تطالب كييف بـ"التزام قانوني" ملموس وبإشارة قوية لكن الأوروبيين منقسمون ويماطلون بشأن منح أوكرانيا رسميا بحلول نهاية حزيران/يونيو وضع الدولة المرشحة للانضمام إلى اتحادهم على الرغم من تأكيداتهم المتكررة على انتمائها إلى "الأسرة الأوروبية".
ودعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الجمعة، من جديد الدول الـ27 إلى إخراج بلاده من "المنطقة الرمادية"، قبل أيام من إعلان رأي المفوضية الأوروبية بشأن منح كييف وضع المرشح، وقبل قمة رؤساء الدول المقررة في نهاية حزيران/يونيو والتي ستبت الأمر، ويفترض أن يتم التصويت بالإجماع على القبول.
وقال زيلينسكي عبر الفيديو خلال مؤتمر دولي في كوبنهاغن "في الأسابيع المقبلة، قد يقوم الاتحاد الأوروبي بخطوة تاريخية تثبت أن التصريحات حول انتماء الشعب الأوكراني إلى الأسرة الأوروبية لن تذهب سدى".
وأضاف زيلينسكي وسط تصفيق حاد "لماذا؟ إذا كانت استطلاعات الرأي تكشف أن 71% من الأوروبيين يعتبرون أوكرانيا جزءا من الأسرة الأوروبية، فهل لا يزال سياسيون مشككون يترددون في السماح لنا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي؟".
وقامت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني أولغا ستيفانيشينا هذا الأسبوع بجولة أوروبية زارت خلالها خصوصا باريس وبروكسل، لدفع الحملة الدبلوماسية لكييف قدما.
وكتبت في تغريدة من بروكسل الخميس "موقفنا واضح: أوكرانيا بحاجة إلى التزام قانوني وليس إلى وعد سياسي"، مؤكدة أن "التردد يكلف بلدي الكثير بينما يخوض معركة من أجل حريته وتطوره الديمقراطي".
وقالت خلال زيارتها لباريس "نحن متأكدون من أنه لن يستطيع أي من القادة الأوروبيين الـ27 أن يقول رسميا وعلنا ’لا’ ، لكن قول ’نعم’ أكثر تعقيدا".
والدول الـ27 منقسمة بشكل كبير حول مسألة ترشيح أوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وبالإضافة إلى أوكرانيا، يفترض أن تصدر المفوضية رأيها الأسبوع المقبل حول منح جورجيا ومولدافيا أيضا وضع الدولة المرشحة.
"إشارة صحيحة"
تدعم دول عدة معظمها في أوروبا الشرقية انضمام أوكرانيا، لكن بلدانا أخرى مثل هولندا والدنمارك وكذلك ألمانيا وفرنسا التي ترأس الاتحاد الأوروبي حتى نهاية حزيران/يونيو، متحفظة جدا.
وخلال انعقاد المجلس الأوروبي نهاية أيار/مايو، أكد رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي أن "كل الدول الكبرى تقريبا في الاتحاد الأوروبي تعارض (منح أوكرانيا) وضع المرشح، باستثناء إيطاليا".
واعترف مصدر دبلوماسي من إحدى هذه الدول بأن "منح أوكرانيا وضع مرشح مسألة هائلة"، مشيرا إلى عقبات من بينها أنها في حالة حرب وتعاني الفساد، فضلا عن الإصلاحات التي يتعيّن عليها القيام بها.
وأضاف أن "دولا كثيرة داخل الاتحاد الأوروبي تريد أن تظهر أنها ’الأكثر أوكرانية’ في المجموعة لكنها تدرك جيدا أننا لا نستطيع إدخال أوكرانيا بتسرع"، موضحا أن هذه البلدان تدرك "أن علينا ألا نخفف شروط الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وإلا نقتل الاتحاد الأوروبي".
وصرح مصدر دبلوماسي آخر في بروكسل أنه "من الصعب تصور مفاوضات حول انضمام أوكرانيا حاليا، لكن تجري مناقشات في الوقت الراهن بين العواصم عن كيفية إعطاء الإشارة الصحيحة".
في هذا الإطار، وعدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين خلال زيارة مفاجئة لكييف السبت برد "الأسبوع المقبل" بشأم ترشح أوكرانيا.
وقالت في مؤتمر صحافي قصير بعد محادثات مع زيلينسكي "نريد دعم أوكرانيا في مسارها الأوروبي".
وأضافت أن "مناقشات اليوم ستتيح لنا الانتهاء من تقييمنا بحلول نهاية الأسبوع المقبل"، مؤكدة أن السلطات الأوكرانية "فعلت الكثير" بهدف ترشح البلاد لكن "ما زال هناك الكثير لتفعله"، خصوصا في مكافحة الفساد.
وأكدت الرئاسة الفرنسية من جهتها أن "تلبية احتياجات أوكرانيا ليس في (منحها) وضعا"، بينما تحسنت العلاقات بين كييف وباريس بعد تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون المتكررة بشأن ضرورة "عدم إذلال" روسيا.
ولم يقنع كييف اقتراح الرئيس ماكرون إنشاء مجموعة سياسية أوروبية مفتوحة للدول الراغبة بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بانتظار انضمامها النهائي (إجراء قد يستغرق سنوات)، إذ إن أوكرانيا تخشى مناورات لتأخير أو منع انضمامها إلى الاتحاد.
وقالت الرئاسة الفرنسية إن القمة الأوروبية التي ستعقد في نهاية حزيران/يونيو يمكن أن تقدم خيارات عدة لأوكرانيا مثل منحها وضع الدولة المرشحة بشروط أو وضع المرشح مع تحديد موعد لبدء المفاوضات أو بند مراجعة وضعها.
"صيغ ملتوية"
قال الباحث فرانسوا هيسبورغ إنه يتوقع "صيغا ملتوية ووعودا لا تلزم سوى الذين يسمعونها"، مشيرا إلى أن ترشح أوكرانيا "لا يثير حماسة" لا في باريس ولا في برلين، القوتين الأوروبيتين الكبيرتين.
من جهته، كتبت المحللة الإستونية كريستي رايك على تويتر "إذا فشل المجلس الأوروبي في اتخاذ قرار إيجابي في نهاية حزيران/يونيو، فسيكون ذلك محبطا جدا لأوكرانيا ودول أعضاء تعتبر انضمام أوكرانيا إلى أوروبا ضرورة جيوسياسية حاسمة".
حاليا، هناك خمس دول (ألبانيا ومقدونيا الشمالية ومونتينيغرو وصربيا وتركيا) مرشحة رسميا للانضمام إلى الكتلة، بينما كوسوفو والبوسنة والهرسك مرشحتان محتملتان.
وقد انضمت إليهما أوكرانيا وجورجيا ومولدافيا التي قدمت طلبات انضمام إلى الاتحاد الأوروبي بعد الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا.