الحمد لله والصلاة والسلام على سيدي رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإن الأيام تجري والسنين ويسير الزمان وتتغير الأحداث وتتسارع الساعات.
وفي كل عام ينصرم ويقبل بعده عام جديد تجدنا نلوم هذا العام، ونقول كان عام سوءٍ وخراب ودمار وضياع للأمة وهكذا... ونتمنى على العام الجديد أن يكون عام خير وبركة وسعادة وهناء وانتصار للأمة فما أن ينتهي هذا العام وينقضي وهو الذي كنا نعقد عليه الأمل الكبير في الأفضل والاحسن والأقوم والأرشد للأمة حتى نرشقه ونتهمه بأنه كان عام كذا وكذا...
أين تكمن المشكلة يا قوم أفي الأيام والزمان والسنين؟
أم في المكان؟
أم فينا نحن الذين نعيش في هذه الأزمنة والأوقات والأمكنة؟
نعم إن الخلل فينا نحن البشر فنحن من يجلب الدمار والخراب والفساد والضلال والفقر والقتل والتشريد والظلم والصغار والهوان...
وبوسعنا في نفس الوقت أن نأتي بالسعادة والاطمئنان والسكينة والرخاء والهناء والعزة والكرامة والأمن والأمان والاستقرار
وبوسعنا كذلك أن تسود بيننا المحبة والمودة والأخوة وحسن الجوار...
بدلاً من القطيعة والعداوة وسوء الجوار ...
وأما الزمان والاعوام والأيام والمكان ما هي إلا ظروف خلقها الله تعالى وسخرها لنعيش فيها ونبني كياننا وحضارتنا وحياتنا وأن نسكن الأرض ونعمرها
فلا علاقة لها بخير أو شر ولا سعادة ولا شقاء ولا بفقرٍ ولا غنى ولا غير ذلك...
ورحم الله الإمام الشافعي إذ قال:
نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا
وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا
وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ
وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا
وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ
وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عَيانا
نحن يا قوم لا نريد في كل عام هجري خاصة أو ميلادي أن نتبادل التهاني والتبريكات ونقيم المحافل والاحتفالات ونلقي قصائد الشعر والخطابات... بقدر ما نتبادل التعاون والتكاتف ونضع أيدينا بأيدي بعض وأن نشحذ الهمم ونوحد صف الأمة ونجمع الكلمة ولا نفترق وأن نتعاهد على نصرة دين الله ولا ندع فرصة لأعدائنا أن ينالوا منّا
علينا في بداية كل عام أن نراجع حساباتنا ومواقفنا ونرى ماذا حققنا للأمة من خير، وماذا جلبنا لها من منافع دينية واجتماعية وسياسية واقتصادية وعلمية... وماذا قدمنا لها من مواقف سيادية استقلالية...
أيها العام المرتحل بلا عودة ابداً لا لوم عليك ولكن يا اسفاه على من عاش فيك وأحدث وغير وبدل وأساء، ويا أيّها العام الجاري رويدك بمن فيك ليحققوا كل الخير للبشرية جمعاء لا سيما كل من وَحدَّ وقال: (لا إله إلا الله محمد رسول الله)
وكل عام وأنتم بخير
اللهم اجعله عام أمن وأمان وإيمان واطمئنان لنا ولجميع المسلمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً