قبل ايام ملأ مراهق الحي ضجيجا وازعاجا لاستمالة فتاة تقيم هناك في البناية الخامسة.
بعث لها بلا انقاع برسائل غنائية مكثفة اخترقت آذاننا عبر مكبر الصوت منذ ان ارخى الليل علينا سدوله وحتى مطلع الفجر.
لقد سرق الازعر من الحي كامل حصته من النوم معتقدا انه يطارحها الغرام.
يبدو انها أتت حديثا للاقامة هنا، او انه اكتشف وجودها تلك الليلة البائسة حسب ما اشارت اليه المعلومات الاولية الآتيه من الجوار .
ماذا سأفعل!.
عندما عجزت عن مباشرة النوم وطار النعاس من عيني قررت النهوض على سبيل مطارحة الارق لاجراء مراقبة حثيثة لسلوك الشقيين معا ، وجمع اكبر قدر من المعلومات بغية التوصل لماهية العلاقة بينهما، ومعرفة الهدف من هدف الازعاج الممتد، فأنا في اول الامر لم اكن اعرف السبب، وكنت استغرب ذلك الانتهاك الصارخ لحقوق الجوار.
أجرى امامي محاولات بدائية خاطفة لم تخل من الميوعة لاستمالتها او للدقه للفت انتباهها بددت سكون الليل، وبائت بالفشل بطبيعة الحال، وفي الاثناء تمكنت من رصد موقعها ومعرفة احداثياتها بالضبط.
لكن اكثر ما ازعجني وزاد من ارقي ذلك الاستماع الاجباري لأغنية (احمد الشبشب ضاع)للفاضلة سما المصري، التي منحتها امانة عمان الكبرى ذات عام جائزة الأم المثالية ، الى جانب اغنية محمد رمضان (طنطن طنطن بعض الاصابات عالمزيكا نشقلبها)، لقد وضع الاخيرة (الطنطن) طوال الليل وحتى اول الجزء الاول من النهار.
تمكنت من رصد موقعها بشكل اكثر وضوحا من خلال ترددها على شرفة البيت، فكان يظهر حين تظهر، ويختفي حين تختفي، كانت تعترية نوبة جنون صاخب ان ظهرت، يلوح بيدية في الافق، يضاعف صوت الاغنية، يتحرك بخفة ذات اليمين وذات الشمال. في احيان قليلة كان يصفر بفمه صافرة متقطعة عل وعسى تلتفت اليه.
عندما لاح الصباح ظهرت للمرة الاخيره، فرفع صوت الاغنية زيادة عن المعتاد، عند ذلك شاهدت الأم تنقض عليه، تخطفه الى الداخل من شرفة البيت، امسكت بناصيته اولا، ثم احكمت قبضتها على أذنه اليمنى ، كانت غاضبة، وتشتمة بعمق وفي حالة قصوى من الهياج، وطبقت عليه قواعد الاشتباك، صفعت مؤخرة رقبته بقوة مرتين، صرخ عاليا ولم يقاوم، اظن انها ضربتة شلوت على قفاه على مرأي من المعشوقة التي لم تنتبه الا حين صرخ.
بدوري سعدت بهذا المشهد وبما آلت اليه اوضاع العاشق المبتديء، وانا ممتن للأم، ذلك انني كنت سأقوم بارتكاب نفس الفعل لو أني تمكنت منه.
هذه حقيقة أولى مؤكده توصلت اليها من خلال جمع المعلومات، وهناك حقيقتان اضافيتان هما، ان الولد رسب في التوجيهي في اليوم التالي عندما اعلنت النتائج بعد عملية الازعاج بيوم واحد. وان الفتاه لم تكن تعرف ما الحكاية كلها. وانها سمعت في اليوم التالي ان مراهقا ما ازعج الحي ليلا، وتعرض على اثر ذلك لعملية ضرب، وانه رسب، وكان ذلك بالنسبة لها كل ما الامر، وكهذا استحق ذاك المراهق الهزيمة في غزوته الغرامية الاولى.