سلطت صحف عالمية الضوء على آخر التطورات الميدانية للحرب الروسية الأوكرانية، وسط تقارير تتحدث عن مرحلة جديدة من القتال تتركز في جنوب البلاد، تزامنًا مع استعداد كييف لشن هجوم مضاد لاستعادة مدينة خيرسون الرئيسة هناك، كما تناولت الصحف تقارير أخرى تكشف أن الحرب في أوكرانيا قد تنتهي بـ"كارثة نووية".
جنوب أوكرانيا.. والمرحلة الحاسمة
لابيد يطالب الأمم المتحدة بحل لجنة تحقيق أممية
تصاعد التوترات على طول الحدود بين صربيا وكوسوفو
صحيفة ”وول ستريت جورنال" الأمريكية ألقت الضوء على مستجدات الأوضاع الميدانية في أوكرانيا، مشيرة إلى أن الحرب مع روسيا ”تدخل مرحلة جديدة" مع استعداد كييف لشن هجوم مضاد لاستعادة مدينة خيرسون الجنوبية.
وذكرت الصحيفة أنه بعد أشهر من تحقيق القوات الروسية مكاسب بطيئة ”مؤلمة" في شرق أوكرانيا، يتجه تركيز الحرب إلى الجنوب، حيث ستنتهي مرحلة حاسمة محتملة من الصراع.
وقالت الصحيفة إن خيرسون تعد هدفًا إستراتيجيًّا مهمًّا لأوكرانيا باعتبارها أكبر مركز سكاني يحتله الروس وأول مدينة تسقط، موضحة أن المدينة تعد ميناء مهمًّا اقتصاديًّا للأوكرانيين وأن استعادتها ستمنع القوات الروسية من الوصول إلى الساحل الجنوبي باتجاه أوديسا.
وتحت عنوان ”خيار روسيا الصعب"، نقلت الصحيفة الأمريكية عن ميك رايان، وهو إستراتيجي عسكري ولواء متقاعد في الجيش الأسترالي، قوله: إن الهجوم سيجبر موسكو على اتخاذ قرارات صعبة بشأن إبقاء القوات في منطقة دونباس الشرقية أو نقلها جنوبًا لحماية خيرسون.
ورأى رايان في حديثه مع ”الجورنال" أنه إذا استعاد الأوكرانيون المدينة، فقد يكونون في وضع يسمح لهم بتهديد القاعدة البحرية الروسية الرئيسة في البحر الأسود في سيفاستوبول، معتبرًا في الوقت نفسه أن الجهود الأوكرانية لاستعادة السيطرة على خيرسون تمثل تطورًا مهمًّا في الصراع، ووصفها بأنها ”نقطة تحول".
في غضون ذلك، أكد محللون عسكريون أن الهجمات العسكرية تُعد أكثر صعوبة من العمليات الدفاعية، محذرين من أن أوكرانيا لا ينبغي لها الاندفاع إلى القتال في الجنوب لأنه يجب أن تستمر في كبح التقدم الروسي في الشرق.
لكنهم أشاروا في الوقت نفسه، وفقًا للصحيفة، إلى أن إثبات كييف قدرتها على استعادة الأرض في الجنوب سيوفر انتصارًا مهمًّا للروح المعنوية الأوكرانية ويظهر لحلفائها – خاصة أولئك الموجودين في أوروبا حيث تواجه القارة شتاءً صعبًا مع نقص محتمل في الطاقة – أن دعمهم يؤتي ثماره على الأرض.
وأضاف المحللون: ”إذا فشلت مساعي أوكرانيا لطرد الروس من خيرسون، فقد يؤدي ذلك إلى إضعاف الدعم لكييف في بعض العواصم الغربية، وقد يؤدي ذلك إلى مزيد من الدعوات للتوصل إلى تسوية تفاوضية، لا سيما من أجزاء من أوروبا الغربية التي تواجه تدفقات منخفضة من الغاز الروسي".
واعتبرت الصحيفة أن المرحلة المقبلة من الحرب ستكون مختلفة عن المرحلة الأولى، عندما شنت موسكو ”هجومًا فاشلًا" لضرب كييف والإطاحة بحكومة الرئيس، فولوديمير زيلينسكي؛ والثانية التي تمركزت في الشرق وأسفرت عن تفوق روسي كاسح.
وفي هذا السياق، أشار المحللون العسكريون في حديثهم مع ”الجورنال" إلى أن هذه المرحلة لن تعتمد على المدفعية وحدها، قائلين: ”بالرغم من أن نظام هيمارس الأمريكي يشل قدرة روسيا على القيام بعمليات هجومية، لكنه لن يجبر الروس على مغادرة أوكرانيا. لذلك، كييف بحاجة إلى قوة بشرية ودروع".
وأضافوا: ”على الرغم من كل العتاد الذي قدمه الغرب لأوكرانيا، فمن المحتمل أنها لا تزال تفتقر إلى المعدات والقوات المدربة لاستعادة الأرض بنجاح وبسرعة".
وشكك المحللون في قدرة القوات الأوكرانية على السيطرة على الأرض في الشرق، حيث تتمركز القوات الروسية جيدًا، لكنهم أشاروا إلى أن الأوكرانيين يمكنهم القيام بذلك حول خيرسون أو مناطق أخرى في الجنوب، قائلين: ”عليهم التأكد من أن الروس لا يستطيعون تعزيز قواتهم من منطقة أخرى".
حذرت مجلة ”ناشيونال إنترست" الأمريكية من أن الحرب الروسية الأوكرانية قد تنتهي بما وصفته بـ"الكارثة النووية"، سواء كانت مقصودة أو غير ذلك، حيث تدفع أهداف الحرب الموسعة روسيا إلى حافة الهاوية.
وقالت المجلة إنه على الرغم من أن طرفي النزاع قد عدلا أهدافهما من الحرب، إلا أن الدعم العسكري لحلفاء أوكرانيا، وخاصة الولايات المتحدة، قد يدفع كييف إلى مطالبات أكثر طموحًا لإنهاء القتال على أراضيها.
وأضافت المجلة- في تحليل إخباري نشرته عبر موقعها الإلكتروني– أن الأهداف الإستراتيجية للولايات المتحدة في أوكرانيا هي أيضًا محض تساؤل، حيث صرح وزير الدفاع، لويد أوستن، بأن بلاده لا تريد فقط لأوكرانيا أن تظل دولة ذات سيادة وديمقراطية، ولكن أيضًا ”أن ترى روسيا ضعيفة".
وتابعت المجلة: ”وعدت رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، بأن الولايات المتحدة ستدعم أوكرانيا حتى تنتهي المعركة. وكرر الرئيس، جو بايدن، هذه النقطة، مشيرًا إلى أن واشنطن ستستمر في الدعم حتى لا تتمكن روسيا من هزيمة أوكرانيا وتجاوزها".
وأردفت: ”في المقابل، يناقش المحللون والمسؤولون العسكريون كيف يجب أن يكون (الدعم الأمريكي الطموح) لأوكرانيا. أكد البعض الاختلافات في المصالح الأمريكية والأوكرانية، وشجعوا المزيد من الأهداف المحدودة.. نقطة الخلاف الأساسية بين هذين المعسكرين هي الاحتمالية المتصورة للتصعيد النووي".
واستطردت: ”في حين أن أولئك الذين يدافعون عن أهداف محدودة يميلون إلى القلق بشأن احتمال التصعيد عبر العتبة النووية، يرى المحللون المؤيدون لزيادة الدعم لأوكرانيا أن تكاليف الامتيازات أكثر خطورة من المواجهة ويميلون إلى اعتبار احتمال التصعيد ضئيلًا".
ورأت المجلة أن احتمالية الاستخدام النووي في أوكرانيا قد تكون منخفضة، ”لكنها ليست صفرية"، معتبرة أن المحللين الذين يتجاهلون احتمال حدوث تصعيد نووي، يبالغون إلى حد كبير في تبسيط المسارات العديدة التي يمكن أن تؤدي إلى الاستخدام النووي، سواء كان ذلك بشكل هادف أو غير مقصود.
وفي هذا السياق، أشارت المجلة إلى المعسكر الأول، وقالت إنه يعزي عدم لجوء روسيا لاستخدام الأسلحة النووية إلى الآثار التدميرية الهائلة للأسلحة النووية والمحرمات الواضحة ضد استخدامها، ويؤكد بشكل حاسم أن ”الانتقام الاستثنائي والعار العالمي سيتبع روسيا".
وعن مسارات التصعيد غير المقصود، قالت المجلة في تحليلها: ”من المرجح أن يفكر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في استخدام الأسلحة النووية إذا واجه هزيمة إستراتيجية مدمرة أو تهديدًا وجوديًّا لنظامه".
وأضافت: ”يجادل المتشككون في مخاوف التصعيد بأن الأسلحة النووية لن تلعب دورًا طالما تتجنب الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) الخطوط الحمراء لروسيا، بما في ذلك الهجمات المباشرة على القوات الروسية ونشر القوات في الأراضي الأوكرانية".
وأوضحت: ”تفسر المخاطر المرتبطة بتجاوز هذه الخطوط الحمراء سبب رفض صانعي السياسة الأمريكيين المقترحات الخاصة بمنطقة حظر طيران فوق أوكرانيا؛ ما كان سيتطلب من القوات الغربية استهداف الجيش الروسي بشكل مباشر لفرض هذه السياسة".
واختتمت ”ناشيونال إنترست" تحليلها بالقول: ”إن تجنب الاشتباك المباشر مع القوات الروسية غير كافٍ لضمان عدم استخدام الأسلحة النووية. إن الاستخدام النووي ليس مجرد مفتاح تشغيل وإيقاف، وعملية إعداد الأسلحة النووية للاستخدام المحتمل تنطوي على مخاطر الاستخدام النووي غير المقصود. إن مجرد الاقتراب من الخطوط الحمراء لروسيا – حتى دون تجاوزها – يزيد من احتمالية الاستخدام النووي".