وصل معدل التضخم في تركيا السنوي حتى الان الى 74% وهو الاعلى منذ اكثر من عشرين سنة وهو احد اكبر معدلات التضخم بالعالم بعد فنزويلا، الغداء فقط وصل فيه التضخم الى 93%.
اردوغان وصف نفسه بالرئيس الذي يحارب الربا وهي جملة شعبوية لا علاقة لها بالواقع باعتبار تركيا احد اكثر الدول في العالم بها سعر فائدة مرتفع حتى الان 14%، اردوغان قرر عن طريق البنك المركزي الحفاظ على نفس سعر الفائدة للشهر الخامس على التوالي بالرغم من ان الحفاظ على هاته النسبة لا هو حرب على الربا كما سماها ولا هو مواجهة للتضخم الجامح الذي تعاني منه تركيا، الاكثر غرابة في الموضوع ان البنك المركزي برر قراره بتوقعاته المتمثلة في انتهاء الحرب الروسية الاوكرانية.
اردوغان نفسه ضغط من اجل تخفيض سعر الفائدة العام الماضي وبطريقة عنيفة( 500 نقطة اساس)، في ذلك الوقت كانت هناك مشكلة سلاسل الامداد العالمية وايضا معدلات التضخم العالية وتراجع الليرة بتركيا، هاته الخطوة غريبة ومعاكسة تماما للمعمول به والتي لم تحقق الاهداف من ورائها حتى الان خاصة مواجهة العجز الذي في الحقيقة ارتفع الى 56% حتى الان وهي نسبة تضع تركيا في المنطقة الحمراء.
الليرة التركي ايضا يواصل تراجعه امام الدولار حين وصل التراجع الى 19% منذ بداية السنة وما قامت به تركيا من سياسة capital control لم يمنع مواصلة تراجع الليرة امام الدولار الى مستويات تجعل المستثمرين يفقدون اكثر الثقة فيها وبالتالي تراجع اكبر للودائع الاجنبية .
قبل يومين وزارة المالية التركية اعلنت على مجموعة من القرارات من اجل مواجهة التضخم من اهمهما رفع الاحتياطي المطلوب للقروض بالعملة التركية من 10 الى 20%، وايضا اصدار سندات محلية تكون مؤشرة بعوائد المؤسسات المحلية من اجل استهداف مدخرات اكبر بالليرة التركية، القرارين لا اعتقد كافيين من اجل مواجهة التضخم، والاكثر من هذا الخزينة التركية ستجد نفسها مسؤولة على دفع عوائد المستثمرين في هاته السندات، الارجح من كل هذا ان اردوغان قرر عدم رفع سعر الفائدة واتخاد اجراءات بديلة اهمها التي ذكرت.
صحيح الوضع الجيوسياسي جاء ضد تركيا الدولة التي تستورد اغلب مصادر الطاقة والتي استطاعات بناء اقتصاد مستدام حقق معدلات نمو مستمرة لاكثر من عشر سنوات، ، لكن شعبوية اردوغان وتبنيه لشعارات اقتصادية تركيا واقتصادها غير قادر على تحملها هي احد اكبر الاسباب التي جعلت تركيا تعود الى معدلات التضخم التي عاشتها سنوات التسعينات والدليل على ذلك اروبا تستورد الطاقة لكن معدلات التضخم حتى الان السنوية 9.6% نسبة مرتفعة لكن اقل ثمان مرات من تركيا، حتى مبررات الخطوات التي اتخذتها تركيا لم تتحقق، العجز ارتفع ليصل الى 56%، الليرة التركية فقدت اكثر من 60% من قيمتها منذ سنة 2021، هذا العام فقط فقدت 19% من قيمتها حتى الان، ايضا صافي الاحتياطي الاجنبي من العملة انخفض في اخر اربع ثلاث ب 9 مليار دولار ليصل الى 9.56 مليار دولار واكبر سبب لذلك شراء العملة التركية لدعمها مقابل الدولار.
كخلاصة الاسواق المالية مرتبطة مع بعض والدول التي تحرر عملتها لا خيار امامها سوى التعامل مع قواعد هاته الاسواق، الشعارات مجدية للتلاعب ببعض العقول لكن ما يطبق في ارض الواقع بالنهاية امر اخر تماما، اردوغان قرر وقف ما سماه حربه على الربا بعد اشهر من اعلانها وهو الان في طريقه الى دعم ما سماه الربا، طبعا هاته العبارة نقلا عن تصريحاته ولا علاقة للاقتصاد والاسواق المالية بها، لا اتوقع رفع للفائدة هاته السنة خاصة بعد القرارات الاخيرة قبل يومين لكن ايضا لا اتوقع تراجع التضخم بنسبة ملموسة في تركيا على الاقل الى ما بعد 2024.