منذ أن بدأت مهام استكشاف الفضاء، التي تقوم بها وكالة ناسا الأميركية عام 1958، وهي مستمرة إلى اليوم، وتتقدم مشروعاتها المتطورة إلى أعماق بعيدة في الكون الشاسع، لتعزيز المعارف والعلوم البشرية عن كل ما يمكن معرفته عن الفضاء الخارجي الذي يُعد كوكبنا جزءاً منه.
ومن بين أبرز مشروعات استكشافات الفضاء، مشروعات الاستكشاف البصري عبر التلسكوبات الضخمة، التي كان أولها عام 1968 بإطلاق تليسكوب «OAO-2»، والذي كانت أحرفه اختصاراً لجملة Orbiting Astronomical Observatory 2، أو المرصد الفلكي المداري 2، بعدها تطورت المراصد التلسكوبية إلى أن وصلت إلى الأرض في يوليو 2022 أحدث صور للتلسكوب الفضائي «جيمس ويب»، الذي سمح لنا بإلقاء نظرة «عالية الجودة» على أبعد نقطة استطاع الإنسان الوصول إليها، ولكن مشروع تلسكوب جيمس ويب ليس هو الأحدث على الإطلاق، فهذه مجموعة من أبرز مشاريع «ناسا» المستقبلية لاستكمال استكشاف الفضاء المتسع.
مشروع HabEx
أحد أبرز المشروعات الطموحة التي ترعاها وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» هو مشروع HabEx، الذي اشتُق اسمه من الاسم الأول لهذا المشروع Habitable Exoplanet Observatory، أو مشروع مرصد الكواكب الصالحة للسكنى، وهو بالضبط ما يبتغي المشروع تحقيقه.
تقنية الدروع القابلة للطي في تلسكوبات ناسا
في عام 2019 قدم قسم الأبحاث والدراسات الموافقة على إطلاق تلسكوب فضائي ضخم يحمل عدسة تعمل بالأشعة تحت الحمراء، ومرشحات الأشعة فوق البنفسجية ويستخدم درعاً قابلة للطي لحجب الأضواء الساطعة، وعدسة عاكسة يبلغ قطرها 4 أمتار، بهدف العثور على – وتصوير- كواكب شبيهة بطبيعة كوكب الأرض خارج مجموعتنا الشمسية، ويمكن العيش على سطحها، واستكشاف ما إذا كان هذا الكوكب جزءاً من مدار نجم آخر غير نجم مجموعتنا: الشمس، وتم تحديد ميزانية مبدئية بمبلغ 7 مليارات دولار لهذا التلسكوب، ومن المتوقع إطلاقه خلال السنوات العشر التالية للعام 2030.
مرصد LISA
تخطط لإطلاق هذا المرصد المتقدم وكالة الفضاء الأوروبية بالتعاون مع وكالة ناسا الأميركية، وأطلق اسم LISA على هذا المرصد اختصاراً للأحرف الأولى من جملة Laser Interferometer Space Antenna، أي الهوائي الفضائي للقياس بالليزر.
المرصد مخصص لقياس ما يُعرف بـ«الأمواج الثقالية» في فيزياء الفضاء «تقول نظرية النسبية لأينشتاين إن الموجات الثقالية هي عبارة عن تموجات في الزمكان»، كما سيحاول مرصد
«ليزا» أن يتتبع الموجات الناتجة عن تصادمات الثقوب السوداء بأجسام فضائية أخرى، وتعمل قياسات هذا الجهاز بمثابة «راديو» عملاق لنقل هذه الإشارات إلى مركز رصد على الأرض، ومن ثم تحليل هذه الموجات لفهم طبيعة تأثيرها على الكون. المشروع من المخطط إطلاقه بشكل كامل عام 2037، واعتمدت له «ناسا» ميزانية جزئية حتى الآن، بخلاف تمويل الوكالة الأوروبية «لم يُفصح عنه» بمبلغ يقدر بـ21 مليون دولار.
تلسكوب Nancy Grace Roman
أطلقت «ناسا» على هذا التليسكوب اسم «نانسي غرايس رومان»، وهي أول فلكية سيدة تترأس وكالة ناسا الأميركية، ويلقبها الفلكيون ومجتمع «ناسا» باسم «أم هابل»، نظراً لإدارتها مشروع تلسكوب هابل الفضائي الشهير، والذي كان وراء كل الصور المنشورة للمجرات والكواكب البعيدة حتى وقت قريب، عندما جاءت أولى الصور عالية الوضوح من تليسكوب "جيمس ويب" في يوليو 2022.
مهمة تلسكوب نانسي غرايس رومان
مشروع تليسكوب "نانسي غرايس رومان" كان يسمى سابقاً بـWFIRST اختصاراً لجملة Wide-Field Infrared Space Telescope أو تليسكوب الحقل العريض للأشعة تحت الحمراء، وهو مخصص لعمل حصر وإعداد لخرائط المساحات الكونية الممتدة عبر المجرات المتعددة بنطاق عريض، كما سيستخدم التلسكوب لقياس أو رصد ما يُعرف باسم "الطاقة السوداء" أو "الطاقة الداكنة"، وهي أحد أشكال الطاقة التي تملأ الفضاء والذي لم يتم دراستها أو معرفة أصولها بالكامل حتى اليوم.
التلسكوب ذو التقنية الحديثة لمسح ورصد المجرات سيتم إطلاقه عام 2027، وتم اعتماد ميزانية 3.2 مليار دولار لتجهيز وإطلاق التلسكوب.
أكبر تلسكوبات ناسا LUVOIR
المشروع الأضخم لمستقبل تلسكوبات "ناسا" هو تلسكوب LUVOIR، الذي أطلقت عليه "ناسا" هذا الاسم اختصاراً للأحرف الأولى للمشروع الأولي للتلسكوب: Ultraviolet Optical Infrared Surveyor أو "المسّاح البصري للأشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجية، وإذا كان العالم يحتفى حالياً بتليسكوب جيمس ويب، الذي يبلغ قطر عدسته الراصدة 6.5 متر؛ فإن LUVOIR سوف يبلغ قطر عدسته 15 متراً بحجم أكبر من ضعف حجم "ويب" تقريباً، وسوف يكون متعدد المهام.
إقلاع مهمة LUVOIR
ومن أبرز مهام هذا التلسكوب الضخم ستكون فحص السحابة الكونية التي تغطي كوكب المشتري، والتي تقدَّر بحجم 25 كيلومتراً.
هذا التليسكوب المستقبلي أيضاً مُعد لمسح الأجرام الكونية في مجرتنا وخارجها، وإعداد صور ذات دقة عالية لكل النقاط التي يصعب رصدها في الكون، وتخطط "ناسا" لإطلاق هذا التلسكوب في فترة السنوات العشر التالية لعام 2030، وتم رصد ميزانية تقريبية هي الأضخم للتلسكوبات الفضائية حتى اليوم بمبلغ 18 إلى 24 مليار دولار.