاحتلال تمرير قراراته وزعزعة الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس وهي التي تعد ثابتا اساسيا وعاملا لصمود المقدسيين المسيحيين والمسلمين على حد سواء.
الأب نبيل حداد
واكد مدير مركز التعايش الديني الأب نبيل حداد ان الوصاية الهاشمية على المقدسات في بيت المقدس والتي آلت إلى جلالة الملك عبدالله الثاني هي صمام الامان الذي يحمي هذه المقدسات والوسيلة الوحيدة التي تحافظ على عروبتها امام غطرسة الاحتلال وتصرفاته العنصرية تجاه مسيحيي ومسلمي فلسطين والقدس على وجه الخصوص. واضاف ان ما حدث في المسجد الأقصى - الحرم القدسي الشريف مرفوض بكافة الاعراف الانسانية، كما نرفض ايضا التصرفات الهوجاء وسياسات الاحتلال الغاشم للتضييق على حجاج كنيسة القيامة في يوم النور العظيم الذي يسبق احد الفصح المقدس. وقال «ونحن الأردنيين المسيحيين والمسلمين في مواسمنا المباركة هذه التي تكون فيها قلوبنا والعقول شاخصة نحو القيامة والأقصى، تتضاعف فينا عاطفة الحب للقدس والإصرار على عروبتها والوقوف معا خلف قيادتنا الهاشمية مدافعين عن مساجدنا وكنائسنا ومقدساتنا في القدس ومرافقة اهلنا في فلسطين في مواجهة هذا التجاوزات التي تدينها وتشجبها كل القوانين والشرائع الدولية الانسانية والروحية».
العماوي
بدوره، قال أمين عام حزب الوسط الاسلامي النائب الدكتور مصطفى العماوي « ليس بالشيء الغريب على العدو الصهيوني خرق الاتفاقيات والمواثيق الدولية وعدم احترامها فيما يتعلق بالجرائم والقتل بحق الشعب الفلسطيني وتشويه الدور الأردني في دعم الأشقاء الفلسطينيين وقضية فلسطين المركزية من حيث إقامة دولتهم المستقلة، وكذلك وضع العراقيل أمام الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية والتصدي لمسار المفاوضات المتعثرة، وهنا وجب على الشرعية الدولية إلزام سلطة الاحتلال في احترام القرارات الدولية ووقف المجازر بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته،.. ان دعوات جلالة الملك عبدالله الثاني تستحق الدعم من الأمة العربية والإسلامية عامة واحرار العالم لانصاف الشعب الفلسطيني وإعادة حقوقه المسلوبة وإنهاء الاحتلال والعيش في مناخ تسوده العدالة والكرامة وحقوق الإنسان».
واضاف « ان علاقة الهاشميين والاردنيين بفلسطين علاقة متجذرة تاريخيا ودينيا ووجدانيا عبر الزمان، والموقف الأردني ثابت الذي يعتبر أن فلسطين أرضا عربية محتلة السيادة وعلى العالم أن يتحمل المسؤولية كاملة».
أمين مفتاح كنيسة القيامة أديب الحسيني
أمين مفتاح كنيسة القيامة وحامل ختم القبر المقدس اديب الحسيني قال «يعد هذا العام من اسوأ الاعوام على المدينة المقدسة، فقد كشرت الحكومة الاسرائيلية عن انيابها واظهرت عنصريتها للفلسطينيين على العلن منذ بداية هذا العام، ورأينا كيف بدأت قوات الاحتلال بقتل الابرياء بمجرد فقط الاشتباه بالاشخاص رجالا كانوا ام نساء، وان الاحتلال جذر العنف حيث تعودنا في الفترة الاخيرة على سماع ورؤية الاعدامات العشوائية من قبل جنود الاحتلال والمستوطنين المدججين بالسلاح دون رقيب او حسيب، في هذا العام وحسب التقويم التاريخي لجميع الاديان تحتفل المدينة المقدسة باعيادها الدينية معاً، حيث تلتقي هذه الاعياد مرة في ربع قرن، تحتفل الكنائس المسيحية بالصيام الكبير وعيد الفصح المجيد، والمسلمون يحتفلون بشهر الصيام، واليهود يحتفلون ايضا بعيد الفصح العبري، الا ان حكومة الاحتلال بجنودها وافراد امنها تفننت بالتنكيل وعرقلة عملية الاحتفال بهذه الاعياد الدينية والتي ينتظرها الشعب بلهفة شديدة من اجل التقرب الى الله وقضاء هذا الشهر الفضيل بالكنائس والمساجد لاقامة الصلوات».
مضيفا» ان ما حصل في الجمعة الثانية من رمضان حيث اقتحمت قوات الاحتلال المسجد الاقصى المبارك وقامت بالاعتداء على المصليين الامنين، حتى انها اقتحمت المسجد القبلي «ببساطيرهم النجسة» واعتقلت المئات من المصلين رجالًا ونساء واعتدت بالضرب ايضا على الاعلاميين والذين كانوا يوثقون هذا الاعتداء الاثم والذي فجر غضب العالم العربي والدولي على حد سواء،.. لا بد ان نذكر بأن ما يحصل في الحرم القدسي الشريف يحصل ايضا في كنيسة القيامة المقدسة والتي لا تبعد عن الحرم القدسي الشريف كثيرا، حيث وكما هي العادة السنوية للاحتلال يتفنن في تعكير صفو اجواء العيد عند المسيحيين، فقبل عدة سنوات وعندما اقترب عيد الفصح المجيد توغلت قوة من الامن الاسرائيلي داخل كنيسة القيامة وتوجهت مسرعة الى مقمورة القبر المقدس وقامت بطرد الرهبان واغلقت مقمورة القبر بحجة ان المقمورة مبنى خطر وقابل للانهيار وهب صاحب الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية المسيحية جلالة الملك عبد الله الثاني اطال الله في عمره بالترميم وعلى نفقته الخاصة».
وقال الحسيني» لقد حددت الشرطة الاسرائيلية اعداد الحجاج المشتركين في طقوس عيد الفصح المجيد، وهذا ما رفضه رؤساء الكنائس واعتبرت هذا الامر خطيرا، حيث لا يحق لهذه المؤسسة العسكرية التدخل في الشؤون الخاصة التابعه للكنائس، ومن ناحيتي استنكر وبشدة اقتحامات المسجد الاقصى المبارك، كما استنكر تدخل الشرطة الاسرائيلية في شؤون كنيسة القيامة وتحديد دخول الحجاج للاحتفال بعيد الفصح المجيد، فلا هي الاعراف ولا هي القوانين الدولية تسمح بعدم ممارسة الفرد لطقوسه الدينية ومنعه من الوصول لكنيسته او مسجده او معبده لاداء فرض الصلاة والتقرب الى الله، فليكن الله في عون اهالي بيت المقدس والذين اصبحوا يمنعون من الوصول الى كنائسهم ومساجدهم لاداء فرائضهم الدينية، يذكر بان الكثيرين من المسيحيين اصبح الحج لديهم امنية يتمنون ان تتحقق للمشاركة في صلوات انبثاق النور المقدس في سبت النور والذي يعتبر من اقدس الايام عند الامة المسيحية اجمع».
وختم حديثه»اذ نقف معا الى جانب صاحب الوصاية الهاشمية الملك عبد الله بن الحسين والذي لم يقصر يوماً في خدمته الشريفة للقدس واماكنها المقدسة فهو الراعي الامين لهذه الوصاية، ونحن نستهل هذه الايام الفضيلة لنجدد العهد والوعد لجلالته ونتمنى له الشفاء العاجل ونحن نخصه بالدعاء بصلواتنا في الاقصى وفي القيامة».الدسنور