ينطبق على الحاكم الاداري في وزارة الداخلية تعريف الموظف الوارد في نظام الخدمة المدنية، وبالتالي يسري عليه ما يسري على غيره من الموظفين من حقوق والتزامات. ولكن نظر قانون الأحزاب السياسية رقم 7 لسنة 2022 وقانون الانتخاب لمجلس النواب رقم 4 لسنة 2022 نظرةً تقييدية إلى الحاكم الإداري، بشكل يختلف عن نظرته إلى عن غيره من موظفي الدولة.
فقد منعت المادة 6 من قانون الأحزاب السياسية الحاكم الإداري، إلى جانب مجموعة من الفئات الوظيفية، من المشاركة في تأسيس الأحزاب، كما منعته من الانتساب للحزب بعد تأسيسه.
وبذلك يسمح قانون الأحزاب السياسية للموظف في وزارة الداخلية، من غير الحكام الإداريين، المشاركة في تأسيس الأحزاب السياسية أو الانتساب إليها. ولكن يكون هذا السماح مؤقتا لفئة موظفي وزارة الداخلية الذين يمكن أن يُعينوا مستقبلا بوظيفة حاكم إداري، فإذا شارك هذا الموظف في تأسيس حزب أو انتسب إليه، فيجب عليه عند تعيينه حاكما إداريا أن يختار الاستقالة من ذلك الحزب أو من وظيفته في وزارة الداخلية.
كما تتجسد هذه النظرة التقييدية للحاكم الإداري بالمادة 11/أ من قانون الانتخاب لمجلس النواب، إذ اشترطت على الحاكم الإداري الذي يرغب بالترشح لعضوية مجلس النواب أن يستقيل قبل ستين يوما على الأقل من الموعد المحدد للاقتراع، خلافا للنظرية العامة التي رسمتها الفقرة ب من المادة 11 للموظف العام الذي يرغب بالترشح لعضوية مجلس النواب، عندما مكّنته من طلب إجازة بدون راتب قبل تسعين يوما من موعد الاقتراع. ويعتبر مستقيلا حكما من وظيفته بتاريخ نشر إعلان فوزه بالانتخابات في الجريدة الرسمية، فإذا لم يحالفه الفوز، يعود إلى وظيفته.
وتنطبق هذه الأحكام على موظفي وزارة الداخلية من غير الحكام الإداريين. فللموظف في وزارة الداخلية تقديم طلب إجازة إذا رغب بالترشح لعضوية مجلس النواب، دون تطلّب تقديم استقالته، سواء كان ترشحه ضمن دائرة محلية أم ضمن الدائرة العامة.
بتقديـري، بنى المشرع هذه الأحكام التقييدية على الحاكم الإداري لاعتبارين أساسيين، الأول رأى المشرع في وظيفة الحاكم الإداري خصوصية تميزها عن غيرها من الوظائف، معتبرها وظيفة مهمة في الدولة، إلى جانب مجموعة من الوظائف الأخرى، يستطيع شاغل هذه الوظيفة المؤثرة اجتماعيا، استغلالها في مجريات تأسيس الحزب وتحفيز المواطنين على المشاركة في هذا التأسيس أو في الانتساب إليه، أو في استغلال مقدرات وظيفته لصالح الحزب الذي ينتمي إليه، وتسهيل ما يقوم به من فعاليات ونشاطات، بما يساهم بنشر أفكار الحزب وتوجهاته.
ومن هذا المنطلق منع قانون الانتخاب لمجلس النواب الحاكم الإداري من الترشح لعضوية مجلس النواب، خوفا من قيامه باستغلال وظيفته واستثمار مزاياها المؤثرة أثناء حملته الانتخابية والتأثير في إرادة الناخبين، بما يخل بمعيار النزاهة الانتخابية.
يظهر الاعتبار الثاني في حرص المشرع على حماية وظيفة الحاكم الإداري من التجاذبات السياسية، ومن تدخل التوجهات الحزبية المختلفة في عمل الحاكم الإداري، ومن اشتباك التفاعلات الانتخابية وما تولّده من شبهات تمس وظيفة الحاكم الإداري.
لذلك وضع القانون ضمانات لاستقلال هذه الوظيفة وحياديتها في فضائي الأحزاب السياسية والانتخابات النيابية، بوصفها وظيفة وطنية مهمة. ولكن لتعميق هذه الضمانات وصمودها بتحقيق استقلالية وظيفة الحاكم الإداري، كان يفترض اشتراط أن لا يكون وزير الداخلية حزبيا.