عمان / اختارت جمعية "أرض العز" للثقافة والتراث معالي عضو مجلس الأعيان الفريق أول الرُكن محمد يوسف الملكاوي ضمن قائمة (مبدعون أردنيون 2022) الذي سبق وعمل مستشاراً في الديوان الملكي الهاشمي، وعضواً لأكثر من مرّة في مجلس الأعيان، ورئيساً لهيئة الأركان المشتركة، إضافة إلى أنه تبوأ العديد من المناصب القيادية العسكرية في القوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي)، وعضواً في مجلس أمناء العديد من الجامعات، وعضواً في مجلس إدارة جمعية الشؤون الدولية.
وذكرت رئيسة الجمعية آمنة صالح الملكاوي بأنه تم هذه المرّة اختيار أحد المبدعين الأردنيين المتميّزين في المجالات العسكرية والسياسية والعشائرية والمدنية والتعليم العالي في المملكة، والذي له بصمات مُشرّفة في القوات المسلحة الأردنية على مدى (40) عاماً، ويُعتبر جنرالاً مخضرماً خدم بمعية الراحل الملك الباني جلالة الملك الحُسين بن طلال طيّب الله ثراه، وواصل بعد ذلك عمله العسكري ووفاءه وانتماءه للوطن والقيادة الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله، حيث أنه كان أول قائد عسكري أردني يعهد إليه جلالة الملك المُعزز بمنصب رئيس هيئة الأركان المشتركة.
والجنرال العين محمد يوسف الملكاوي (أبو رأفت) هو مواليد من المنصورة / ملكا عام (1943) في محافظة إربد / أقصى شمال المملكة التي تقع على أكتاف نهر اليرموك، والذي انضم إلى سلك القوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي) في تشرين الأول عام 1963، وتخرّج من الكلية العسكرية برتبة ملازمٍ في شهر تشرين الثاني عام 1965 ليلتحق بعدها في ميادين الشرف والبطولة في الجيش الأردني، وكان أحد الضباط الشباب الأردنيين البواسل الذين حاربوا بعِزة دفاعاً عن أرض فلسطين، وعن مدينة السلام (مدينة القدس) في حرب 1967.
كما شارك الجنرال محمد يوسف الملكاوي في بطولات حرب الكرامة عام 1968 التاريخية ليصنع مع إخوانه الضباط والجنود الأردنيين أول هزيمة تاريخية للجيش الإسرائيلي، وليقهروا بإيمانهم وانتمائهم لقيادتهم وووطنهم، وأسلحتهم المتواضعة النصر المؤزر وهم يصرخون بأعلى أصواتهم (الله أكبر)، وينهزم الجيش الإسرائيلي الذي زعم قادته حينذاك بأنه جيش لا يُقهر ويترك هذا الجيش المهزوم وراءه قتلاه وأسلحته ودباباته وعرباته العسكرية، التي اعتقد بأنها ستحميه من بواسل الجيش الأردني، الذين وضعوا أرواحهم رخصية لأجل دينهم ووطنهم وراء فوهات بنادقهم ومدافعهم وسِنان حِرابهم في معركة (كرامة الكرامة).
وحتى في حرب رمضان المبارك / تشرين الأول عام 1973 كانت واحدة من السرايا التابعة لكتيبته قد شاركت أيضاً في تلك الحرب دفاعاً عن الأرض العربية السورية للتأكيد على أن بواسل القوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي) هم جاهزون للدفاع عن الأرض العربية في كل مكان، وفي أي وقت.
وفي عام 1975 كان هذا الجنرال الأردني الذي يحمل معه أينما حلّ وارتحل رائحة عِطر قمح بلدة (ملكا)، وامتداد سهول إربد، وقِمم جِبال البلقاء والكرك والشراةِ ووادي رم، وصمود وصلابة مدينة البتراء الحضارية والتاريخية، وهواء بلدة (أم قيس) العليل جارة الأفق لبحيرة طبريا وفلسطين، وشموخ لواء بني كنانة الأشم، كان هو أحد الضباط الأردنيين الأشاوس الذين دافعوا عن سلطنة عُمان الشقيقة، ليؤكد هذا الضابط الملكاوي الشاب من (صلالة ومن ظفار) على أرض عُمان أيضاً بأن الجيش الأردني الذي أطلق عليه المغفور له جلالة الملك المؤسس عبدالله الأول طيب الله ثراه (الجيش العربي)، هو جيش جاهز لنصرة الإخوة والأشقاء والأصدقاء والأحبة، وأن القوات المُسلّحة الأردنية حي رمز الحق والواجب والشرف والبطولة، وأنها ركيزة إحلال السلام العادل والمُشرّف في كلّ مهمّة توكل إليها.
وبعدما عادت كتيبة القوات الخاصة التي كان يعمل فيها مساعداً لقائد الكتبية إلى الأردن من سلطنة عُمان بعد عامٍ تقريباً (نهاية عام 1975)، وخلال عملية إعادة تنظيم الكتيبة وتهيئتها لتواصل دورها العسكري المُشرّف في الوطن، حضر دون برنامج بروتوكولي ملكي جلالة المغفور له الملك الحُسين بن طلال طيّب الله ثراه كعادته عندما يريد أن يزور أو يتواصل مع إخوانه رِفاق السلاح، حيث حطت وعلى عجلٍ طائرته في (ميدان) الكتيبة، وهو يلبس (البورية) العسكرية الخمرية اللون، والتي ترمز لصناديد القوات الخاصة الملكية، ليطمئن جلالته رحمه الله على هؤلاء النشامى الذين عادوا من مهمّة السلام في سلطنة عُمان، وليقول لهم: (شكراً أنكم حملتم جنديتكم الأردنية معكم لبناء السلام في سلطنة عُمان الشقيقة)، وليستمع جلالته أيضاً من الجنرال الملكاوي بصفته مساعداً لقائد الكتيبة والضابط المناوب حينذاك إلى إيجاز عن عمل الكتيبة بعد عودتها وإعادة تنظيمها، والدور الوطني الأردني الذي قامت به في الشقيقة سلطنة عُمان.
ومن المواقف الجادة والحاسمة والخطيرة التي يرويها الجنرال محمد يوسف الملكاوي تلك اللحظات التي لا تُنسى عام 1980 والتي تعلّق فيها بالمظلّة بين السماء والأرض كصقر أردني شامخ في علياء الوطن مع أحد زملائه الضبّاط (عمر الكيلاني)، حينما تشابكت المظلتان معاً بعد أن قفزا من الطائرة في تدريب للمظللين، وتوحّد هو والضابط الكيلاني معاً في مظلّة واحدةٍ، ولم يفزعا ولم يجزعا (وصمدا طريقة الأردنيين التي لا تشبه ولن تشبه أفلام المهمات المستحيلة Mission Impossible وجيمس بوند 007 ورامبو الهوليوودية) لأن إيمانها بالله كجنود أردنيين عميق ومُتجذّر، هذا إلى جانب أن حياة كل جنّدي أردني هي دائماً في خطر حتى في ميادين التدريب البرية والبحرية والجوّية، ولكن مدرسة الهواشم الأردنية علّمتهم الإيمان بالله أولاً، ثم بأن الخطر لا يُخيف جميع الجنود الأردنيين البواسل.
ومن المواقف الطريفة التي يرويها الجنرال والعين الملكاوي أنه ذات يوم وهو في طريق عودته إلى منزله وهو يقود سيارته على طريق المطار ويرتدي الملابس المدنية، تصادف وجود رجل أمن أردني على طرف الطريق ينتظر أحداً ليُقلّه إلى عمّان، فتوقف له وصعد الشرطي، الذي جلس بجانبه بهدوء، ولكن أحد الاتصالات المُهمّة التي وردت للجنرال الملكاوي جعلته يتوقف أثناء قيادة السيارة على طرف الطريق لإكمال المُكالمة التي أذهلت هذا الشرطي بسبب أهميتها وأهمية الشخص المُتحدث على الطرف الآخر، فأدرك الشرطي بسرعة بأن الذي يقود به السيارة هو رئيس هيئة الأركان المشتركة الفريق الرُكن محمد يوسف الملكاوي، فتلعثم قليلاً وهو يشكره، فما كان من الجنرال الملكاوي إلا أن هدأ من خاطره قال له بهدوء الجندي القائد: (نحن كلّنا جنود لخدمة الوطن يا أخي)، وترك (الملكاوي) بصمة لا تُنسى في قلب ذلك الشرطي بأن الجندي سيبقى جندياً مهما علت رتبته العسكرية.
هذا وقد تبوأ الفريق أول المظلي محمد يوسف الملكاوي مناصب عديدة في القوات المسلحة الأردنية أبرزها قائد القوات الخاصة، وقائد المنطقة الجنوبية العسكرية، والمفتش العام، ورئيس أركان القوات البرية، وآخرها رئيس هيئة الأركان المشتركة بعد تولي جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، حيث حظي الملكاوي بهذا الشرف وهذه الثقة الملكية كأول قائد عسكري أردني. كما شغل عضوية مجلس الأعيان أكثرة من مرة، وعضواً في مجالس أمناء جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية وجامعة عمّان العربية وجامعة جدارا، وعضواً في مجلس إدارة جمعية الشؤون الدولية. وهو أحد قادة العشائر الأردنية وأحد النُخب والشخصيات الأردنية السياسية والعسكرية والشعبية التي يُشار لها بالحِكمة والهدوء والرصانة، هذا علاوة على أنه شيخ العشيرة الملكاوية، التي تربو على (40) ألف نسمة في ملكا والمنصورة وأم قيس وإربد وعمّان والزرقاء ومُختلف مناطق المملكة والعديد من دول العالم.
والجنرال العين محمد يوسف الملكاوي هو قائد عسكري وسياسي وشعبي عِصامي، اعتمد على توفيق الله أولاً ثم على جهوده المُخلصة والدؤوبة في مسيرته العسكرية والمدنية الحافلة بالعطاء والإنجازات، لهذا تقلّد العديد من الأوسمة الأردنية والأجنبية، والتي أبرزها وسام الاستقلال من الدرجة الأولى، ووسام الكوكب من الدرجة الأولى، ووسام النهضة، وغيرها من الأوسمة الأردنية، والأخرى من الدول الشقيقة والصديقة، وأهمها من سلطنة عُمان وإمبراطور اليابان، والصين، وكوريا الجنوبية، ووزارة الدفاع الأمريكية وغيرها من الأوسمة.
يُشار إلى أن جمعية أرض العز للثقافة والتراث تقوم بتكريم وتوثيق الشخصيات الأردنية التي كان لها بصمات خالدة في التاريخ الأردني من خلال سلسلة برنامج (أردنيون مبدعون) ومبادرة (خالدون في ذاكرة الأردن)، حيث تم في وقت سابقٍ تكريم الأمريكية من أصول أردنية النشمية ندى الدلقموني رئيسة مؤسسة العالم في أمريكا بولاية ميشيغن التي تم ترشيحها مرتين لجائزة نوبل للسلام عامي 2016 و 2018، كما تكريم بطل (تلّة الرادار) المطّلة على مدينة القُدس البطل (الأردني – السعودي) العقيد الركن سلامة عتيّق الشمّري رحمه الله، الذي صنع هو وسريّته العسكرية نصراً عسكرياً أردنياً استثنائياً ضد الجيش الإسرائيلي عام 1948، باستعادة (تلّة الرادار) من الجيش الإسرائيلي التي كانت موقعاً استراتيجياً مهمّا للجيش الأردني على مقربة من جبال القدس الأبية.
وأشارت رئيس الجمعية آمنة صالح الملكاوي في ختام حديثها بأن سلسلة أردنيون مبدعون ومبادرة خالدون في ذاكرة الأردن ستسمر بهدف رفد التراث والثقافة الأردنية بشخصيات وأحداث يجب أن تعرفها الأجيال الأردنية في تاريخنا الوطني المُشرّف، ويجب أن تكون جزءاً من ذاكرة وذِكرى الأردنيين.