فتحي باشا شخصية قيادية عسكرية فذة، عز نظيرها في التاريخ الحديث، تفرض احترامها وتقديرها، لحرصه الشديد على مصالح القوات المسلحة.
فوراء هدوءه الفطري يختبئ سر عجيب من المهابة وعنفوان الرجولة، كانت كلمته كالسيف لها وقع كبير في نفوس مرؤوسيه.
فتحي ابو طالب ذلك الجبل الأشم الذي عانق بكبريائه وشموخه وتواضعه الصارم شُعاع الشمس، حفر اسمه بأحرف من نور في ذاكرة الشرفاء الذين ما بدلوا عن محبة هذا الوطن تبديلا، وما نكصوا على اعقابهم في ذات محنة او كرب، انه صاحب موقف ومبدأ لا يساوم او يزاود على ثوابته الوطنية.
أورد الفريق الركن المتقاعد موسى العدوان في مقالة له واحدة من مواقف الباشا ابو طالب :
(في عام 1991 وعندما حُشدت جيوش التحالف الثلاثيني، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في عاصفة الصحراء، لإخراج القوات العراقية بالقوة من الكويت، استشار جلالة الملك حسين طيب الله ثراه، رئيس هيئة الأركان المشتركة المشير فتحي أبو طالب في الانضمام إلى قوات التحالف، استجابة لضغوط الولايات المتحدة وبعض الدول العربية. فكان رأي أبو طالب أن لا نشارك بهذه الحرب قائلا :
جلالة الملك ... منذ سنوات عديدة ونحن نقف إلى جانب العراق، باعتبارها البوابة الشرقية في الدفاع عن الأمة العربية في وجه المد الإيراني، وكنت أحد الذين أطلقوا قذائف المدفعية العراقية ضد من هاجموا القوات العراقية، ومن غير المعقول أن نشارك اليوم في الهجوم على العراق أو على أي دولة عربية، أو حتى أن نسمح لأي جيش ينوي استخدام الأراضي الأردنية كممر للحرب على العراق.
لأننا إن أقدمنا على ذلك، سنكون بموقف حرج ونفقد ثقة مواطنينا في الداخل. فانسحاب القوات العراقية من الكويت، يمكن أن يعالج بالوسائل السياسية، ومن خلال جهودكم في هذا المجال مع إخوانكم القادة العرب.
أخذ جلالة الملك حسين بتوصية رئيس هيئة الأركان المشتركة الذي أيده به بعض رجال السياسة، ورفض المشاركة بالتحالف الثلاثيني على العراق، الذي كان يهدف في ظاهره المصلحة العربية، وفي باطنه عودة الاستعمار المقنّع، وتفتيت الدول العربية ونهب ثرواتها.
أدى هذا الموقف الأردني القومي إلى غضب الرئيس بوش الأب وقادة بعض الدول العربية. رحمه الله واسكنه فسيح جناته .