مع التطور التكنولوجي، حل الهاتف المحمول محل الجرائد والكتب والمجلات، وصار المرافق المفضل لكثيرين خلال تواجدهم في المرحاض، وهو اتجاه آخذ في الازدياد حالياً بين الألمان.
أظهر استطلاع أجرته مؤخراشركة الأمن السيبراني "نورد في بي إم" أن 55% من البالغين في ألمانيا يأخذون هواتفهم المحمولة معهم إلى المرحاض. قبل سبع سنوات كانت تبلغ نسبة هؤلاء 42% فقط.
ووفقاً لهذا الاستطلاع الذي أجري هذا العام، فإن من بين جميع البلدان التي شملها الاستطلاع يستخدم البالغون في إسبانيا هواتفهم الذكية أكثر من غيرهم في المرحاض. فقد ذكر ما يقرب من 80% منهم أنهم بهذه الطريقة يتخلصون من الملل داخل المرحاض.
وحلت في المرتبة الثانية بولندا (حوالي 73%)، والثالثة الولايات المتحدة (حوالي 71%)، ثم كندا (حوالي 66%)، وهولندا وفرنسا (حوالي 64% لكل منهما)، ثم أستراليا (62%) وبريطانيا (59%).
جاءت ألمانيا في أسفل هذه القائمة. ورغم الاتجاه المتزايد هناك نحو اصطحاب الهاتف المحمول إلى المرحاض، فإنه يمكن القول بناء على المقارنة الدولية: التحفظ لا يزال سائداً داخل المرحاض في هذا البلد.
على الصعيد العالمي، فإن النشاط الأكثر شيوعاً تقريباً لمستخدمي الهواتف المحمولة داخل المرحاض هو تصفح وسائل التواصل الاجتماعي. بالنسبة للألمان فإنهم يحرصون داخل المرحاض على متابعة الأخبار (49%).
علاوة على ذلك يهتم الألمان داخل المرحاض بفحص الأشياء المتعلقة بالعمل عبر الهاتف (33%)، ولعب الألعاب عبر الإنترنت (32%)، ومشاهدة مقاطع فيديو أو أفلام أو برامج تلفزيونية (24%)، أو الاتصال بأصدقاء أو الكتابة إليهم (23%) أو التخطيط لمهام اليوم (حوالي 15%).
يرى عالم النفس والباحث في مجال إدمان الإنترنت، هانز-يورجن رومبف، أن سلوك اليوم يرجع إلى تقليد سابق، حيث يقول: "اعتاد الناس على القراءة في المرحاض. هناك دراسة أُجريت قبل 20 عاماً تفيد بأن ربع السكان في ألمانيا على الأقل يقرأون الكتب أو يطالعون الرسوم الهزلية في المرحاض. كان هذا السلوك - ولا يزال - أكثر وضوحاً عند الرجال".
وأوضح رومبف أنه نظرا لأن الهاتف الذكي يقدم العديد من الخيارات، فمن المنطقي أن تزداد المطالعة عبر الهاتف خلال الجلوس على المرحاض في عام 2022 مما كان عليه الحال مع القراءة البحتة في عام 2002. وأضاف المدير العلمي لدراسة "سكافيس"، وهي مشروع على مستوى ألمانيا لدراسة مشكلات استخدام الهواتف الذكية: "يوفر الهاتف المحمول بضغطة زر خيارات أكثر من الكتاب، كما يتيح التواصل مع آخرين خلال فترة الاستراحة القصيرة".
من حيث المبدأ لا يرى الخبير من جامعة لوبيك الألمانية أي سلوك ضار في اصطحاب الهاتف المحمول إلى المرحاض، وقال: "الرأي القائل بأنه حتى في المرحاض هناك أشخاص لا يستطيعون الاختلاء بأنفسهم يعتبر سطحياً".
وأوضح أن قضاء الوقت مع أجهزة الكمبيوتر الصغيرة أصبح الآن أكثر جاذبية وتنوعاً من الوسائط الأخرى، مشيراً إلى أنه في السنوات الخمس عشرة الماضية، تطورت ثقافة الإتاحة المستمر، والتي امتدت إلى "دقائق الهدوء" التي كانت متاحة في السابق في المرحاض، على سبيل المثال.
وفي المقابل، يؤكد رومبف على انتشار ظاهرة "الخوف من فوات الأشياء" (FoMO)، وقال: "يمكن أن يؤدي هذا القلق القهري والاضطراب الداخلي إلى استخدام مكثف للهواتف الذكية ويكون مقدمة لاستخدام إشكالي لها، ثم إدمانها في النهاية"، مشيراً إلى أنه من المرجح أن يكون معدل الأشخاص المعرضين لخطر هذا التطور والإدمان أعلى بين المستخدمين في دورات المياه مقارنة بأولئك الذين لا يأخذون هواتفهم المحمولة إلى المرحاض.