لقرنين من الزمن اشغلت القهوة الناس، منذ وقت ظهورها على الدنيا في القرن الخامس عشر ميلادي، وحتى آخر القرن السادس عشر ميلادي، حيث جعلتهم في خلاف وسجال فقهي وأدبي كبيرين، حيث كان هناك فريق يحرمها فقهياً ويذمها أدبياً! وفريق ثاني يُحلل شُربها شرعاً ويمدحها أدبياً.
قال أحد المادحين في القهوة:
صفراء تضحك فيها الشمس تحسبها
تبرا يذاب ومسكــا عقه الماء
أباحها الشرع لا سكر وعربــدة
فمالها ولماء العين أكفــــاء
وقال أحد الذامين للقهوة:
الحمد لله الذي قد حرما
على العباد كل مسكر وما
يضر في عقل ودين أو بدنا
وما يجر للفساد والمحنا
اعلم بان القهوة المشهورة
كريهة شديدة المرورة
يال هذه السمراء الغانية لـ 200 عام وهي شاغلة الناس حتى أذعن العالم كله في النهاية لروعتها وعذوبتا وأهميتها، واتفقوا على محبتهتا ونسوا الـ 200 عام من الخلاف حولها!
أود أن أخبركً عزيزي القارئ بأني أنا لا أشرب القهوة ترف، ولا من أجل أن ألتقط لها صور، أنا أشرب القهوة كي أكون على مايرام، كي أصنع لي مزاج جيّد، كي أخرج للشارع وأنا مستعد أن أتحمل صفاقة بعض من ألقاهم. يقول إليوت: "إني أقيس عمري بعدد ملاعق القهوة". ويقول جون دروتن: "لو كنت امـرأة لارتديت القهـوة عطـراً". ويقول نذير الزعبي لمحبوبته: " أرجـوك ألا تمـرّي ببـالي بينمـا أشـربُ القهوة ، فمازلـت أحبُّها بلا سُكّر". ويقول نزار قباني: " عندما أشرب القهوة معكِ أشعر أن شجرة البن الأولى زُرعت من أجلنا". ويقول محمود درويش: " القهوة الأولى يفسدها الكلام، لأنها عذراء الصباح الصامت". ويقول مريد البرغوثي: " أعظم ما في القهوة، التوقيت ! أن تجدها في يدك فور تتمناها فمن أجمل أناقات العيش تلك اللحظة التي يتحول فيها ترف صغير إلى ضرورة". يقول أنطوني تروليون: "ما الذي على هذه الأرض يمكن أن يكون أكثر ترفاً من أريكة وكتاب وكوب من القهوة".