مع دخول حرب أوكرانيا شهرها السابع أعرب عدد كبير من السياسيين والخبراء عن مخاوفهم من فشل العقوبات ضد روسيا في تحقيق الأثر المنشود.
وقالت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية إن العقوبات الغربية فشلت في تدمير الاقتصاد الروسي، وإن فائض التجارة الخارجية الروسية سجل مستوى قياسيا، والروبل أظهر استقرارا يحسد عليه.
وأوردت المجلة تصريحات رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الشهر الماضي، التي قال فيها إن استراتيجية عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا قد فشلت، مؤكدا أن "هناك حاجة إلى استراتيجية جديدة تركز على محادثات السلام وصياغة مقترح سلام جيد.. بدلاً من كسب الحرب".
وقال أوربان إن استراتيجية الغرب تقوم على أربع ركائز، أن أوكرانيا قادرة على الفوز في الحرب ضد روسيا بدعم من حلف شمال الأطلسي، وأن العقوبات ستضر روسيا أكثر من أوروبا، وأن بقية العالم سيدعم الإجراءات العقابية الغربية ضد روسيا، وأن العقوبات سوف تضعف روسيا بشكل خطير، لكن الواضح أننا نجلس في سيارة بها ثقب في الإطارات الأربعة (في إشارة إلى استراتيجية الغرب)، مضيفا أنه "بات من الواضح تماما أنه لا يمكن كسب الحرب بهذه الطريقة".
وأشارت إلى أن فائض التجارة الخارجية الروسية بلغ في الربع الثاني من هذا العام مستوى قياسيا، وسجل 70.1 مليار دولار.
وأضافت المجلة أن الروبل أظهر استقرارا يُحسد عليه، بعد أن تدهورت قيمته مقابل اليورو سنة 2015.
وأوضحت أن هذا النجاح الذي حققه الاقتصاد الروسي كان بفضل ارتفاع أسعار السلع، وقدرة روسيا على تصدير النفط والغاز والحبوب والذهب.
في المقابل واجهت الدول الأوروبية مشكلة مزدوجة بعد فرضها العقوبات على روسيا، فهي تشكو عجزا في الطاقة، بسبب انخفاض الإمدادات من روسيا، بدوره أدى ارتفاع أسعار الطاقة إلى التضخم.
وأكدت المجلة أن القيود المفروضة على روسيا تجلب مشاكل للعالم بأسره، أكثر مما تجلبه لروسيا نفسها.
وأشارت إلى أن التحدي الأكبر بعيد المدى لحملة الغرب للضغط على روسيا بسبب أوكرانيا هو أن القوى الاقتصادية العظمى في العالم لم ترفض فقط الانضمام إلى نظام العقوبات الذي تقوده واشنطن، بل استمرت في تعميق علاقاتها التجارية والمالية معها. فقد كثفت كل من الهند والصين وتيرة وارداتهما من الطاقة من روسيا خلال نصف العام الماضي.
ويرى الخبراء أن آثار العقوبات على روسيا قد تستغرق سنوات لتظهر بشكل كامل، وحتى في هذه الحالة فليس هناك ما يضمن حدوث الركود الاقتصادي على نطاق كافٍ لتجويع آلة حرب الكرملين، أو إحداث تغييرات إيجابية ذات مغزى في السياسة الخارجية لروسيا.
ووفقا للمجلة فإن موسكو تعتقد، بدافع من اقتناعها، بأن مصالحها الوجودية تتوقف على الانتصار في أوكرانيا، وأن بإمكانها الصمود أكثر من الغرب اقتصاديا، وفي ساحة المعركة فقد تمكنت روسيا حتى الآن إلى حد كبير من تخفيف آلام العقوبات وتحول استراتيجيتها في أوكرانيا من محاولة الاستيلاء بسرعة على المدن الكبرى إلى نزيف القوات الأوكرانية البيضاء في حرب استنزاف طاحنة.
في غضون ذلك، يعاني المستهلكون الأوروبيون من ارتفاع فواتير التدفئة والكهرباء، حيث يتدافع المسؤولون لاحتواء أزمة الطاقة التي أطلقها ما وصفه الخبراء بخطة الاتحاد الأوروبي سيئة التصميم لخفض الاعتماد على واردات الطاقة الروسية.
ومع تأرجح ألمانيا على شفا الركود أعادت التحديات الاقتصادية المتزايدة في أوروبا إشعال المخاوف من خروج دول الاتحاد الأوروبي من نظام العقوبات الغربية، حتى قبل أن تهدد شركة الطاقة الروسية العملاقة غازبروم رسميا بقطع إمداداتها عن العملاء الأوروبيين.
وقد أظهرت استطلاعات الرأي أن غالبية الأوروبيين -بما في ذلك 49% من الألمان- يفضلون السياسات التي تقود إلى تسوية تفاوضية بدلاً من هزيمة روسيا.
ومع استمرار الحرب في ظل عدم وجود نهاية تلوح في الأفق، فإن هذه الاتجاهات المتنامية تخاطر بتقسيم الجبهة المتحدة للغرب على أوكرانيا، في وقت أقرب من تمكن نظام العقوبات من إلحاق خسائر فادحة بالاقتصاد الروسي. وكالات