في وقت تركز فيه أنظار العالم على المعاناة الإنسانية التي سببها الغزو الروسي لأوكرانيا، يعمل خبراء البيئة في البلاد على الاحتفاظ بسجل دقيق للضرر البيئي ومحاولة إصلاحه خلال أقرب وقت.
وتعد الغابة المدمرة في إربين بالقرب من كييف مجرد مثال على الأضرار البيئية التي سببتها الحرب الروسية على أوكرانيا، بحسب تقرير لشبكة "سي إن إن" الإخبارية.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية مساحات شاسعة من شرق وجنوب أوكرانيا غارقة حاليًا في حرائق الغابات الناجمة عن الانفجارات، وتفاقمت بسبب حقيقة أن خدمات الطوارئ وعمال إدارة الغابات والجيش غير قادرين على الوصول إليها، الأمر الذي يلوث الهواء الناجم عن دخان الحرائق.
وأصبحت التربة الخصبة في أوكرانيا ملوثة بالمعادن الثقيلة والمواد السامة الأخرى التي تتسرب من الصواريخ والمعدات العسكرية والذخيرة المستهلكة.
ويتسبب الوقود المنسكب في تلويث المياه الجوفية ويتم اختراق النظم البيئية بواسطة الدبابات وغيرها من التقنيات الثقيلة.
على الرغم من أن معظم الناس لا يرون أن الطبيعية أولوية، لكن الضرر سيظل لعقود بعد انتهاء الحرب.
وقالت المديرة التنفيذية لمركز المبادرات البيئية، ناتاليا جوزاك، "عندما ترى الجرائم ضد الإنسانية، والفظائع التي لا تصدق، والقتل والتعذيب والاغتصاب... من الطبيعي عدم التفكير في الآثار البيئية".
وأضافت: "مهمتنا هي التأكد من أن تلك الأفعال تعتبر جريمة وأن يدفع الروس الثمن ليس فقط لقتل الناس، ولكن لقتل مستقبلنا والتأثير على رفاهيتنا في المستقبل".
في إربين، يروي عالم البيئة الأوكراني، اوليه بوندارينكو، ذكرياته في غابات الصنوبر قائلا: إنه مكان مليء بالذكريات بالنسبة لي، حيث الهواء النقي والراحة".
وقال: "هذه هي المرة الأولى التي أعود فيها منذ أن زار أشقاؤنا إربين" في إشارة إلى القوات الروسية. كانت هذه المنطقة تحت السيطرة الروسية لعدة أسابيع خلال شهر مارس.
وأصبحت المدينة المحاذية لبوتشا، فيما بعد معروفة في جميع أنحاء العالم بأنها موقع لبعض أسوأ الفظائع التي ارتكبتها روسيا في هذه الحرب، إذ تم العثور على ما لا يقل عن 1200 جثة لمدنيين بالمنطقة منذ انسحاب القوات الروسية من هناك، بحسب شرطة منطقة كييف.
كما تم العثور على 290 من تلك الجثث على الأقل في إربين، وفقا لرئيس بلدية المدينة.
وقالت أولينا كرافشينكو، المديرة التنفيذية لقانون البيئة، وهي مؤسسة فكرية بيئية في لفيف، "خلال هذه الهجمات الضخمة، تدخل أطنان من المواد الكيميائية السامة والمسرطنة، بما في ذلك اليورانيوم، إلى التربة".
وأشارت إلى أن الكميات الهائلة من الصواريخ والمتفجرات وأنواع الأسلحة الأخرى والتقنيات العسكرية المستخدمة في الحرب ليست السبب الوحيد للتلوث.
ويمكن أن تؤدي عمليات الدفن الجماعي التي يتم إجراؤها دون مراعاة للسلامة البيئية إلى تلوث المياه الجوفية والتربة على المدى الطويل.
واتهمت أوكرانيا، روسيا بدفن الجثث في مقابر جماعية على عجل للتستر على جرائم الحرب.
وقال ويم زويجنينبيرغ، رئيس مشروع نزع السلاح الإنساني في "باكس" (PAX)، وهي منظمة سلام هولندية، إن المنظمات الدولية بدأت تولي المزيد من الاهتمام للأضرار البيئية التي تسببها النزاعات المسلحة.
وتابع: "يمكن معالجة معظم الأضرار البيئية بعد النزاع، لكن هناك الحاجة لإرسال خبراء لتنظيف أنواع معينة من المواد الكيميائية التي لا يعرف الكثير من الناس كيفية إزالتها".