تنكر شاب، يبدو أنه عشريني العمر، بزي وشعر مستعار لامرأة عجوز جالسة على كرسي متحرك للمقعدين، ودخل أمس الأحد إلى متحف "اللوفر” بباريس، مباشرة إلى القاعة 6 المكتظة عادة بأكبر عدد من الزوار الراغبين برؤية اللوحة الأشهر بالعالم، وهي "الموناليزا” التي رسمها ليوناردو دافنتشي قبل أكثر من 500 عام.
ولأنه يعلم أن الاعتداء مباشرة على المعروفة إيطالياً باسم La Gioconda أيضا، صعب جدا، لعرضها خلف لوح من زجاج مضاد للرصاص، ومعزز بحراسة إلكترونية مشددة، فإنه نهض عن الكرسي وشوّه فقط لوحها الزجاجي بقطعة حلوى غطت معظمه السفلي، ثم راح ينثر ورود باقة كانت معه، وسط قلق واستغراب الزوار. سريعا أقبل إليه عنصر أمني، تعامل معه بطريقة انتهت باستسلامه وباقتياده مطرودا من القاعة ومعتقلا، وفقا لسائل إعلام محلية وأجنبية، ومن فيديو انتشر بمواقع التواصل، يظهر فيه العنصر الأمني يخرجه من القاعة.
وأثناء اقتياده، كان المعتقل المطرود يصرخ بالفرنسية ويقول: "هناك أشخاص يحاولون تدمير الكوكب.. فكر بالأرض. فكر فقط”، كاشفا بعبارته عن غايته مما فعل، وهي لفت النظر عالميا إلى اعتداءات بيئية بالآلاف تتعرض لها الأرض يوميا من سكانها غير المبالين. والهجوم أمس على اللوحة، وهي بعرض 53 وارتفاع 77 سنتيمترا، ولا تقدر بثمن، ليس الأول بالتأكيد، لأن تاريخها حافل بالكثير من محاولات التشويه، منها إلقاء أحدهم في خمسينات القرن الماضي "حامض كبريتيك” عليها، فتأثر أطرافها فقط. كما قام بوليفي برشقها بحجر، فيما رشتها امرأة بطلاء أحمر أثناء عرضها في 1974 بطوكيو، لم يصل الطلاء إليها، وبعدها ألقى سائح روسي كوبا من الشاي في صيف 2009 عليها، بلل لوحها الزجاجي فقط. أما أشهر اعتداء بتاريخها، فحين تمكن الإيطالي Vincenzo Peruggia الراحل في 1925 بعمر 44 سنة، من سرقتها في 21 أغسطس 1911 حيث كان يعمل بمتحف اللوفر نفسه، وأخفاها معه طوال 3 أعوام، اعتقلوه بعدها وحكموا عليه بالسجن 12 شهرا فقط، بسبب تسليمه اللوحة للسلطات الفرنسية حين هددت بقطع العلاقات مع إيطاليا، وكانت الأخبار المؤرشفة الآن قدّرت سعرها ذلك الوقت بـ 100 مليون دولار.