انهيت قبل ايام رحلتي الى كازخستان للمشاركة في معرض هناك، هذه هي زيارتي الاولى للعاصمة القديمة لكرخستان "الماتي"، فقد تغيرت العاصمة منذ عام ٢٠٠١ لتصبح العاصمة استانة او نور سلطان.
وقد اعجيت في هذا البلد قبل زيارته، فعند التقديم للفيزا اخبرت القنصل انني ساعود من ايطاليا خلال عطلة عيد الفطر وانه ليس لدي وقت لثلاث ايام حتى استلم جواز السفر حيث انني سلمت الجواز قبل العطلة بيومين، واني ساسافر بعد عطلة العيد مباشرة،لاتفاجأ ان القنصل اخبرني انه ينتظرني ثالث ايام العيد وسيقوم بفتح السفارة والدوام من اجلي، وفعلًا هذا ما حدث، ولولا ذلك لضاعت فرصتي بالمشاركة.كل الشكر لطيب اخلاق القنصل والسفير الذي تعرفت عليه عند قدومي لاخذ الفيزا.
كازخستان اكبر بلد مسلم من حيث المساحة في العالم، وتعد تاسع اكبر بلدان العالم، هي احدى بلدان الإتحاد السوفيتي السابق، فيها اكثر من ١٨ مليون منهم ٧٠٪ من المسلمين ، والباقي يتوزعون على المسيحية والبوذية وغيرها، لغاتها الكازخية غير مستخدمة بالغالب بمقابل اللغة الروسية التي تعبر اللغة الاكثر ممارسة في البلاد.
في شوارع الماتي تلمس موسكو وروسيا في كل شيئ، التنظيم جيد جدًا ، البلاد متطورة نسبيا ويوجد فيها نظام دفع عن طريق الهاتف ونادر ما يستخدموا النقد، كما ترى باصات الكهرباء في كل مكان.
من اكثر ما يلفت نظرك هو رخص البلاد، الإفطار يكلف اقل من نصف دولار، التكسي لمسافة اكثر من نصف ساعة يكلف ٢ دولار، لا ابالغ عندما اقول ان تكلفة ٤ ايام في فندق في الماتي اقل من تكلفة يوم واحد في رحلتي السابقة الى ايطاليا.
انعكاسات الحرب الروسية كانت واضحة في كل مكان، بعض الاشخاص كانوا يشكون غلاء الاسعار علمًا بأن سعر البنزين مثلًا هو ثلث السعر في عمان او اوربا (بالمناسبة سعر البنزين في عمان قريب جدًا من ايطاليا ومن جانب اخر فان روسيا وجدت في هذه الدول ملاذًا آمنًا للتهرب من العقوبات الغربية فعدد الشركات الروسية التي فتحت منذ شهرين فقط في اذربيجان وهي دولة بالقرب من كازخستان اكثر من ١٤٢ شركة، العديد من المصانع الروسية اصبحت تنقل مواد الخام الى الدول المجاورة واحيانا تستخدم المصانع في الدول المحيطة.
اثناء حفل عشاء لرجال الأعمال المشاركين في المعرض كان هناك مصنع روسي للادوية ، تبادلت الحديث معها مطولًا وهي تجيد اللغة الانجليزية ، بالمختصر في نظرها ان الاحداث الجارية في اوكرانيا سوف تستمر لامد بعيد، وان التسليح الغربي لاوكرانيا على اشده، بالمقابل ينظر الروس لهذه الحرب كحرب مصيرية، لا مجال للتراجع ، فالجميع في روسيا كما اخبرتني يجهز نفسه لحرب طويلة الاجل ولا مجال لتراجع الدب الروسي!
من القوميات الاخرى المسيطرة على اقتصاد كازخستان هم الاتراك والهنود، حيث يعتبروا اهم جاليتين في هذا البلد قد اتفهم وجود الاتراك لكن الهنود تفاجأت بهذه المعلومة.
الكزخ معظمهم لهم اصول اما من شرق اسيا او من الروس، وتستطيع ان تميز بينهم بسهولة، الطبق الرسمي لهم هو لحم الحصان، بالمناسبة هو لذيذ جدًا لحتوائه على نسبة دهون قليلة،وهي دولة بلا اي ميناء بحري وباردة جدا بالشتاء وتمتاز الماتي بانها محاطة من مجموعة جبال جليدة.
الدين في الدولة متنوع ، حيث قابلت الكثير من المسلمين الملحدين الذين تشربوا الفكر الاشتراكي للاسف، فقد كانت المترجمة معي في جناح الشركة طالبة طبوهناك مجموعة من المسلمين المتدينين تراهم بوضوح في مساجد الماتي.
اقتصاد كازخستان مليئ بالفرص، وتعتبر اسواق ناشئة رغمًا عن تطورها النسبي، ومازلت تكلفة المواد الخام والايدي العاملة ورخص الوقود من ابرز عوامل الجذب لهذه البلاد، اما اكثر نقاط الضعف هي اللغة وانهم من الشعوب الجادة في تعاملها ولايضحكون بسهولة، كاردني تجاوبت بسهولة مع هذه النقطة
أخيرًا انطباعي عن هذه البلاد انها مليئة بالفرص، وعلى رجال الاعمال والمستثمرين التفكير مليًا في هذه البلاد.