في المواجهات الكبرى لا تخسر الصقور إلا الزغب بينما الطيور الداجنة التي تتولى تفاصيل الصراع فلن يتبقى على جلودها المثخنة بالجراح أية رياش.. لأن الكبار لا يخوضون الحروب إلا باستخدام الوكلاء الصاغرين. فهل يقع العرب في الشراك وهم مدركون بأنها مكيدة..
الرئيس الأمريكي جو ايدن الآن في تل ابيب للحفاظ على أمن "إسرائيل" بمشاركة عربية كما قال اكثر من مرة؛ بذريعة مواجهة التمدد الإيراني وحماية مصادر الطاقة الإسرائيلية في المتوسط لإيصال النفط والغاز إلى أوروبا في المستقبل القريب، وقطع الطريق على النفوذ الروسي على النفط السعودي والتحكم بأسعاره عالمياً بغية ضرب الاقتصاد الروسي، وتوريط العرب في حروب مجانية يقومون بتمويلها بذريعة إفشال المشروع النووي الإيراني وبناء الأمن العربي بضمانات إسرائيلية رغم أن تلك الدولة المارقة التي تسمى "إسرائيل" لا تستطيع أن تحفظ أمنها إزاء المقاومة، فهل تنجح في ذلك إزاء إيران؛ لذلك تسعى أمريكا لإنشاء ناتو عربي إسرائيلي أمريكي يخضع لقيادة الجيش الأمريكي الوسطى وهناك محاولة لتوسيع دائرته على أساس مذهبي (سني تحت غطاء ناتو عربي وشيعي في إطار محور المقاوم) وإثارة الفتن الطائفية لتسويقه إعلامياً وهذا لن ينجح في وقت يتنامى فيه الوعي العربي بسبب ما تكشف له من مؤامرات استهدفت وجوده. ويسعى بايدن أيضاً إلى تنشيط سوق السلاح الأمريكي في الشرق الأوسط.
في المقابل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إيران لتعزيز الموقف الإيراني فيما يتعلق بالاتفاق النووي وتنشيط منافذ السوق السوداء الإيرانية لتستوعب النشاط الروسي بعيداً عن تقنيات الرصد الغربية التي تحاصر روسيا على خلفية الحرب الأوكرانية، وهي سوق أنشأت في ظل المقاطعة الغربية لإيران ونجحت في إنقاذ الاقتصاد الإيراني من الهلاك.. وتبادل الدعم التقني والمعرفي فيما يتعلق بتسريع انتاج القنبلة النووية الإيرانية التي توفرت لها الكمية اللازمة من اليورانيوم المخصب وفق المصادر الإسرائيلية، وإتمام صفقات شراء الأسلحة بين البلدين وخاصة صفقة الطائرات المسيرة التي ستزود بها إيران موسكو وفق المصادر الأمريكية التي لم تنفى روسياً، وفي المحصلة دعم محور المقاومة في مواجهة إقليمية محتملة مع الناتو العربي قيد التشكيل، على كافة الصعد.
هذه مقابل تلك.. وإذا نشب الحريق سيكون العرب هم الخاسر الأكبر مادياً ومعنوياً فيما سيكون كيان الاحتلال الإسرائيلي الرابح الوحيد سوى أن المقاومة هي التي ستفشل كل مخططاته في زمن يحاصره وجودياً ويتركه نهباً لهواجس الفناء.