حديثة علي عبد الله الخريشا كان شيخا من مشائخ القبائل في الأردن في القرن التاسع عشر والعشرين الميلاديين، حديثة كان أحد شيخين أساسيين لقبيلة بني صخر والتي يمكن القول أنها كانت أقوى قبيلة في الأردن، كان الشيخ حديثة شيخ الفرع الشمالي من بني صخر المعروف باسم «الكعابنة» ، كان معروفا في جميع أنحاء البلاد العربية بحكمته وفروسيته، ولعب دورا هاما في بناء الدولة الأردنية الحديثة ووتشكيلها، تميز الشيخ بشخصية قائمة على الفطرة السوية منها الحلم والكياسة وكان صاحب رأي ومشورة. تميز الشيخ بالإتزان في الأقوال والأفعال والتريث قبل إعطاء أي حكم. اشتهر الشيخ بكرم الطباع وكان جواداً كريماً سخياً معطاءً، وحبه لمساعدة الغير وحسن الضيافة وكان يستقبل كل محتاج ومظلوم هارب بتوفير الطعام والمسكن والأمان، ضمن فعاليات مهرجان الفحيص، أقيمت ندوة تكريمية لشخصية المهرجان، الراحل حديثة علي عبدالله الخريشا، تحدث في الندوة، الأستاذ محمد داودية، ومجحم الخريشا، والدكتور أمين مشاقبة، في المتحف الكنسي بالفحيص.
أفتتح الدكتور امين المشاقبة، الندوة، وقال : نحن في هذا المساء الفحيصي الجميل، نلتقي لتكريم شخصية وطنية بارزة من رجالات الاردن والبناة الاوائل لنلق نبذة عن حياة الشخ المجاهد حديثة الخريشا، هو شيخ عشيرة الكعابنة من بني صخر، نشأ على حسن الخلق والأدب ، إرتحل من بلاد الشام والعراق وسوريا بعشيرته، إمتزت شخصيته بالحلم والحكمة والشجاعة وهو ذو كياسة وصاحب رأي ومشورة بعيدا عن الإنفعال وتميز بالهدوء الذي يصحبه توقد الذكاء ، جوادا كريما لدرجة السخاء دون منة ونجدت المحتاج ، لم يبخل على احد بالمال حتى في سنوات المحل والقحط، وكان مضربا للمثل في ارداء المنطقة وفي قدرته الفذة في حماية احرار العرب من الظلم والاضطهاد ومدافعا عن حياض الوطن، من البناة الاوائل اشترك في معارك عدة، مثلما عمل ضد الحكم العثماني في صفوف الشريف الحسين بن علي وساهم في ثلاثينات القرن الماضي في بناء قرية الازرق وسجن بسبب معارضته للحكم العثماني،
كما كان من أول المتطوعين لنصرة فلسطين وساهم بدعم الثورة الفلسطينية بالسلاح عندما ارسل له شخصيات من فلسطين للماندة والدعم منهم الحاج امين الحسيني وامين الغوري، وقام بإرسال سيارة مجهزة بالسلام والذخيرة والمال، وقال المشاقبة يمكن لهذه الابيات الشعرية التي قالها الخريشا أن تلخص موقفه من القضية الفلسطينية، وهي :" يا غوري ويا بحر الدين عيدو مال الحج أمين، وهذه بقية الليرات منا هدية لفلسطين.
وقال محمد داودية رئيس مجلس ادارة جريدة الدستور: إن أهم ما في هذا المهرجان هو أن يلتفت الى هذا ازعيم الاستثنائي والنادر، ونحن هنا اليوم لنعدد اهم مزايا وسجايا هذا الزعيم، وابراز العمق التاريخي للشخصيات الاردنية التي تجمعنا بالذكر، وذكر الخريشا هو جمال، وهو الذي اورثنا ذكر طيب نجتمع عليه، والخريشا هو من آوى ثوار العرب من سوريا ولبنان وفلسطين، ومن ضمنهم شكري القوتلي الذي اصبح فيما بعد رئيس سوريا، حيث كانت هذه البلاد واحدة لا حدود تفصلها وكذلك كانت قيادتها ورجالاتها، على قلب رجل واحدوبيت واحد، كما انه شارك في كل احزاب وانتفاضات ومواجهات الامة وابرز ما شارك فيه دحر الدعوة الوهابية وانتشارها وتوسعتها والتي انطلقت من السعودية والذين حاولوا الامتداد بها الى جنوب الاردن، لكن الخريشا جمع العشيرة والقبائل حوله وتصدى لهم من عشيرة بني صخر وعشائ البلقاء وبني حميدة والعجارمة والعدوان هذه العشائر العظيمة والتي علينا ان نحافظ على امتداحها وذكرها الطيب، واكد داوديه، على أن الخريشا ليس مجرد شيخ عشيرو بل هو زعيم عظيم من هذه الارض العربية العظيمة فارس مقدام مقاتل ضد الاستعمار البريطاني والفرنسي والتركي .
من جهته، تحدث جمال حديثة الخرشا، نجل الرحل، عن حياتهم الأسرية حيث كانت معيشتهم تشبه حياة الاردنيين في ذاك الوقت من حيث كرم الضيافة والنخوة وقضاء حوائج الناس، مشيرا الى أن الشيخ حديثة كان أكثر مايفرحه قدوم الضيف وكان موقعة بمنطقة الموقر، واستذكر قدوم الوفود من منطقة نجد متجهين الى فلسطين، حين كان يأويهم ويهتم بهم طوال فترة مكوثهم في منازلهم، مجددا اعتزازه بوالده كواحد من الأردنيين الأوفياء للوطن والنظام.
من جهته، قال الوزير الأسبق مجحم الخريشا، إن الشيخ حديثة كان من المهتمين بالقضية الفلسطينية ومتابعة اخبار المناضلين واستقبالهم ودعمهم بالرجال، مضيفا أن والده كان يولي الجانب الانساني أهمية كبيرة بحرصه على أن لاتراق نقطة دم واحدة بين أبناء العشائر الاردنية حفاظا على اللحمة الوطنية.
وبين حفيده الشيخ ماجد علي حديثة الخريشا إن ما وصلنا ممن عاصروه بأن جده كان رجلا بمنتهى التقوى وصاحب دين حريص على اتفاق أبناء العشائر وابتعادهم عن الاقتتال فيما بينهم، حتى أنه كان بتدخل للإصلاح وحل قضايا في الجزيرة العربية.
وختمت الامسية بتكريم شخصية المهرجان لهذة الدورة والمشاركين في الندوة من قبل ادارة المهرجان.