وقع الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الحكوم الإسرائيلية، يائير لبيد، خلال مؤتمر صحافي مشترك في مدينة القدس المحتلة أمس "إعلان القدس" وهو بمثابة "وعد بلفور" الذي منحه من لا يملك لمن لا يستحق.. لذلك اعتبر الفلسطينيون هذا الإعلان بمثابة إعلان حرب على حقوق الشعب الفلسطيني ومقاومته المجيدة.. من خلال إعطاء تفويض لدولة الاحتلال باستهداف كل من يتهدد وجودها أو "من يشكل خطرًا عليها” في إشارة إلى حماس والجهاد الإسلامي في إطار غرفة العمليات المشتركة في القطاع المحاصر، بالإضافة إلى المرابطين في الأقصى والمقاومة في جنين وعموم فلسطين المحتلة وصولاً إلى حزب الله جنوب لبنان.
مقابل ذلك يساعد هذا الإعلان العنصري المتسم بازدواجية المعايير في التشريع للاحتلال الإسرائيلي التوسعي الذي يسعى لاهثاً لبسط نفوذه، والاندماج من خلال الاتفاقية الإبراهيمية في الوطن العربي المكبل بالقيود، والعالم الإسلامي المسلوب الإرادة، وإعطاء هذا الكيان العنصري الضوء الأخضر للعدوان والتصعيد تحت غطاء "حماية مصالحه” ولو أدى ذلك إلى الانتهاكات المفتوحة في الأقصى وقصف غزة وسلب الثروات الفلسطينية اللبنانية شرقي المتوسط مجاناً.
وتطرق الإعلان إلى أهمية بناء هيكل استراتيجي إقليمي تعاوني لتعميق علاقات "إسرائيل" وشركائها المطبعين ودمجها في المنطقة عبر اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية دعماً للجهود المبذولة ضد عدوّها اللدود، إيران، وسعياً لدعم ما يسمى ب"الدول العربية المعتدلة” في المنطقة، في إشارة إلى دول التطبيع على نحو الإمارات والبحرين.. وهو تطوير وتعميق للاتفاقيات الإبراهيمية قيد التنفيذ على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.
بالإضافة إلى ترسيخ التعاون الأمريكي الإسرائيلي، في إطار "موقف واضح وموحد ضد إيران وبرنامجها النووي”، وضمان تفوق "إسرائيل” في المنطقة ضد أعدائها.. ناهيك عن محاربة معاداة السامية ومحاولات مقاطعة "إسرائيل" وتأكيد حقها في الدفاع عن نفسها، ومحاربة كل من يتهمها بصورة غير نزيهة في أي هيئة إقليمية أو دولية، بمن فيها الأمم المتحدة أو المحكمة الجنائية الدولية” لسحب البساط من تحت أقدام من يسعى لتوريط الاحتلال الإسرائيلي في قضايا جنائية لدى محكمة لاهاي الدولية، وهذه قمة العنصرية.
وخلافاً للنهج الإسرائيلي في سلب حقوق الفلسطينيين وسلب أراضيهم وامتهانهم في وضح النهار واستمراء حقوقهم بسهولة ويسر، يعارض بايدن ولبيد حركة مقاطعة "إسرائيل" وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها من قبل حركات المقاطعة (BDS) الفاعلة، وخاصة أن هذه الحركات كبدت "إسرائيل "خسائر بمليارات الدولارات.. بذريعة انتهاكات "إسرائيل" لحقوق الشعب الفلسطيني.. وكأن أمريكا تعلن بأن "إسرائيل" ولاية أمريكية.. مع ان هذه الحركات تقع في غالبيتها خارج مناطق النفوذ الأمريكي وهي فاعلة ومؤثرة في الولايات المتحدة على نحو المقاطعة الكنسية للاستثمار في المستعمرات الإسرائيلية وخاصة أن كبار أعضاء الكنيسة المشيخية الأميركية والبروتسنتية صوتوا لصالح قرار سحب استثمارات الكنيسة في ثلاث شركات أميركية، تقول إنها مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ناهيك عن جامعات ومراكز أبحاث وغيرها مما يطول الحديث عنه.
وأبدى أعضاء أكبر الكنائس البروتستانتية على مدى أعوام قلقهم من احتمال تحقيق شركات أرباحا من أنشطة غير سلمية مثل هدم البوت وجرف الأراضي وتدمير مزارع الزيتون..
وتعهد بايدن أيضاً بتقديم الدعم العسكري لكيان الاحتلال الإسرائيلي بميزانية دفاعية ضخمة تصل إلى ثمانية وثلاثين مليار دولار على مدار السنوات القادمة يشمل ذلك دعم منظومة القبة الحديدية أو أية قوة صاروخية مساندة، وتعهدت أمريكا برصد ميزانية دعم طارئة حال تعرض كيان الاحتلال الإسرائيلي لمعركة عسكرية على غرار معركة "سيف القدس” في مايو 2021.. في إشارة لاحتمالية المواجهات المقبلة المفترضة بين إيران وأذرعها (محور المقاومة) والاحتلال الإسرائيلي على اعتبار أنها ستكون حرباً أمريكية ميدانية لا فكاك من خوضها.. هذا ما يستشف من تصريحات السيد حسن نصر الله يوم أمس رداً على زيارة جو بايدن هذه إلى "إسرائيل" عارضاً حمايتها بكل الوسائل والسبل.
هذا يعكس مبلغ الخوف والارتعاد الذي يعانيه الاحتلال في إطار رهاب المقاومة، ويدل أيضاً على أنه كيان عاجز غير قادر على حماية نفسه بدون أمريكا فيما يقع العرب في نفس الفخ صاغرين لا حول لهم ولا قوة.